عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - كان يوم الخميس الموافق الرابع عشر من آذار/ مارس 2019 إيذانا بانطلاق الحراك الشعبي تحت شعار "بدنا نعيش .. حلوا عنا"، لا للضرائب، لا لتكميم الأفواه، لا للجوع والمذلة، ولا والف لا للخوف والاستسلام لمشيئة الانقلابيين الحمساويين. خرجت الجماهير الفلسطينية من مخيم جباليا ومن دير البلح ومن رفح وخان يونس والبريج والنصيرات والمغازي وبيت لاهيا ومدينة غزة في الشجاعية في مظاهرات سلمية ترفع شعاراتها لتعلن الرفض للواقع الظلامي والبائس، ولتصرخ في وجه الجوع الكافر، والتكفيريين مصاصي دماء ورغيف خبز الشعب. وتصدت الجماهير البطلة بصدورها العارية لمليشيات الانقلاب السوداء، التي قامت بإطلاق الرصاص الحي على المواطنين الأبرياء والعزل، ما أدى لسقوط جرحى، قامت عصابات السوء واللعنة باعتقالهم من المستشفيات، فضلا عن اعتقال العديد من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية، ومن النشطاء، الذين نادوا بالحراك. 
ثورة الجياع والقهر في قطاع غزة على ما يبدو هذه المرة لن تهدأ، ولن تستسلم أمام إرادة الحصار الإسرائيلي الظالم، وأمام سطوة عصابات حماس مصاصة الدماء، وها هي تواصل يوم الجمعة مسيرة كفاحها البطولي لقهر ظلم تجار الدين والدنيا، رغم كل الانتهاكات الخطيرة، التي ارتكبتها مليشيات الانقلاب الحمساوي حتى تزول الضرائب المتوالدة كالفطر عن رقاب الناس، وحتى تفتح الأفق أمام عودة اللحمة للشعب الواحد والموحد، وتسقط خيار الجوع والتجويع والإذلال الممنهج، وهزيمة شوكة الانقلاب وقيادته المنفلتة من عقال الجريمة والإرهاب، وللأسف باسم "المقاومة"، التي اكتشفت الجماهير خداع الكذبة، لإنها رأت بأم أعينها، أن شيوخ الردة والنفاق لا هم لهم سوى نهب لقمة عيش المواطن البسيط، والمتاجرة بدماء ابنائهم، وفرض الضرائب بمتوالية هندسية وجبرية عليهم دون وازع اخلاقي أو قانوني أو اقتصادي، وفي المقابل التواطؤ مع العدو الإسرائيلي لتصفية المشروع الوطني، من خلال تأبيد الإمارة الإسلاموية. 
هذه الثورة الشعبية، التي نادى إليها شباب الحراك الشعبي اليقظ والواعي والمتنبه لأخطار استمرار الصمت على الجريمة الحمساوية، لا يقف خلفها سوى إرادة الحياة والبقاء، والانتصار للذات الاجتماعية والوطنية، لأن الانقلاب والانقسام، هما السبب الرئيس فيما آل إليه واقعهم وحالهم المظلم والبائس، حيث تفاقمت البطالة بشكل مريع وخطير هدد رجال الأعمال، واصحاب المؤسسات قبل الفقراء والمسحوقين، ولعل من يتابع عدد الشيكات المرتجعة من قبل أصحاب المصالح والمؤسسات التجارية والصناعية يكشف حجم الانهيار الاقتصادي، الذي يعاني منه ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وحدث ولا حرج عن ابناء الطبقة الوسطى والفقراء والمسحوقين. 
هناك انهيارات اجتماعية وقيمية واقتصادية وثقافية وبيئية، وهناك إرهاب، وتكميم الأفواه، وقمع للحريات العامة والخاصة، وهناك انتشار وتوسع منظومة السجون لقهر العباد، وهذه وتلك تتلازم مع بقاء واستمرار الانقلاب الحمساوي والجماعات التكفيرية الأخرى، والتي تترابط بشكل جدلي مع مواصلة حكومة اليمين المتطرف الصهيونية بقيادة نتنياهو على نهب وتهويد ومصادرة الأرض الفلسطينية، والعمل على وأد المشروع الوطني، وخلق المناخ لتمرير صفقة القرن المشؤومة، وإبقاء المندوب السامي القطري يلعب دور العراب التخريبي لمصالح الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يفرض على الشعب وقطاعاته ونخبه السياسية والثقافية والأكاديمية والاقتصادية التصدي بما ملكت إرادتهم وشجاعتهم، والتزامهم تجاه حقوقهم ومصالحهم الخاصة والعامة للإطاحة بالحالة السائدة في محافظات الجنوب الفلسطينية، والدفاع عن أبسط حقوقهم في الحياة الحرة والكريمة، وعن لقمة عيشهم، وعن الأمل بمستقبل افضل، وغد واعد بالعيش الآمن تحت راية حكومة الشرعية الوطنية، ولتعيد الاعتبار للوحدة الوطنية، وتقهر المشروع الإخواني الإسلاموي المتناقض مع مصالح الشعب العربي الفلسطيني في بقاع الأرض كلها، وليس في قطاع غزة فقط. 
الحراك الشعبي لن يتوقف عند حدود يومي الخميس والجمعة، لا سيما وان قادة الحراك / الثورة "بدنا نعيش .. حلوا عنا" دعوا للإضراب والاعتصام والعصيان يوم السبت ( أمس)، لإنهم أسقطوا من حسابهم منطق الخوف من عصابات ومليشيات حركة حماس. وعلى القوى الوطنية المترددة الوقوف خلف الحراك، ودعمه بتبني خياره، والتقاط اللحظة السياسية الراهنة لإعادة الاعتبار لدورهم ومكانهم في اوساط الشعب، الذي تجاوزهم وسبقهم، وكان أعظم منا جميعا. 
[email protected]
[email protected] 

الحياة الجديدة