أسعد تلحمي - النجاح الإخباري - رغم كل التصريحات الإسرائيلية التصعيدية التي يقودها بنيامين نتانياهو بشأن «الأخطار الوجودية» الكامنة في الاتفاق النووي الإيراني، إلا أن ثمة اعتقاداً بأن ما تريده إسرائيل من الرئيس دونالد ترامب هو الضغط على تعديل الاتفاق لا إلغاؤه.

يتحاشى نتانياهو عمداً الحديث عن مطالبته بإلغاء الاتفاق، وهو الذي سبق أن أعلن قبل أشهر قليلة أن إسرائيل تريد أساساً «اتفاقاً أفضل»، ويبدو أن هذا هو موقف المؤسسة الأمنية التي تقف هذه المرة إلى جانب نتانياهو في موقفه الحازم من إيران.

قبل سبعة أعوام، وقفت المؤسسة ذاتها، بقيادة رئيس هيئة أركان الجيش في حينه الجنرال غابي أشكنازي، ضد نية نتانياهو ووزير دفاعه إيهود باراك شن هجوم عسكري على المنشآت النووية في إيران، ونجحت في منعهما من ذلك لتذهب ثلاثة بلايين دولار صرفت على التحضيرات في مهب الريح.

لكن، هذه المرة تبدو المؤسسة الأمنية كمن حسمت أمرها في مسألتين مرتبطتين: الأولى، واجب تعديل الاتفاق النووي ليشمل أكبر قدر من الشفافية في متابعة النشاط النووي الإيراني وتنفيذ بنود الاتفاق، ومعالجة مسألة الصواريخ الإيرانية على نحو خاص.

لم يُقنع نتانياهو، لا الرأي العام الإسرائيلي ولا الدولي، بأن مئات آلاف الوثائق التي جاء بها الموساد من الأرشيف النووي الإيراني، تحمل جديداً يُذكر، خصوصاً أنه لم يُشر إلى أن إيران خرقت الاتفاق منذ توقيعه قبل ثلاث سنوات.

مع ذلك، ومن خلال تخصيص المؤتمر الصحافي الدراماتيكي لعرض هذه المستندات والتحدث أساساً بالإنكليزية، من دون الحاجة إلى التحدث إلى شعبه بلغته، أبلغ العالم أن إسرائيل لن تسلّم بالاتفاق بصيغته الحالية وأنها قادرة على إقناع الرئيس ترامب بذلك. وفي الغداة، جاء تعقيب البيت الأبيض بالروح التي تحدث بها نتانياهو، فكرر الأخير أن «الاتفاق الذي يمكّن إيران من إخفاء كل أسلحتها النووية هو اتفاق مروع».

تصعّد إسرائيل لهجتها ضد إيران، لكنها ليست، كما يبدو، في وارد ترجمة هذا التصعيد إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع طهران. يعنيها في المقام الأول أن يتكلل جهدها بالنجاح، من خلال موقف الرئيس ترامب بتعديل جذري للاتفاق، لتتفرغ بالتالي إلى «التموضع الإيراني» في سورية، وهي مسألة تقض مضجعها بالمقدار ذاته الذي يفعله الاتفاق النووي الحالي.

المؤسسة الأمنية من جهتها تولي أهمية خاصة لقضية الصواريخ الإيرانية وتطالب الدول الكبرى الصديقة بأن تشكل جبهة واحدة وقوية في طرق هذا الملف، لكنها تصر على أن لا يقتصر البحث حول الصواريخ بعيدة المدى فقط إنما أيضاً متوسطة المدى التي تغطي إسرائيل كلها لخشيتها من وصول هذه الصواريخ ليد «حزب الله».

وترى هذه المؤسسة أن من شأن زيادة الضغط على إيران، بما في ذلك الرد الدولي الحازم على تجارب صاروخية تجريها إيران، وعلى اتساع تمركزها في الأراضي السورية، وعلى انتهاك حقوق الإنسان في إيران أن تشكل رافعات ضغط جدية ترغم إيران على التعاطي بشفافية في ملفها النووي.

تحاشى نتانياهو الحديث عن حرب بين إسرائيل وإيران، وتحدث عن احتمال «الدخول في صراع»، لم يحدد طبيعته لكنه على ما يبدو سيبقى، في الوقت المنظور على الأقل، محصوراً في الأراضي السورية.

شدّ الحبل الآن هو ديبلوماسي، تريد من خلاله إسرائيل تعديل الاتفاق النووي على نحو يسمح بتشديدعمليات تفتيش على المنشآت النووية الإيرانية. تأخذ إسرائيل في حساباتها أن تشن المزيد من الهجمات الجوية على قواعد إيرانية في سورية، لا الدخول في حرب كان وزير الدفاع السابق عمير بيرتس واضحاً في قوله إن إسرائيل، حيال عدم جهوزية جبهتها الداخلية وهي موطن الضعف الأبرز، ليست جاهزة لها. وتأخذ أيضاً احتمال رد إيراني محدد يتمثل في قصف صاروخ أو اثنين على أراضيها، لا قصف مباشر يمكن أن يؤدي إلى حرب ليست معنية بنشوبها، أو هجمات مسلحة تستهدف مؤسسات إسرائيلية أو إسرائيليين في الخارج.

نقلاً عن الحياة اللندنية