ساري جرادات - النجاح الإخباري -  لا زالتْ العديد من القرى والبلدات تعتمد على الزراعة في أنحاء متعدّدة من محافظة الخليل، وتعتمد على العمل الزراعي بشقّيْه البعلي والمروي كمصدر أساسي للدخل، على الرغم من تراجع الاهتمام بالزراعة بسبب الامتداد العمراني على حساب الأراضي الزراعية، وانتقال بعض المزارعين للعمل في قطاعات صناعية مختلفة.

وهنا، فوق هذه السهول التي تتبع جغرافيًا وإداريًّا لبلدة "سعير" شمال محافظة الخليل، يشتهر سكانها بالاهتمام الشديد بالعمل في الأرض، ومنحها المجهود الكافي لتُساقط عليهم فجلًا وخضارًا في موسم الحصاد، حتى باتتْ أحد أبرز معالم شهرتها، ويُقال فيها "جاي تبيع فجل لأهل كوزيبة".

ويروي الحاج السبعيني "أبو جميل شلالدة" الذي ورث مهنة الزراعة عن والده في نهاية ستينيات القرن الماضي لـ "النجاح الإخباري": تبدأ عملية الزراعة بتحضير "مسكبة" لزراعة بذور الفجل، مسمّدة بِرَوث الحيوانات قبل شهر ونصف على الأقل من موعد الزراعة، ومن ثمّ حراثتها وتجهيزها لزراعة البذور.

ويتابع "أبو جميل": تزرع البذور على عمق سنتمتر واحد، أي تقريبًا على سطح التراب، مع مراعاة توزيع البذور عند نثرها، لمنعها من التجمّع والنموّ في مكان واحد، ويقوم بعض المزارعين بخلط الكمية المراد زراعتها بكميّة من الرمل، ورشّها مع بعضها في التراب، لتلافي تكثّف البذور ونمو نباتات صغيرة الحجم، وبأشكال غير متساوية.

وقالت "أم حمدي الطروة" (54 عامًا) لـ "النجاح الإخباري": أقوم بزراعة الفجل في كلّ موسم بمساعدة أبنائي منذ ما يزيد على العشرين عامًا، وتمكنت من مساعدة زوجي في تدبير شؤون الأسرة والبيت، ونال أبنائي تعليمهم الجامعي من خلال العمل في موسم الفجل.

وأضافتْ "نقوم ببيع الكيلو الواحد من الفجل بحوالي خمسة شواقل، وتساوي كلّ أربعة رؤوس فجل حوالي كيلو، ويبلغ متوسط أرباح المسكب الواحد للفجل حوالي (500) شيكل، وتبلغ مساحة المسكب حوالي مترين في ثلاثة أمتار، ويحتاج الفجل حوالي شهرين للوصول إلى مرحلة النضج وقطف الثمار".

وتبلغ مساحة منطقة "كوزيبة" حوالي (1200) دونم، وفيها من المياه الجوفية وآبار الجمع ما يكفي لزراعة الفجل وريّه طوال الموسم، كما وتشتهر المنطقة أيضًا بزراعة البقدونس والسبانخ، وتعتبر عمليّة الزراعة بالمساكب عملًا هندسيًّا يسرّ الناظرين، بسبب توزّع البقع الخضراء التي تزيّن الأرض، وتمكّن الفلاحين من قطف الثمار بشكل سليم.

واعتبر عضو المجلس البلدي لبلدية سعير "كاظم جرادات" أنّ زراعة الفجل باتت مصدرًا أساسيًّا للعديد من أهالي منطقة "كوزيبة" وأحد أهمّ معالمها، وساهمت زراعة الفجل في تحسين مستوى الدّخل للعديد من الأُسر التي تسكن "كوزيبة"، ويساعدُ مناخها ووجودها بين سلسلة جبال وادي "سعير" على نموّ الفجل في سهولها.

ويعدّ الفجل وأوراقه مصدرًا هامًّا للفيتامينات والمعادن والنّحاس وحمض الفوليك والبوتاسيوم، ومصدرًا للعديد من مضادات الأكسدة، وأوراقه غنيّة بالكالسيوم، وأظهرت الدراسات العلميّة أنّ جذورَ الفجل قد تكون علاجًا فعّالًا لخفض مستويات الكولسترول بالدم.

 

 

 

.