نابلس - نبيل عمرو - النجاح الإخباري - كتب نبيل عمرو لـ"النجاح الإخباري": اطلبوا الوحدة ولو في روسيا،  هذا العنوان مشتق من الحكمة التي توارثناها حول أهمية العلم في حياة البشر .."اطلبوا العلم ولو في الصين".

ونظراً لحاجتنا الملحة لتوديع الانقسام واستعادة وحدة الوطن والشعب، فيبدو أنَّنا سنذهب إلى آخر الدنيا لو تطلَّب الأمر ذلك وفي هذا الزمن لم يعد للدنيا آخر فكلّ الأماكن قريبة.

لماذا روسيا؟

يرتبط الفلسطينيون بالروس سواء عبر التاريخ القديم أو الحديث، أو في زمن الاتحاد السوفياتي وما تلاه بعلاقات عاطفية فوق السياسية، وحين كان الاتحاد السوفياتي هو القطب الآخر الذي يتقاسم النفوذ الكوني مع الولايات المتحدة، كان الدعم السوفياتي للظاهرة الفلسطينية أساسيًّا في مواجهة العداء الأمريكي، وفعّالًا في تجنيد دول وشعوب وكيانات لمصلحة دعم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ولمؤازرة حركته الوطنية وفتح الأبواب أمامها على نحو مستمر.

ولقد شاءت الأقدار أن أعمل سفيرًا لفلسطين على مدى خمس سنوات وفي زمنين متعاقبين، زمن الاتحاد السوفياتي وزمن انتهائه وولادة دولة روسيا الاتحادية على أنقاضه.

ورغم التغيير الشامل الذي ذهبت إليه الدولة العظمى في كلّ المجالات، إلا أنَّ الثابت الذي لم يتغير هو التزام الدولة الروسية بدعم الحقوق الفلسطينية وتجسيد هذا الالتزام باعتراف مبكر بدولة فلسطين ومنحها سفارة كاملة الصلاحيات في موسكو.

ذلك مع تأكيد اعترافهم الثمين والهام بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. إنَّه موقف يتطابق تمامًا مع الموقف الفلسطيني ومع أفضل المواقف الشقيقة والصديقة.

في هذا المناخ التاريخي والواقع الموضوعي للسياسة الروسية الشرق أوسطية تدلي الدولة العظمى الصديقة بدلوها لمساعدة الفلسطينيين على الخروج من كارثة الانقسام، الروس يفعلون ذلك ليقينهم بأنَّ مستقبل الكفاح الفلسطيني الطويل والمرير وما راكم من إنجازات نوعية يواجه خطرًا حقيقيًّا إذا ما استمر الانقسام، خصوصًا حين يتقدَّم الأمريكيون رسميًّا بصفقة القرن، التي إن لم يحسن الفلسطينيون معالجة تحدياتها بكل الطاقات الذاتية و التحالفية، فستضع القضية العادلة في حالة انهيار غير مسبوق.

ليس مؤكّدًا ولا مضمونًا أن يعود القوم بعد أيام من موسكو ليشرعوا في ترتيبات تصفية الانقسام، خصوصًا وأنَّ المحاولة الروسيَّة سبقتها أحد عشر سنة، أو أكثر من محاولات ليست المصرية هي الوحيدة من بينها، غير أنَّني وما زلت احتفظ بصداقات هامة مع سياسيين ومثقفين وأكاديميين روس، أتوجَّه لأصدقائي بنصيحة فإن أخذوا بها فوفق اجتهادي يضعون الأقدام على الطريق الصحيح وإن لم يأخذوا بها فلهم مأثرة المحاولة دون إغلاق الباب أمام محاولات متجدّدة.

 نصيحتي...

أخرجوا من محادثات موسكو ببند واحد، هو موافقة الجميع على إجراء انتخابات عامة والاتفاق على موعد محدَّد لا يتجاوز الأشهر الستة التي قرَّرتها المحكمة الدستورية ، وأعلن الرئيس عباس التزامه بها وبوسعنا اعتبار إعلان حماس بأنَّها لا تخشى الانتخابات هو عامل إيجابي يستحق النقاش حوله.

مع ملاحظة لا أخال الأصدقاء الروس غافلين عنها وهي أنَّ الذين يستضافون في موسكو جميعًا بحاجة إلى تجديد شرعيتهم المتقادمة وليس سوى الانتخابات العامة ما يجدِّد الشرعية ويمنحها صدقية وفرصًا عملية للنجاح، ليس فقط في معالجة كارثة الانقسام بل وفي مواجهة التحديات الكبرى التي ستقذفها أمريكا في وجهنا ربما خلال الشهور القليلة القادمة في ما يسمى صفقة القرن.