النجاح الإخباري - غزة - أسامة الكحلوت - أبلوغه أن زوجته وطفلته ارتقيا شهداء، فلم يصدق وطردهم من الغرفة التي يرقد فيها داخل مستشفى الأقصى، ثم عاد ليدخل في غيبوبة، بعد إعطائه حقنة مهدئة، وذلك قبل دفنهن بساعة، في صباح اليوم التالي الحادثة.

لم يصدق المواطن محمد أبو خماش ما جرى سريعاً له، بعدما خطفت صواريخ الاحتلال الإسرائيلي طفلته وزوجته من حضنه، خلال نومهم بعد يوم حافل من التعب، انتهى بهم جميعا في مستشفى الأقصى شهداء وجرحى.

"محمد" يسكن بالإيجار في منزل بسيط في منطقة الجعفراوي شرق دير البلح منذ عدة أشهر، ويعيش حياة بسيطة مع زوجته إيناس خماش (23 عاماً)، وطفلته بيان (عام ونصف)، ويعتبر طفلته هي حياته، تبكي عليه حينما يخرج من البيت، وتنتظره أيضاً على الباب لحين عودته.

في يوم الحادثة خلال التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، توجه محمد إلى منزل والده وسط دير البلح، وجلس معهم قليلاً، ثم عاد لمنزله على دراجة هوائية مصطحباً معه الشعير للدجاج، واستمع للراديو لمتابعة الأخبار، ثم خلد للنوم مع زوجته وطفلته في صالون بيته.

تلك هي اللحظات الأخيرة لمحمد مع زوجته وطفلته، وفجأة أصيب منزله بصاروخ إسرائيلي قلب بتيه رأساً على عقب، واستشهدت زوجته وطفلته على الفور، وأصيب محمد بشظايا في الرأس والقدم، ودفن نصف جسده تحت منزله، ونقلوا جميعاً إلى مستشفى الأقصى، كما نقل محمد بحالة غيبوبة، أفاق منها في اليوم التالي للحادثة.

وفور استعادته للوعي، سأل عن زوجته وطفلته، فأبلغوه باستشهادهن، لم يصدق ما يدور حوله، فتصفح الانترنت من جوال صديق بجواره، فشاهد منزله مدمراً، فشعر انه في حلم وليس حقيقة.

وقبل تشييع زوجته وطفلته، أبلغه شقيقه بارتقائهم شهداء، فطرده من الغرفة، قائلاً له:" كلامك مش صحيح، اطلع من الغرفة"، ولكن بعد دقيقة جاءه والده وشقيق زوجته، وأبلغوه باستشهادهن وبدء تشييعهن إلى مثواهن الأخير، فدخل محمد بنوبة من البكاء، سرعان ما سيطر عليه الأطباء بإعطائه حقنة مهدئة، ولم يصدق حتى الآن رحيل أسرته.

وارتقى شقيق محمد الأصغر مختار خماش، يوم نقل السفارة الأميركية للقدس خلال مسيرات العودة شرق مخيم البريج في المنطقة الوسطى.

ويقول محمد لـ "النجاح الإخباري":" لم أتخيل أن حلمي باستصدار شهادة ميلاد لابنتي المنتظرة، أن يتحول إلى كارثة وان أشاهد شهادة وفاتها قبل أن أراها واحتضنها، فكنت أترقب وصولها على أحر من الجمر، واشتريت لها الملابس والألعاب، ولم يتبق على قدومها سوى ساعات".

ولم يصدق حتى الآن "محمد أبو خماش" ما جرى له، فصاروخ الاحتلال الإسرائيلي قتل حلمه، ودمر بيته، وخطف أسرته، ولم يبق له في بيته سوى الذكريات.

واضطر احد أقاربه المقيمين معه في المستشفى، إلى حرق ملابس طفلته المنتظرة وألعابها والملابس الملطخة بالدماء، حتى لا تعيد له ذكرياته الأليمة، وتفتح له جروحاً جديدة بعد مغادرته المستشفى.

وأكد محمد ما فعلته إسرائيل بحقه وحق أسرته جريمة ضد الإنسانية، ولن يسامحه على فعلته، بقتل طفلته وزوجتها الحامل في آن واحد، وتدمير بيته، بدون أي ذنب يقترفوه، مطالباً بمحاسبة الاحتلال على جريمته.

الجدير ذكره، أن الاحتلال الإسرائيلي مازال يرتكب الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ، في انتهاك واضح للقانون والمواثيق الدولية، دون محاسبة من الهيئات الدولية الأمر الذي يشجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم.