غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - عبر مواطنون في غزة عن استيائهم وبغضهم للظواهر العكسية والسلبية التي أصبحت تُرى وبكثرة ، فقد انتشرت ظاهرة بناء المساجد الفارهة في قطاع محاصر يعاني كل أنواع الظلم والفقر والاحتياج، حيث شيدت مؤخرا مساجد تضم عدة طوابق ذات تصاميم هندسية ومعمارية مبالغ فيها وهو أمر يضع علامات استفهام كثيرة من قبل المواطنين عن جدوى انفاق ملايين الدولارات لبناء هذه المساجد مع وجود آلاف العائلات الغزية الفقيرة والمحتاجة.

رأي الدين في هذه الظاهرة

نوه رجال الدين مراراً  وعبر وسائل الاعلام المختلفة في الآونة الأخيرة، وقالوا بأن الاسراف في زخرفة وبناء المساجد صفة مذمومة، ومن علامات الساعة التي نهى عنها الاسلام في أحاديث ومواضع كثيرة، فالمساجد تعمر بطاعة الله وعبادته، ويجب أن يكون موازنة وتواضع في بناء المساجد وألا تخرج عن نطاق المألوف.

ومع أن الأصل في الاسلام البساطة وعدم الغلو في الدين حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مسند لابن عباس:" ما أمرت بتشييد المساجد "،اي بطلانها، فان مساجدنا اليوم يتفاخر القائمون عليها بزخرفتها وتكلفتها الباهظة حتى بات الشعب الفلسطيني ينتظر أن تقوم الساعة تصديقا لقوله تعالى :" لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد".

الامتعاض وصل على أشده بين المواطن الغزي وهو يرى بيوت الله تشيد بملايين الدولارات بينما بيوت الفقراء لا تحميهم من برد الشتاء ولا من حرارة الصيف.

والغريب أن تلك المساجد الفارهة والتي كلفت ملايين الدولارات تكون بجانب المخيمات الفقيرة والمدمرة

من جهة أخرى تحدث  د. خضر محجز الكاتب والمفكر الفلسطيني  مع النجاح الاخباري عن هذه الظاهرة ، حيث أوضح أن مساجد قطاع غزة هي مساجد زائدة عن الحاجة، وأنه لا أحد في القطاع كاره لهذا الدين، المجتمع الفلسطيني متدين بطبعه وبفطرته.

وأشار أن عدد المساجد أصبح كبيراً جداً، وأكثر من حاجة الناس لها، في المقابل حاجة الناس وخصوصا الفقراء تنصب نحو الانفاق عليهم ومساعدتهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.

وأكد محجز أن هذا نوع من الاسراف والتبذير، موجها اللوم على الجهات المانحة والمتبرعة لبناء مستشفيات ومدارس ومتنزهات عمومية،  بدل اسرافهم للمال في شكليات نهى عنها الاسلام وغزة أيضا في غنى عنها، وقال:" الذين يتبرعون للمساجد أناس شبعانة مش حاسة بالناس الفقيرة والمتصرفين في أمور غزة تعتبر تلك المساجد مقرات للأحزاب الدينية. "

استطلعت النجاح الاخباري آراء المواطنون، ووقفنا في البداية في شماله وبالتحديد في مدينة بيت لاهيا والتي شهدت هذه الايام بناء مسجد سليم أبو مسلم بمظهر خيالي ورفيع المستوى. أبو علاء صافي هو أحد القاطنين في تلك المنطقة يقول:" في الآونة الاخيرة سمعنا ورأينا مساجد هُدمت ورممت وبمبالغ كبيرة وبدعم من دول عربية ورجال أعمال وهذا يفرحنا، لكنه يترك غصة كبيرة في قلوبنا حينما نشاهد عائلات كثيرة في الشمال يسكنون في مساكن أبعد ما يمكن أن يكون عن مسمى المنزل أو البيت.

وتساءل صافي :" لماذا هذا التبهرج والمغالاة في الدين؟، وماذا لو قسمت تلك المساعدات النقدية لبناء مساجد في حدود المعقول وبناء وترميم منازل المواطنين؟."

يشاركه في الرأي سعيد مراد وهو شاب ثلاثيني يقطن في منزل بالإيجار هو وأسرته يقول: حينما بحثت عن منزل ايجاره" على قد الحال" لم أجد سوى خرابة عبارة عن غرفة ومطبخ وحمام لا تدخلها الشمس ولا الهواء، فحينما أخرج منه للصلاة وأنظر إلى المسجد من الداخل أتمنى لو كان منزلي.

ويضيف مراد :" قطاع غزة ليس بحاجة لبناء المزيد من المساجد فمعظمها لا يبعد عن الآخر سوى امتار قليلة ولا تجد سوى أعداداً محدودة من المصلين بداخلها،  فتكلفة بناء مسجد واحد من شأنه اعادة الأمل لمئات الأسر المحتاجة مثلي. "

لم يختلف رأي اسماعيل بشير 35عاما عن سابقه حيث يشير في حديثه معنا إلى أن المنطقة التي يعيش فيها تضم ثلاثة مساجد تعتبر قريبة من بعضها نسبيا بالرغم انه حين يتوجه لاحدها للصلاة لا يتعدى عدد المصلين فيها ربع مساحة المسجد، يقول:" أنا مع بناء مساجد يليق بقيمتها ومكانتها ولكن من غير المنطقي أن تصرف ملايين الدولارات لبناء مساجد فخمة وعلى أحدث طراز في مناطق تعاني الفقر والحصار. "

تدوينات وهاشتاقات

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي باختلافها بآراء المواطنين الساخطين على المتصرفين والمانحين لبناء متل تلك المساجد الفارهة.

أحد الآراء :" ما المهم صرف ملايين الدولارات على بناء مساجد كبيرة وضخمة أم بناء مشروع سكني للأسر الفقيرة والمحتاجة التي تعيش في بيوت ايجار أو مشاريع لمساعدة الشباب على الزواج؟

رأي آخر :" أنا أشعر بغصة كبيرة ووجع لا يوصف وأنا أرى نقيضين بجوار بعضهما البعض، منزل متهالك وسقفه متآكل، ومسجد بجواره يسر نظر الباحثين عن تلك المظاهر.