غزة - سالي ثابت - النجاح الإخباري -  يحتضن مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزَّة العديد من المعالم الأثرية التي تروي قصص حضارات غرست جذورها في الأراضي الفلسطينية؛ لتبقى حتى عصرنا هذا شاهدًا على الحقب الزمنية التي امتدت عبر التاريخ.
ومن أبرز هذه المعالم الأثرية دير "القديس هيلاريون" المعروف باسم " تل أم عامر" الواقع جنوب غرب مخيم النصيرات. 


تاريخه وأصوله
 يقول خبير الآثار، فضل العطل: "يرجع بناء دير "القديس هيلاريون" المعروف بتل أم عامر إلى عام (329) ميلادي،  زمن القديس هيلاريون، الذي عاد إلى قريته "طباثا" بعد أن تعلَّم الرهبنة على يد القديس "انطوني" في مصر، حيث يعتبر دير القديس هيلاريون من أكبر الأديرة الأثرية في فلسطين من حيث المساحة والتصميم، إضافة إلى احتواء الدير على بقايا رفات القديس هيلاريون التي لا تزال موجودة حتى اليوم داخل تابوت من الرخام.
 وتابع العطل حديثه قائلًا "خلال (30) عامًا زادت شعبية هيلاريون فأصبح يحيط به (400) شماس "رتبة في الكنيسة" وهم من بدأوا بتنظيم بعض العمائر البسيطة والخفيفة حول الكنيسة، ومنذ ذلك الوقت تطور الموقع ليصبح ديراً كبيراً، يتكوَّن من مجموعات معمارية تتمثل في مجموعة من القاعات والغرف والممرات والمرافق".


 الوصف المعماري
 يضيف العطل أنَّ الدير يتكون من مجموعات معمارية محاطة بسور خارجي من الحجر المسنود بالدعامات الحجرية، وتقدر مساحته بحوالي (20) دونمًا، ويحتوي على مجموعة من القاعات والغرف والممرات والتي بلغ عددها (245) ما بين غرفة وممر، حيث يعود بناؤها إلى مراحل زمنية عديدة وتبدأ من منتصف القرن الرابع الميلادي وحتى القرن الثامن الميلادي.
 أضاف: "يقسم الدير إلى عدَّة أجزاء هي، الجزء المعماري الأوَّل، ويتكوَّن من غرف خاصة برجال الدين المقيمين في الدير، حيث تغطي  أحجار الفسيفساء البيزنطية أرضية بعض الغرف".
 أما الجزء الثاني، وهو عبارة عن كنيسة مكونة من أروقة (ممرات) أوسعها الممر الأوسط، وتفصل بينها أعمدة رخامية، وفي الجهة الشرقية يفصل الجزء المعماري الأوَّل عن الثاني شارع طويل به مدرج خاص بدخول الرهبان للكنيسة وخروجهم منها.
ويسمى الجزء الثالث بـ"الديماس" وهي منطقة مظلمة ومتهاوية تضاء بأسرجة من الزيت لإضفاء نوع من الرهبنة في المكان، ويتم الوصول إليها حاليًّا عبر مدرج.
ويظهر في نفس الجزء بقايا الأعمدة الرُخامية المكونة للدير، والتي تهاوت، كما يظهر بالمكان بقايا للتابوت الرخامي الخاص بالقديس "هيلاريون".


المكانة التاريخية
ويؤكد محمد شاهين، مشرف وزارة السياحة على الموقع" على أهميَّة المكانة التاريخية الكبيرة التي يحظى بها الدير، إضافة إلى مكانة مدينة غزة، وتفاعلها من الأحداث العالمية، مشيرًا إلى أنَّ غزَّة كانت متفاعلة ومشاركة مع ما جرى في القرنيين الرابع والخامس الميلادي، حيث كان يطلق عليها المدينة المضيئة.
وتابع شاهين حديثه قائلًا: "الدير أحد المعالم التي تشير إلى مكانة وعراقة وقدم مدينة غزة عبر التاريخ، حيث كانت أحد حلقات الوصل بين الشرق والغرب في تلك العصور وحتى وقتنا هذا".
عمليات التنقيب والترميم
ويوضح أنَّ قلة الإمكانيات والخبرات في قطاع غزَّة، والوضع الاقتصادي السيء، والحصار الدائم، من  الأسباب الأساسية في توقيف إعادة عمليات التنقيب والترميم مجدَّدًا داخل الدير.
ويشدِّد على أنَّ الدير بحاجة لإغاثة واهتمام بشكل كبير، لا سيما أنَّه مكان أثري وسياحي يجب المحافظة عليه من الاندثار والزوال.