النجاح الإخباري - تخلت عن أبنائها بسبب الفقر، هي ليست قاسية ولا مبالية ولا عديمة إحساس، لكنها حاولت بكل قوتها بأن توفر لهم لقمة العيش من كل مكان، إلا أن الفقر حكم على أبنائها بأن يعيشوا أيتاما بوجود والديهم.

عفاف أم فلسطينية كأي أم أخرى تمنت أن تعيش حياة كريمة بعيدة عن ظلمة الحياة، ولكن عندما يصبح الفقر سيد الموقف وتتحول الأحلام إلى كوابيس والاستقرار إلى شتات، تتبدل حياتها رأسا على عقب.

تحت ظلم الفقر

قالت عفاف للنجاح الاخباري: "تزوجت بعمر ال18 وكنت الزوجة الثانية، عندما تزوجت كانت حياتي سعيدة ولم أشعر بأنني ضرة لأخرى، وكان وضعي المادي جيد جدا إلا أن حالنا تغير بعد أن سجن زوجي، حيث توقف مصدر الدخل الذي أعتاش منه أنا وأولادي بشكل كامل، عكس حال ضرتي التي كانت تعمل في الخياطة".

وأضافت: "إلا أن حياتنا انقلبت إلى عذاب بعد وفاة ضرتي، حيث أصبحت أعتني بأولادي وأولادها ولجأت إلى أخوات زوجي طلباً للمساعدة ولكن دون جدوى، مما جعلني أفكر بطرق أخرى وكثيرة لجلب لقمة العيش لأولادي".

حجر على قلب أم

عندما تصبح الحياة قاسية، والأزمات متتالية، والأقارب لا يقدمون المساعدة لأطفال من لحمهم ودمهم، فما كان من عفاف إلا اللجوء للتسول.

قالت عفاف: "كنت دائما أنظر من نافذة منزلي إلى مركز الشرطة القريب منا، أترقبهم لأعرف وقت تناول طعامهم ليسمحوا لي بأن آخذ ما يتبقى من الطعام لأطعم أولادي".

وتابعت: "لم أقدم على ذلك إلا بعد أن عجزت عن إيجاد عمل، ورفض الأقارب مساعدتي بحجة أنهم لا يملكون المال، وعندما شعرت بأني سأفقد أولادي من الجوع اضطررت لأمد يدي لأطعمهم حتى لا يموتوا جوعاً".

واصلت عفاف حديثها بغصة: "خرج زوجي من السجن مريضًا غير قادر على العمل نتيجة الضرب المستمر داخل السجن، وحياتي بدأت تقترب أكثر إلى حافة الهاوية، فين حين طالب زوجي بحقه من إخوانه لكنهم فضوا الطلب".

بعد خروج زوج عفاف من السجن، أنجبت طفلين أخرين بالتالي أصبحت الحياة أصعب، ولدحر المصاعب طالبت عفاف زوجها أن يعمل ليساعد العائلة على النهوض والاستمرار، لكنه كان يرفض نظرًا لسوء صحته الجسدية والنفسية الصعبة.

وكحل لإنهاء هذا المعضلة قررت عفاف بأن تحمي أطفالها من الجميع ومن تقلبات الحياة، فوضعت بناتها الثلاثة بمعهد الأمل للأيتام ، وقالت تمنيت وقتها بأن تنشق الأرض وتبتلعني ولم أفعل ذلك" .

موج الفقر اعتلى سقف عائلة عفاف فأغرقها في بحر من الهموم وقذف بأطفالها بعيدًا عنها، ليتركها ممزقة الأشرعة مكسورة الخاطر، هي عفاف ..ومثلها مئات السيدات الفلسطينيات يعانين بصمت ويبقى خلفهم سؤال من لهم ؟