راسم عبيدات - النجاح الإخباري - ندرك تماما بأن المشهد الإقليمي في المنطقة يتجه نحو التصعيد، وندرك بأن الصراع مع المحور الذي تقوده واشنطن في سوريا والعراق على وجه التحديد سياسيا وعسكرياً سيستمر لفترة طويلة قبل ان تستقر الأوضاع لصالح حلف ومحور المقاومة، وكذلك هو مجمل الصراع في المنطقة، فالحلف الأمري صهيوني- الإستعماري الغربي وتوابعه العربية والتركية لن يسلم بالهزيمة بسهولة، ولن يتخلى عن اطماعه ومصالحه في المنطقة، بل سيستمر في إختلاق وافتعال الأزمات، لكي يستمر الصراع في المنطقة لأطول فترة ممكنة.

ولربما مع شعور هذا الحلف بأن الحروب الناعمة التي يشنها ترتد عليه فشلاً وخسارة من ايران الى العراق فسوريا فلبنان واليمن، قد يفكر هذا الحلف بشن حرب يستخدم فيها قوة نارية جوية وصاروخية كبيرة من أجل إضعاف قدرات ايران وسوريا وحليفهما حزب الله، وبما يخرجهما من قائمة الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة.

ولكن لا أعتقد ان حلف ومحور المقاومة غافل عن ذلك، في ظل تنامي وتصاعد التهديدات من أطراف المحور المعادي، فأمريكا تواصل تهديداتها بشن هجوم عنيف وواسع على سوريا تحت ذريعة ان الجيش السوري يخطط لإستخدام السلاح الكيماوي في معركة تحرير إدلب، ساعية بذلك لحماية الجماعات الإرهابية في إدلب، ومنع الجيش السوري من تحريرها، لأن ذلك يفتح الباب أمام طرد الوجود الأمريكي غير الشرعي في سوريا، وبما يفقدها سيطرتها على مناطق شرق الفرات الغنية بالنفط والغاز، المتواجدة فيها قوات ما يسمى بسوريا الديمقراطية التابعة لها، وهي التي حرضتها على قتل الجنود السوريين في منطقة القامشلي، وكذلك هي من تدخلت لمنع اكراد العراق، من التصويت لصالح انتخاب رئيس عراقي موال لطهران ومحور المقاومة.

وكذلك نشهد التحرشات والتهديدات والإستفزازات الإسرائيلية بشكل كبير من خلال شن الغارات الجوية على سوريا، والتي كان آخرها قبل ثلاثة أيام بالهجوم على محيط مطار دمشق الدولي، تحت ذريعة منع تموضع القوات الإيرانية هناك، ومنع نقل أسلحة كاسرة للتوازن الى حزب الله، ولتاخذ التهديدات الإسرائيلية منحى أبعد من ذلك بالتهديد بقصف الصواريخ الباليستية الإيرانية في العراق.

المشروع الأمريكي يواجه استعصاءات كبيرة على كل الجبهات...والمخطط الأمريكي بالتعاون مع أطراف عربية مستمر في تعطيل الإنتخابات في العراق ولبنان، وفي العراق وخيَر العراقيون إما عراق امريكي خارج حلف ومحور المقاومة وإما فليتم حرق العراق...وكانت فتنة البصرة بحرق المقرات لقوى محور المقاومة وفي مقدمتها الحشد الشعبي والقنصلية الإيرانية هناك، والعمل على نشر الفوضى في البصرة.

والهدف واضح هو أخذ العراق الى دهاليز الفتن المذهبية حتى داخل المذهب الواحد نفسه شيعي- شيعي ، سني - سني ،كردي - كردي، وكذلك تنصيب من جاء على متن دبابات بريمر المحتلة للعراق الجاسوس العبادي لولاية ثانية مقابل تصفيته لقوى محور المقاومة وامساك الحدود العراقية - السورية الأردنية لقوات حراسة امريكية خاصة، لمنع تواصل العراق مع سوريا ونقل السلاح اليها...ولكن قائد فيلق القدس سليماني كان لهذا المخطط بالمرصاد، لكي يتم وأد الفتنة والسيطرة على منع الإنقلاب الأمريكي الناعم هناك، وتوجيه ضربة صاروخية للجماعات الكردية في كردستان التي تقود العبث والخراب والفوضى في البصرة، وهي رسالة واضحة للأمريكان، بأن طهران لن تسمح لهم بحصارها وتطويقها من خلال البوابة العراقية، وهي جاهزة للإشتباك مع ادواتها ومعها مباشرة للدفاع عن مصالحها وأمنها ونفطها، ومن بعد إفشال المخطط الأمريكي هناك دارت عجلة الانتخابات العراقية، حيث جرى انتخاب الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي، ولتستكمل العملية الانتخابية لاحقاً بإنتخاب رئيس الوزراء والرئيس.

لا يمكن لنا حتى اللحظة التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع عسكرياً وسياسياً في المنطقة، ولكن واضح ان الرئيس الأمريكي المشبع بالحقد والكره والعنصرية على كل ما هو عربي ومسلم، وفي ظل تواصل مسلسل فساده وازماته وفضائحه الجنسية والتهرب الضريبي وغيرها، فإنه مستعد لإرتكاب حماقات كبرى قد تقود نحو حرب إقليمية واسعة، وخاصة انه قد يعود بالسياسة الأمريكية في العالم والمنطقة، نحو سياسة الإغتيالات والتصفيات للقادة والزعماء المعارضين للسياسة الأمريكية، كما حدث في محاولتي اغتيال الزعيم البوليفاري الفنزويلي ماودرو واحدة بطائرة مسيرة، وأخرى من خلال إنقلاب عسكري عبر ضباط فنزويليين معارضين، وكذلك إعطاء اوامر لوزير دفاعه جيم ماتيس لإغتيال الرئيس السوري بشار الأسد.

وأعتقد أن قرار تحرير ادلب من الجماعات الإرهابية، لا تراجع عنه من قبل سوريا – ايران – روسيا، ومحاولة فتح جبهة البصرة لن تؤثر على سير القرار، والحلف جاهز للتصدي لأي عدواني خارجي من قبل واشنطن وحلفائها..وكذلك ستكون المعركة متدرجة ومتعددة المراحل يجري تقييمها بناء على الواقع الميداني والعسكري والسياسي، حيث سيتفادى الجيش السوري إيقاع خسائر كبيرة في المدنيين، وسيواصل فتح الممرات الآمنة لهم، ولكن دون رحمة للجماعات الإرهابية "جبهة النصرة" و "داعش"، مع اعطاء الفرصة للمصالحات مع الجماعات التي تريد تسوية اوضاعها، وربما تركيا ستحاول أن تضغط على حلفائها لعقد المصالحات مع الجيش السوري، لأنها تدرك بأن ذلك قد يعني تدفق المزيد من اللاجئين السوريين الى أراضيها، وكذلك هي لا تريد أن تقطع حبل ودها مع روسيا وايران وسوريا، حتى يكون لها نصيب من الإعمار، وتمثيل سياسي لحلفائها في أي حكومة سورية قادمة.

وأعتقد بأن كل الأطراف بما فيها تركيا معنية بالتخلص من النفايات البشرية من العصابات الإرهابية الأجنبية، والتي تشكل عودتها خطراً على بلدانها، مثل الإيغور الصينيين والتركمستان والشيشان، ولذلك فإن روسيا والصين معنيتان قبل سوريا وايران بتصفية تلك الجماعات الإرهابية.

ويتوقف على تطورات معركة ادلب حجم التصعيد العسكري في المنطقة، فإذا ما ارتكب الحلف الأمريكي وتوابعه حماقة، وشن حرباً واسعة على سوريا، فالأمور قد تتدحرج نحو حرب اقليمية شاملة، واذا اقتصرت المسألة على التهديدات وبعض الضربات المحدودة «المستوعبة»، فستبقى الأمور في إطار السيطرة، ولكن في كل الحالات معركة إدلب وتحريرها، ستكون المقدمة لفتح معركة الرقة وإخراج القوات الأمريكية من سوريا سلماً أو حرباً.

[email protected]

عن القدس الفلسطينية