النجاح الإخباري - حلم اليقظة هو عبارة عن أفكار تدور في الذهن وترتبط بتحقيق الرغبات الداخليّة، والتي من شأنها أن تشبع هذه الرغبات لدى الفرد عن طريق الخيال، إذ يلجأ الفرد إلى حلم اليقظة في محاولة منه لتحقيق الأمور والأهداف التي عجز عن تحقيقها في الواقع، وتعدّ هذه الأحلام إحدى الظواهر النفسيّة التي تميّز الأفراد في مرحلة الشباب.

أسباب أحلام اليقظة:
1- الإحباط: ينتج الإحباط عن فشل الفرد في الوصول إلى هدف ما، ويصاحبه شعور بالهزيمة والخيبة، لكنّه قد لا يعي شعوره بالإحباط الناتج عن هذه الهزيمة، ويكون بين الشباب الممتلئين بالطاقة والسعي نحو الأهداف، إذ إنّهم الأكثر عرضة لهذا الإحباط في حال إخفاقهم في تحقيق أهدافهم، خاصة في الوقت الراهن الذي يشهد العديد من التغيّرات على كافة الأصعدة، ممّا يجعلهم يتطلّعون إلى العديد من الأمور التي لا يتمكّنوا من الوصول إليها دفعة واحدة بقدراتهم الذاتيّة، ومن هنا تتولّد حالة الإحباط لديهم لشعورهم باستحالة تحقيق طموحاتهم، أو احتياجهم إلى وقت طويل لتحقيقها، فيكون اللجوء إلى أحلام اليقظة هو الحلّ الأمثل لهم لتحقيق ما فشلوا بتحقيقه على أرض الواقع.

2- عدم الثقة بالنفس: يعاني العديد من الشباب من انعدام الثقة بالنفس، وهذا الشعور بانعدام الثقة ناتج عن عوامل عديدة، وعند سيطرته على الفرد فإنّه يلجأ إلى عالم أحلام اليقظة والخيال ليعوّض النقص الذي يشعر به في ذاته.

3- عدم القدرة على التكيّف: كثيراً ما تحدث مصادمات ومشاحنات بين الشباب مع من يكبرونهم بالعمر، سواء أكان هذا الأمر في البيت، أم المدرسة، أم الجامعة، أم العمل، وتكون حجّة الشباب في غضبهم بأنّ من يكبرونهم سناً لا يفهمونهم، أما الفئة الأكبر فيكون ردّهم بأنّ هؤلاء الشباب ثائرون ومتمردون، ومن هذا المنطلق يحتدم الصراع في أعماقهم لأنّ الشباب هم الطرف الأضعف أمام الكبار، فيلجأون إلى عالم الأحلام والخيال في محاولة منهم للتكيّف في حياتهم.

أحلام اليقظة في علم النفس 
تناول فرويد رائد المدرسة التحليلية في علم النفس أحلام اليقظة على أنّها تعبير الفرد عن أهدافه ورغباته المكبوتة، فهي الحالة الذي يُدخِل فيها الفرد نفسه لإشباع رغباته وتحقيق أهدافه التي قُمِعَت وكُبِتَت في الحاضر أو في الماضي في مرحلة الطفولة بسبب رقابة الأهل أو المجتمع، كما اعتبر فرويد أحلام اليقظة أنّها الحالة التي تقع بين النوم والاستيقاظ، أما حديثاً فقد قام العالم إريك كلينجر عام 1980م بالكثير من الدراسات التي تناولت موضوع أحلام اليقظة.

ووجد أنّها تدور غالباً حول الأحداث اليومية العادية التي يمرّ بها الفرد، فمثلاً الأفراد العاملون في الوظائف المُملّة كسائقي الشاحنات، يستخدمون أحلام اليقظة للتخلُّص من حالات الملل والضجر التي يتعرّضون لها بسبب طبيعة أعمالهم الروتينية، وبشكل عام لم يُجمِع علماء النفس على تعريف ثابت لهذه الظاهرة،ومن أهم المحاور في أحلام اليقظة ما يلي:

وظائف أحلام اليقظة 
عالج الكثير من علماء النفس أبرز وظائف أحلام اليقظة بالكثير من الدراسات والاجتهادات، ومن أهم هذه الوظائف التالي:

1- تعتبر أحلام اليقظة هي الأرض الخصبة للأفكار الإبداعية المبتكرة، وقد تكون متطلباً ضرورياً لبعض أنواع الابتكار؛ أي أنّها انطلاقة القصة الأدبية التي يستخدمها الفرد في مخيّلته.

2- بما أنّ أحلام اليقظة هي بشكل أو بآخر تُشكّل عملية الاتصال بين الماضي والحاضر والمستقبل، فتظهر وظيفتها عبر محاولتة استعراضها للأحداث المستقبلية من خلال التجارب والخبرات السابقة؛ بحيث يُعطَى الفرد الفرصة لاختيار أفضل البدائل، والتوجه إلى الاحتمالات والاستجابات الأكثر فائدة وإيجابية، وبالتالي التمكُّن من التخلص من الطرق والأساليب غير الفعالة في التعاطي مع الحاضر.

 

3- استخدام الخبرات السابقة في توقع الأحداث المستقبلية والتنبؤ بها، فأحلام اليقظة في هذه الحالة تعتبر من الأدوات التلقائية لعملية التعلم والتخطيط، فالنظر في الاستجابات السابقة والحالة العاطفية أو الوجدانية التي يتّبعها تجعل الفرد أكثر انفتاحاً لإدراك أبعاد جديدة لتأثير الأحداث السابقة على الفرد وعلى الآخرين.

4- تحدّث بعض علماء النفس عن الوظيفة التكيُّفية التي تقوم بها أحلام اليقظة من خلال تقديمها الإثراءات المطلوبة على خبرات الفرد، وإضافة بعض العناصر التي تُضفي بعض الإثارة على التجارب والأحداث المُملّة.

5- كما تعد أحلام اليقظة أحد أهم الأبواب الفنية الأصيلة والمهمة؛ إذ تظهر من خلالها قدرات الفنان والأديب على تكييف إنتاجه الفني بإخراج حسّي بليغ؛ من خلال سد الفجوات والعثرات الفنية، والمقاربة بين الواقع الذي يُجمّله العمل الفني وبين أحلام اليقظة الملهِمَة للأفكار الإبداعية والفنّيّة.

أنواع أحلام اليقظة:

1- أحلام اليقظة الإيجابية: هي الأحلام التي يظهر أثرها الإيجابي على الفرد من خلال عملية التحفيز الذاتي والتخطيط المستقبلي وتدعيم الاستقرار النفسي؛ بحيث تعمل على تنشيط الشق الأيمن من الدماغ وتقوية الروابط العصبية، بالإضافة إلى المساعدة في تقوية الذاكرة، وبالتالي فإنّ الاستثمار السليم لها يساعد الفرد على الإبداع وتنمية مهارة حل المشكلات؛ حيثُ أثبتت الدراسات من خلال التصوير المغناطيسي للمخ أنّ المناطق التي لها صلة بمهارة حل المشكلات تصبح أكثر نشاطاً أثناء حالة حلم اليقظة.

2- أحلام اليقظة السلبية: هي الأحلام التي يستخدمها الفرد بشكل مبالغ فيه بحيث يعيش في عالم من الخيال المتواصل بعيداً بشكل كبير عن العالم الواقعي والحقيقي، بالإضافة إلى الغرق في عالم الأفكار والصور الخيالية السلبية منها، والتي تؤدي في مراحلها المتقدمة إلى نتائج غير سوية.

مضار أحلام اليقظة:
من الممكن أن تصبح أحلام اليقظة ظاهرة أو سلوك مُضرّ على السير الطبيعي والمستقرّ على حياة الفرد إذا ما تم استخدامها بشكل مبالغ به ومتواصل، ويظهر ذلك عند استغراق الفرد في هذه الأحلام أثناء أداءه لمهامه المختلفة أو أثناء عملية التعلم، مما يؤدي إلى فقدان التركيز وضعف الانتباه وبالتالي فقدان المعلومات والتعليمات المهمة، وبذلك فإنّ التداخل الذي يحصل بين أحلام اليقظة والوظيفة التي يقوم بها الفرد قد يؤدي إلى تدنّي مستوى الإنجاز الشخصي، كما يظهر ضرر العيش في أحلام اليقظة على الصحة النفسية من خلال التعاطي مع الأفكار السلبية غير السوية بشكل كبير؛ ممّا قد يجعل الفرد يميل للانتحار.

فوائد أحلام اليقظة:
1- تدريب الدماغ على عمليات التفكير المعقدة؛ كتذكُّر الماضي والتنبؤ بالمستقبل، كما أنّ أحلام اليقظة ترتبط بشكل أساسي بالتكوين المادي المَرِن للدماغ، والذي يسمح بالتّغيير المستمرّ في المسارات العصبية.

2- تجعل الفرد أكثر إبداعاً وتعاطفاً وانفتاحاً وتقبُّلاً للآخرين، بالإضافة إلى استشعار الحب والتواصل مع الأشخاص المقربين.