نرمين نزال - بمشاركة منال الزعبي - النجاح الإخباري - لكلّ بلد عربية وجبة تقليدية شعبية، تميزها عن غيرها من البلدان، يمكن تناولها في أي وقت، بوجود مناسبة أو دون مناسبة حتى، ولكن هناك بعض الأكلات التي تتفق الكثير من البلاد العربية على شعبيتها، وتعدُّ أكلة مشتركة في أكثر من دولة محيطة بنا، من أهمها المنسف.

يعدُّ المنسف من أشهر وجبات بادية الشام والأردن وفلسطين، كما يعتبر عنوانًا لتعميق الروابط الأسرية والاجتماعية وإكرام الضيف، فقال الأجداد: "إذا بدك تكرم ضيفك غديه منسف".

رغم  تسارع الحياة وانتشار الوجبات السريعة و المطاعم، إلا أنَّ المنسف لا زال يحتفظ بمكانته على عرش المائدة، وسيّد المناسبات والأعراس والعزائم، فالمجتمعات الفلسطينية تقدّس هذه الوجبة، وأكَّدت الحاجَّة مريم دماطي، البالغة من العمر (99) عامًا، على أنَّ المنسف من الأكلات المفضلة والأكثر شعبية، يحبه الكبار والصغار، واندرج ضمن قائمة العادات والتقاليد، في أوَّل يوم في رمضان تجد أغلب أهل البلد يشتركون به كأكله موحّدة تطبيقًا لمقولة: "أوَّل رمضان يا أبيض يا أخضر" فالجميع يميل للأبيض، وفي المآتم أيضًا، أمست عادة دارجة منذ زمن الأجداد، اليوم الثالث في بيت الأجر، يعدُّ الغداء عن روح المتوفى، ولفته للوقوف بجانب أهله.

رغم أنَّها أكلة واحدة، وبمسمى واحد، إلى أنَّ طقوس إعداده وتقديمه تختلف من منطقة للأخرى، منهم من يستخدم الجميد، أو البن الرائب، وهناك من يقدمه بلحم الضأن وآخرون يقدمونه بلحم الدجاج والأرز، وخبز شراك.

أضافة الحاجة دماطي: "كيف ما طبختوه بطلع طيب" ، وفي الغالب يتم إعداده بالبن الرائب ومرقة اللحم، ونادرا ما يستخدم الجميد، فهو بحاجة لمعدة جبارة  نظرًا لدسامته، وهو ما يفضله أهل الخليل والأردن.

لكن تبقى الفكرة الأساسية في عمل المنسف، هي استخدام لبن الجميد في طبخ اللحم، وقد يخلط معه اللبن الرائب، ويضاف السمن البلدي للأرز المفلفل، ويقدَّم في طبق كبير يوجد بأسفله رغيف من خبز الشراك، يوضع عليه الأرز ومن ثمَّ اللحم ويزين باللوز والصنوبر والبقدونس المفروم ويغطى بخبز الشراك أيضًا.

مش على قد المنسف لا تتفلسف..

ولأنَّه الطبق الرئيس في المملكة الأردنية، فهناك أدبيات متداولة لتناول المنسف قد يجهلها المغتربون، ومن أهم هذه القواعد، استخدام يداً واحدةً فقط دون الاستعانة بأي أده، والثانية تثنى خلف الضهر، و إتقان فن تكوير الأرز مع الجميد واللحم، وتجنب لعق الأصابع قبل تكوير الأرز ودفع كرة اللحم و الأرز مباشرة في الفم دون لمس الأصابع باللسان، ويجب على الضيف عدم الاقتراب من رأس الذبيحة، حتى يأذن صاحب المائدة لهم. 

 

وحديثًا لجأ العديد من المطاعم، لتقديم وجبات المنسف بطرق حديثة ملفته، تدفع جميع الوافدين لتجربتها، من هنا يستمر الحفاظ على هوية وشعبية هذه الأكلة، وحمايتها من الطمس مع تطوّر الأكلات التي تقدّمها المطاعم، فهي تلاقي إقبال كبير من جميع شرائح المجتمع، دون تردد.

ونذكر أنَّ بعض الأكلات الفسطينية الشعبية لا زالت تحافظ على مكانتها، بل واكبت روح العصر ونافست الأطباق العالمية، والبعض منها اندثر ذكره وغاب مذاقه على مر السنوات، حتى افتقدته المائدة الفلسطينية.