الاء عامر - النجاح الإخباري - وأنت تسير في أزقة الحارات في مدينة نابلس، تعجبك ملامح المكان العتيق، وترتسم على وجنتيك ابتسامة تتبادلهامع المارّة من حولك، وتتخيل أنك تسمع صوتًا جميلًا  تصدره حجار المكان من عمق التاريخ والأصالة.

نرمين الكوني  البالغة من العمر(21)عامًا، ترعرت في حي الكوني وسط المدينة، هي فاقدة لنعمة البصر منذ ولادتها، تعيش في كنف أسرتها المكونة من شقيقين وثلاث شقيقات، يشاركها فردان من العائلة ذات المعاناة ، وذلك نتيجة زواج أقارب من الدرجة الأولى.

نرمين ابنة العقدين تقول:

"بدأت دراستي في مدرسة هيلن كلير في مدينة القدس من عمر ثلاث سنوات ونصف لغاية تسع سنوات، أقمت في المدرسة إقامة داخلية، وكان بحوزتي كل ما احتاجه من مأكل وملبس ومسكن، ثمَّ عدت لأكمل دراستي في كلّ من مدرسة ابن سينا ومدرسة عمر المختار انتهاءً بمدرسة سمير سعد الدين بمدينة نابلس.

تشير نرمين إلى أنَّها كانت تدرس من خلال كتب مطبوعة بنظام خاص بالمكفوفين يدعى (بريل)، توفرها وزارة التربية والتعليم.

طموح يعانق الجبال

 نرمين موهبة غنائية، لديها الصوت والإحساس تقول:

"احنا متل كل الناس قلب وروح وإحساس، يا ريت الكل يسمعنا إحنا بشر في الأساس" بهذه الكلمات بدأت حديثها عن موهبتها الغنائية وأكملت: "موهبتي الغنائية بدأت منذ كان عمري أربع سنوات، فمعلمتي السيدة إيمان زين في مدرسة هلين كلير اكتشفت أنَّ لدي صوت جميل فأخذت تعلمني الغناء أكثر فأكثر في حصص الموسيقى وتطلب مني أن أتدرب على الأناشيد وتشاركني في الفرق المدرسية للغناء، إضافةً للكورال".

بصوتها العذب الشجي استطاعت نرمين أن تبدع وهناك الكثير من الفرق الموسيقية تطلبها، فهي تغني في المناسبات الوطنية والدينية، أضافت الكوني: "قمت بتمثيل فلسطين من خلال سفري لإيطاليا والغناء على أحد مسارحها بالإضافة إلى مشاركتي في غناء شارة المسلسلات الفلسطينية من ضمنها مسلسل "بدون اخراج" للمخرج باسل عطا الله وأغنية "إحنا متل كل الناس".

لا يأس مع الحياة

رغم تطور وسائل العصر الحديثة ودخول التكنولوجيا الذكية استطاعت نرمين دخول عالم الإنترنت.

تمسك نريمين بجهاز خليوي، فتقول: "استطيع استخدام الفيسبوك والمسنجر والواتس آب وغيرها من البرنامج الذكية وذلك من خلال تطبيق البرنامج الخاص بالمكفوفين "توك باك"

الموجود على الأجهزة الذكية، حيث يقوم بترجمة الكلمات والنصوص المقروءة إلى أصوات مسموعة نفهمها.

وتقول والدة نرمين صباح الواوي ن "نرمين  متميّزة عن بقية أبنائي، من بين أبنائي الستة ،أربعة مكفوفين لكنّي أرى نرمين مبدعة ونرمين تغلبت على ظروفها وتحدت الصعاب فهي تحب الاندماج والانخراط بالمجتمع".

وتضيف الواوي:" أعطيها الدافع ودائمًا أشجعها لمواصلة تعليمها واستمرارها في موهبتها الغنائية".

الأحلام في حيز المستطاع ما دمنا نسعى بجدية لتحقيقها، نرمين ولدت كفيفة البصر متيقظة القلب لتدافع عن حلم راودها منذ نعومة أظافرها فتربيه فيها ليكبر وتراه في قلب راضٍ سعيد.