النجاح الإخباري -  أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات اليوم الأربعاء، أن أي أفكار أو مبادرات ستقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق السلام "مرفوضة فلسطينيا" طالما لم تتراجع عن إعلانها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وقال عريقات في مقابلة مع وكالة أنباء "شينخوا" الصينية، إن الإدارة الأمريكية "أخرجت نفسها كراعية ووسيط لعملية السلام بعد إعلانها غير القانوني عن القدس عاصمة لإسرائيل، ولا يحق لها بعد ذلك التحدث عن السلام"، وأضاف أن واشنطن "قوضت عملية السلام بإعلانها بشأن القدس وخرقت القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تقوم مهمتها على حفظ السلام والأمن الدوليين".

يأتي ذلك بعد أن أعلن مسؤول أمريكي في البيت الأبيض أمس الثلاثاء، أن واشنطن تأمل في طرح خطة للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في 2018 بشرط استعداد الجانبين لإنجاحها.

من جهته قال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارته إلى إسرائيل التي اختتمت أمس، إن توقيت طرح مبادرة السلام الأمريكية "يتوقف على عودة الفلسطينيين للمفاوضات".

وتوترت علاقات الفلسطينيين مع واشنطن بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من شهر ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.

وقال عريقات "موقفنا الفلسطيني واضح ولا حياد عنه، وقد عبرنا عنه مع المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن والجمعية العامة وهو إدانة ورفض الاعلان الأمريكي بشأن القدس وضرورة التراجع عنه"، وأضاف "بالإضافة إلى موقفنا الثابت فإن أية صفقة أو مبادرة سلام لا تستند إلى قواعد القانون الدولي والمرجعيات الدولية ومرجعيات عملية السلام ولا تشمل الاعتراف بحل الدولتين على حدود 1967 ووقف الاستيطان وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين لن يتم التعامل معها فلسطينيا".

وأشار إلى أن الفلسطينيين طالبوا الإدارة الأمريكية الحالية بالالتزام بمواقف الإدارات الأمريكية السابقة فيما يتعلق بالاستيطان الإسرائيلي "غير الشرعي وغيرها من انتهاكات الاحتلال"، وقال "إن لم تتراجع الإدارة الأمريكية عن قرارها اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل فكل ما تقدمه مرفوض، ودون أن تعترف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس فإننا سنعتبر ما تطرحه صفعةً للعصر".

وتوقفت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية لم تفض إلى أي تقدم.

وهدد الفلسطينيون بتكثيف توجههم لطلب عضوية المنظمات الدولية وخيارات دبلوماسية أخرى عقب الإعلان الأمريكي بشأن القدس وكرد على استمرار تعثر عملية السلام.

وبهذا الصدد قال عريقات "نحن أصبحنا في حل من أي التزام يتعلق بوقف توجهنا للمنظمات الدولية خاصة أن الولايات المتحدة لم تف بالاتفاق الذي أبرم معها حول عدم إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن ونقل سفارتها لدى إسرائيل إلى القدس".

وذكر أن قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي انعقد مؤخرا "واضحة بالتوجه إلى المنظمات الدولية بما يشمل الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة ومتابعة مسارنا القانوني والدبلوماسي على الصعيد الدولي"، وأشار إلى أن التوجه الفلسطيني الدبلوماسي سيتضمن تقديم إحالة حول الاستيطان والممارسات الإسرائيلية والأسرى إلى المحكمة الجنائية الدولية، واستمرار العمل لتعزيز مكانة دولة فلسطين في المحافل الدولية، وأضاف أنه سيتم كذلك تفعيل طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ومتابعة العمل على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة.

وشدد عريقات على الحاجة إلى "تدخل فاعل ولعب دور وثقل سياسي من القوى العظمى في العالم مثل الصين وروسيا عبر تقديم استراتيجيات ومبادرات وخطوات سياسية لإنقاذ عملية السلام".

ودعا بهذا الخصوص إلى "عقد مؤتمر دولي متعدد الأطراف لرعاية العملية السياسية وإيجاد الآليات الكفيلة بتشكيل الإطار المتعدد للإشراف على عملية السلام، وتحديد سقف زمني لتنفيذ الاتفاقات الموقعة"، وقال "مؤخرا جرت لقاءات فلسطينية صينية وروسية عقب إعلان ترامب بشأن القدس، وقد جرى التوافق على توسيع دور كل من الصين وروسيا من أجل تحقيق تسوية سياسية في العملية السياسية انطلاقاً من قرارات الشرعية الدولية"، وأضاف أن "فلسطين دعمت المبادرة الصينية لحل القضية الفلسطينية والتي يمكن أن تصبح قاعدة لجهود المجتمع الدولي في تعزيز السلام".

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ طرح في يوليو الماضي لدى لقائه الرئيس عباس في بكين رؤية لدفع الحل السياسي المبني على حل الدولتين بثبات، والتمسك بمفهوم التعاون المشترك والشامل والدائم للأمن ومواصلة تنسيق جهود المجتمع الدولي وتعزيز الجهود السلمية المشتركة واتخاذ خطوات شاملة لإحلال السلام عبر التنمية.

كما سبق أن طرح الرئيس شي مطلع مايو 2013 رؤية لتحقيق السلام وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكدت على التمسك بإقامة دولة فلسطين المستقلة والتعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل.

وشددت الرؤية الصينية، على أن إقامة دولة مستقلة ذات السيادة الكاملة على أساس حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعتبر حقا غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني، ومفتاحا لتسوية القضية الفلسطينية.

وحثت على التمسك بالمفاوضات باعتبارها الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى السلام الفلسطيني الإسرائيلي، والتمسك بثبات بمبدأ "الأرض مقابل السلام" وغيره من المبادئ.

كما دعت الرؤية الصينية المجتمع الدولي، إلى تقديم دعم قوي لدفع عملية السلام، وأن تشدد الأطراف المعنية فيه على الشعور بالمسؤولية وإلحاح القضية، وتتخذ موقفا موضوعيا ومنصفا وتعمل بنشاط على النصح بالتصالح والحث على التفاوض كما تسعى إلى زيادة المساعدات إلى الجانب الفلسطيني.

وإلى جانب الدورين الصيني والروسي، يعول الفلسطينيون على دور للاتحاد الأوروبي انطلاقا من دعمه التاريخي والثابت لرؤية حل الدولتين بحسب عريقات، وقال "نأمل ترجمة الموقف الأوروبي إلى خطوات عملية من خلال اتخاذ مبادرات سياسية والاعتراف بدولة فلسطين، وفرض منظومة عقوبات على إسرائيل باعتبارها تنتهك القانون الدولي".

وأكد عريقات على السعي إلى عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لإطلاق عملية السلام بالتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واليابان وباقي المجموعات الدولية على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وذكر أن الهدف من المؤتمر المنشود هو ضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 من ممارسة استقلالها وسيادتها وحل قضية اللاجئين استناداً للقرار الدولي 194 وباقي قضايا الوضع النهائي وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بسقف زمني محدد.

في الوقت ذاته أكد عريقات أن كل ما تقوم به إسرائيل من "عمليات التطهير العرقي والفصل العنصري وعمليات ضم المستوطنات إلى إسرائيل وغيرها من الانتهاكات هي باطلة ولاغية وتتنافى قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية ولا يعترف بها المجتمع الدولي"، وقال "لذلك قررنا إحالة ملف منظومة الاستيطان الاستعماري بكل ما تشمله إلى المحكمة الجنائية الدولية، ونحث المدعية العامة على الإسراع في فتح تحقيق قضائي في جرائم الاستيطان الاستعماري في فلسطين بما فيها القدس الشرقية، باعتبار ذلك أحد الآليات لمحاسبة إسرائيل ومنعها من تماديها".