نابلس - النجاح الإخباري - من المعروف أن العلاج النفسي يلعب دورا مهما في تحسين صحة الفرد ورفع مستوى جودة حياته، ولكن هذا الدور يصبح أكثر أهمية في ظل الظروف القاسية والمتغيرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، بسبب الاحتلال والقمع والانتهاكات التي يمارسها بحقه، والتي تؤثر سلبا على نفسية المواطنين وتزيد من معاناتهم.

وقد أظهرت الدراسات أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين يعانون من اضطرابات نفسية مختلفة، مثل الاكتئاب والقلق والصدمة والإجهاد، وأن هذه الاضطرابات تؤثر على قدرتهم على العمل والتعلم والتواصل والتكيف مع المواقف، كما أنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض عضوية ومزمنة.

ولذلك، يحتاج المواطنون إلى مساعدة نفسية متخصصة، تساعدهم على التغلب على هذه المشكلات، وتعزز من قدراتهم على التحدي والصمود، وتحقق لهم رضا عن أنفسهم وثقة بأن المستقبل سيكون أفضل.

وفي هذا الإطار، تحدث د. شادي أبو الكباش رئيس قسم الخدمة الاجتماعية في جامعة النجاح الوطنية، في حوار خاص مع “النجاح الإخباري”، عن أسباب زيادة الحاجة إلى العلاج النفسي في المجتمع الفلسطيني، وأهمية التشخيص المبكر للحالات المرضية، وأبرز التحديات التي تواجه تقديم هذه الخدمة.

وأشار أبو الكباش إلى أن ضغوطات الحياة المستمرة، والظروف المادية والأمنية المتدهورة، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، هي من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى زيادة مستوى التوتر والقلق لدى المواطنين، وتضعف من قدرتهم على التكيف مع المواقف.

وأضاف أن هذه المشكلات تظهر بشكل مختلف من شخص لآخر، حسب شخصيته وخبراته وثقافته، لكن هناك بعض المؤشرات التي تدل على حدوث اضطراب نفسي، مثل: التغير في سلوك الشخص أو روتينه أو اهتماماته، وانخفاض مستوى الأداء في العمل أو الدراسة، والانعزال عن الآخرين والتفريط في العلاقات الاجتماعية، وفقدان الشعور بالمتعة أو السعادة، والشعور باليأس أو الاحباط أو الذنب.

وأكد أبو الكباش على ضرورة التدخل المبكر في هذه الحالات، وعدم التأخر في طلب المساعدة من أخصائي نفسي مؤهل، لأن ذلك يساعد على تقليل مدة العلاج وزيادة فرص الشفاء، ويمنع تفاقم المشكلة أو انتقالها إلى مراحل أخطر.

ونصح أبو الكباش المواطنين باتباع بعض الإرشادات التي تساعدهم على تحسين صحتهم النفسية، مثل: التفريغ الانفعالي بطرق سليمة، والابتعاد عن التراكم والكبت، وتنظيم الوقت والأولويات، وممارسة النشاطات التي تحبها، مثل: الرياضة أو القراءة أو الموسيقى أو الفن، والحفاظ على علاقات اجتماعية جيدة مع الأهل والأصدقاء.

وتطرق أبو الكباش إلى بعض التحديات التي تواجه تقديم خدمات العلاج النفسي في فلسطين، مثل: نقص عدد الأخصائيين المؤهلين، وضعف خبرات بعضهم، وغياب المراكز المتخصصة في هذا المجال، وانتشار بعض المفاهيم الخاطئة أو المبالغ فيها عن الأمراض النفسية وطرق علاجها، سواء في وسائل الإعلام أو في المجتمع.

ولكن هذه التحديات لا تزال قابلة للحل، بحسب رأيه، من خلال: زيادة التوعية بأهمية الصحة النفسية وكيفية حمايتها، وتشجيع المواطنين على طلب المساعدة عند الحاجة، وتحسين مستوى التأهيل والتدريب للأخصائيين، وإنشاء مراكز متخصصة تقدم خدمات نفسية متكاملة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن هذه المجال.