النجاح الإخباري - تبدو العلاقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أسوأ أحوالها هذه الأيام؛ وما كان يدور بينهما في السر من خلافات من قبل، بات الآن يتحدث به الاثنان على الملأ وأمام وسائل الإعلام.

وشن نتنياهو أمس الأحد هجوما غير مسبوق على بايدن وقال في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية "بهذه السرعة فقدتم ضميركم الأخلاقي، وتدفعون نحو إجراء انتخابات لوقف الحرب؟".

توتر العلاقات بين الاثنين ليس بجديد؛ فبعد الانتخابات الإسرائيلية التي فاز فيها نتنياهو وشكل حكومته الحالية في نوفمبر تشرين الثاني 2022، لم يدعُ الرئيس الأميركي رئيس وزراء إسرائيل إلى البيت الأبيض، ولام بايدن إسرائيل وظل يطالبها بحكومة أقل تطرفا.

إلا أن هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول وما تلاه من حرب على قطاع غزة دفع بالإدارة الأميركية لإعلان دعم غير مسبوق لإسرائيل. هدأت الخلافات مؤقتا، وزار بايدن إسرائيل وافتتح مسارا دبلوماسيا بين الجانبين لم ينقطع.

وما لبثت الخلافات أن تكشفت بعد الاحتجاجات التي شهدتها إسرائيل ضد مشاريع قوانين لإقرار تعديلات قضائية تحد من صلاحيات المحكمة العليا، وكان حينها الرئيس الأميركي يدعو إلى التوصل لاتفاق مع المعارضة بهذا الخصوص.

وتعزز الخلاف بعد أن ضم نتنياهو لحكومته وزراء من أقصى اليمين المتطرف مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

إلى أن أتى التصعيد الأخير بين نتنياهو وبايدن في أعقاب تأييد الرئيس الأميركي خطاب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي دعا لإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل وانتقد سلوك نتنياهو.

* نتنياهو وشومر

هاجم شومر رئيس الوزراء الإسرائيلي ودعا إلى إجراء انتخابات جديدة في كلمة ألقاها في قاعة مجلس الشيوخ حول الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقال شومر إن نتنياهو "ضل طريقه بتفضيل مواقفه السياسية، وآثر البقاء في الحكم على حساب مصالح إسرائيل". وحظي موقف شومر بدعم بايدن الذي قال إن الخطاب الذي ألقاه كان جيدا وعبَّر فيه عن مخاوف جدية تراود الكثيرين.

وما كان من نتنياهو إلا أن انتقد هذه التصريحات ووصفها بأنها "غير مناسبة على الإطلاق". وأضاف في حديث  لشبكة تلفزيون (سي.إن.إن) أن إجراء الانتخابات في إسرائيل هو أمر يخص الإسرائيليين والحكومة الإسرائيلية.

ومضى قائلا إنه من غير المناسب الحديث عن "نظام ديمقراطي في دولة شقيقة ومحاولة استبدال القيادة المنتخبة" بها. وردا على سؤال عما إذا كان سيجري انتخابات قال "سنرى متى ننتصر في الحرب".

وأضاف "إذا أجرينا انتخابات الآن قبل تحقيق النصر في الحرب، ستكون لدينا حالة شلل على المستوى الوطني لستة أشهر على الأقل، مما يعني أن نخسر الحرب".

وانضم أيضا للهجوم على خطاب شومر حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو. وقال الحزب وفق ما نقلته عنه هيئة البث الإسرائيلية "إسرائيل ليست جمهورية موز، بل ديمقراطية مستقلة انتخبت نتنياهو رئيسا للوزراء؛ ورئيس الوزراء نتنياهو يقود سياسة حازمة تحظى بدعم أغلبية كبيرة من الشعب". 

وكان نتنياهو قد انتقد الكثير من المواقف الدولية في كلمته في مستهل جلسة الحكومة أمس الأحد وقال "الضغوط الدولية ضد إسرائيل تتزايد. وهناك في المجتمع الدولي من يحاول وقف الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها".

وأضاف "إنهم يفعلون ذلك من خلال توجيه اتهامات كاذبة للجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية ورئيس وزراء إسرائيل، ومن خلال محاولة إجراء انتخابات الآن في منتصف الحرب".  

وتابع "لأصدقائنا في المجتمع الدولي أقول: ذاكرتكم قصيرة جدا. هل نسيتم بهذه السرعة يوم 7 أكتوبر، أفظع مذبحة ارتكبت ضد اليهود منذ المحرقة؟ هل أنتم مستعدون لإنكار إسرائيل وحق الدفاع عن نفسها ضد وحوش حماس؟ هل فقدتم ضميركم الأخلاقي بهذه السرعة؟". 

واستطرد "بدلا من الضغط على إسرائيل التي تخوض حربا غير عادلة، حوّلوا ضغوطكم إلى حماس وراعيتها إيران. سنقف في جميع الأحوال في وجه كل الضغوط". 

وردا على كلام رئيس الوزراء، كتب زعيم المعارضة يائير لابيد على منصة إكس "يا نتنياهو، ذاكرتنا ليست قصيرة، نتذكر مَن بنى حماس وموّلها، نتذكر من كان رئيسا للوزراء في 7 أكتوبر، نتذكر أننا معك سنخسر الحرب ولن نُعيد المختطفين".

* لم يعد سرا

في الأسبوع الماضي، أجرت شبكة (إم.إس.إن.بي.سي) الأميركية مقابلة مع بايدن أكد فيها أنه "لن يتوقف أبدا عن الدعم العسكري لإسرائيل"، لكنه أضاف أن هناك في الوقت نفسه أيضا "خطا أحمر". وأضاف "نتنياهو يؤذي إسرائيل أكثر مما يساعدها، ويقلب العالم ضدها". 

وقال رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات (مسارات) هاني المصري إن الخلافات بين الإدارة الأميركية ونتنياهو لم تعد سرية.

وأشار في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إلى أن نتنياهو يبحث عن التصعيد بأي شكل من الأشكال من خلال الميدان لضمان تمسكه بالحكم وعدم إجراء انتخابات مبكرة.

ويرى المصري أن نتنياهو لا يريد حاليا التوصل لأي صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، وأنه سيلجأ إلى كل العراقيل الممكنة من أجل منع إتمام الصفقة التي ستنهي مستقبله السياسي.

قال "نتنياهو يريد صفقة مذلة لحركة حماس تقوده إلى صورة النصر الذي يبحث عنه، ومن دون ذلك سيواصل وضع العراقيل".

غير أنه رغم التصريحات التي تصدر بشأن الخلافات، لا تزال الإدارة الأميركية تزال تتعامل مع نتنياهو بصفته رئيس وزراء منتخبا ويحظى بالأغلبية في الكنيست، وبالتالي تتجنب المواجهة معه، حسبما قال المصري.

وتحدث أيضا في هذا الصدد الباحث في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، وقال لوكالة أنباء العالم العربي إن نتنياهو وصل إلى مفترق طرق بشأن صفقة تبادل المحتجزين.

وأشار منصور إلى أن الولايات المتحدة نفسها أشادت بما عرضته حركة حماس في الآونة الأخيرة للتوصل لصفقة تبادل مع إسرائيل، "وهو أمر لا يُرضي نتنياهو بأي حال".

وقال إن التقدم في المفاوضات يجعل نتنياهو "يذهب إلى التصعيد سواء سياسيا أو ميدانيا".