غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - كشف وكيل العمل في قطاع غزة، م. إيهاب الغصين، أن العمل بغزة تعمل هذه المرحلة على وقف تجار وسماسرة التصاريح خلال فترة بسيطة، الذين يقومون باستغلال المواطن الفلسطيني، للعمل في إسرائيل.

وقال الغصين في حوار لـ "النجاح الإخباري": "نحن ماضون خلال هذه الأيام إلى وقف عمل تجار وسماسرة التصاريح كلياً خلال فترة بسيطة، وذلك باعتماد وترخيص شركات تشغيل رسمية في قطاع غزة، حسب نظام معتمد سابقاً لدى لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة".

وأضاف أنه "حسب النظام المعتمد لديهم، سيتم ترخيص مكاتب التشغيل دون دفع أي رسوم لوزارة العمل"، مشيراً إلى أن ترخيص تلك المكاتب بحاجة إلى سجل تجاري معتمد من وزارة الاقتصاد.

وأوضح الغصين أن "العمل" سيكون لها محددات لشركات التشغيل، حول آلية دفع الرسوم من قبل المواطن، للحصول على تصاريح عمل، بدلاً من الأموال التي كانوا يدفعوها للسماسرة والتجار، لافتاً إلى أن الحديث عن المبلغ الذي سيدفعه المواطن لتلك الشركات "من السابق لأوانه".

وأفاد وكيل" العمل "بغزة، بأن عدد العمل الذين لديهم تصاريح عمل داخل إسرائيل سارية المفعول، يبلغ نحو الـ 18 ألف عاملاً، منوهاً إلى أن هناك نوعان من تصاريح العمال "تصاريح احتياجات اقتصادية وتصاريح المشغل".

وتابع: إن "عدد العمال الحاصلين على تصاريح تشغيلية يبلغ تقريباً 2100 من أصل الـ 18 ألف، والباقي تصاريح احتياجات اقتصادية.. حيث كان الحديث منذ عام ونصف، إلى أن تصل الكوتة "حصة غزة" إلى 30 ألف، ولكن حتى هذه اللحظة لا يوجد أي زيادة".

ونبه الغصين إلى أن عدد المواطنين المسجلين لدى العمل الراغبين في العمل داخل إسرائيل، بلغ نحو 140 ألف مواطناً"، لافتاً إلى أن الوزارة رشحت حوالي 42 ألف اسماً للشؤون المدنية من أصل 140 ألف، "قُبل منهم تقريباً 20 ألفاً أو أقل قليلاً، ومن هؤلاء تصاريحهم سارية المفعول يبلغون 11 ألف فقط".

ومضى قائلاً: 11 ألف اسماً من أصل 140 ألف.. أين بقية الـ 18 ألفاً، والتي هي ما بين تصاريح مشغلة، وتصاريح كانت صادرة من الشؤون المدنية قبل أن ندخل على هذا الملف".

آلية الترشيح

وعن آلية ترشيح الأسماء، بيّن الغصين أن الطلب أكثر من العرض، مضيفاً "في ظل البطالة العالية، ورغبة المواطنين في إيجاد مصدر للرزق، حتى توجه عدد كبير من الخريجين وأصحاب الشهادات أيضاً للعمل في الداخل، وبالتالي 140 ألف عدد كبير جداً، كيف سنقوم بترتيبهم؟

وأردف قائلاً: "قمنا بتشكيل لجنة وطنية لوضع معايير تحقق العدالة، وفي نفس الوقت لا يمكن التلاعب بها"، منوهاً إلى أن اللجنة وضعت حوالي 10 معايير للترشح، من ضمنها "عدد الأبناء والعمر وعمل الشخص في القطاع الخاص وعمل زوجته، بالإضافة إلى امتلاكه لشهادة مهنية وسيارة مثلاً، وهل يوجد لديه سجل تجاري سابق وغيرها من المعايير"، بحسب الغصين.

وأوضح أنه بمجموع هذه المعايير تُعطى نقاط للاسم المرشح، والتي بدورها تُحدد دوره في القائمة الكبيرة، مؤكداً أنه تم استحداث هذه المعايير، لأنها متغيرة وليست ثابتة، "فهناك عمر الشخص بازدياد، أو الأبناء يزيدون أو يقلون حسب الحالة.

وزاد في قوله: "مثلاً لم يتم حساب الأبناء المتزوجين على العامل، وهذا يقلل العدد عند زواج الابن أو في حال وفاة أو غيرها"، لافتاً إلى أن هذه المعايير المتغيرة جعلت الوزارة، للجوء لما يُسمى بالألوان لتحديد الدور.

وبيّن الغصين أن هناك عدة ألوان التي تحدد دور الاسم المرشح، "مثلاً اللون الأخضر يكون الأقرب للترشيح، وبعدها الأصفر ومن ثم البرتقالي وأخيراً اللون الأحمر الذي يعتبر بعيد جداً عن الترشيح"، مشيراً إلى أن هذه الألوان تُعطي على الأقل وضوح للمواطن أنه قريباً سيترشح أم لا، للبحث عن اتجاه آخر في العمل وألا ينتظر دوره.

وبحسب وكيل وزارة العمل في غزة، فإن هناك تعاون مشترك بين الوزارة والشؤون المدنية بشأن تصاريح العمال في إسرائيل، مستدركاً "لكن المشكلة الحقيقية هي الاحتلال، الذي لم يقم بزيادة عدد الكوتة حتى هذه اللحظة".

وأكد الغصين أن ترشيح أسماء العمال كاملاً من قبل وزارة العمل بغزة، حسب المعايير التي وضعتها، لافتاً إلى أن هناك أسماء تقوم بترشيحها الشؤون المدنية، وهي أسماء كانت موجودة على النظام قبل أن تدخل عليه العمل بغزة.

وأوضح أن الأسماء المرشحة من قبل الشؤون المدنية كانت قد رٌفعت لدى الاحتلال وتم رفضها، لكنهم يقومون بترشيحها من طرفهم، دون أي تدخل من وزارة العمل بغزة، مشيراً إلى أن وزارته والشؤون المدنية على نقاش دائم حول آلية فحص الأسماء التي رشحتها، للتأكد من أن هؤلاء عمال أم لا.

ونوّه الغصين أن وزارة العمل بغزة أوقفت التسجيل عبر الموقع الالكتروني، مشيراً إلى أن هناك 140 ألف اسم لم يستفيدوا حتى الآن من التصاريح، "لذلك لا نجد فائدة من فتح التسجيل حالياً، إلا إذا كان هناك تحرك للملف بشكل حقيقي".

عدم وجود سياسة واضحة

وبخصوص المعايير التي يتعامل بها الجانب الإسرائيلي للموافقة على أي اسم من العمال، أكد الغصين عدم وجود سياسة واضحة بالنسبة لهم في إطار القبول والرفض من الجانب الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل ترفض أحياناً كل الترشيحات، دون أي سبب.

وقال: "أحياناً تُعطي الرفض ستة أشهر فقط وأحيانا سنة كاملة، وفي ظل هذا الرفض في حال توجه المواطن للحصول على تصريح مشغل فإنه قد يحصل عليه"، مشدداً على عدم وجود معيار واضح وصريح في هذا الأمر.

وأضاف الغصين: إن "عدم الوضوح ليس فقط في سياسة إسرائيل، بل في موضوع تجديد تصاريح العمال، فهناك تصاريح احتياجات اقتصادية تقوم بتجديدها تلقائياً، والبعض لا تجددها، وبعضها بعد أن تنتهي مدة الستة أشهر الأولى يتم إيقافها فوراً، وهناك جزء من العمل قد يكون بأهداف أمنية".

أما بالنسبة للعمال الذين تنتهي تصاريحهم وهم داخل إسرائيل ويكونوا مخالفين، أكد وكيل وزارة العمل بغزة أن دورهم بعد ترشيح الأسماء ينتهي كلياً، وزاد قائلاً: "لأننا بعد معبر بيت حانون ليس لدينا أي دور في الداخل في ظل هذا الاحتلال".

وعدّ الغصين عدم وضوح الآلية لدى إسرائيل بتجديد وقبول ورفض التصاريح مشكلة حقيقية تواجه غالبية العمال، مشدداً على أن الحل الأنسب للعمال أن يكون لديهم تصاريح المشغل.

واعتبر تصريح المشغل تصريحاً رسمياً معتمداً عند إسرائيل للعمل في الداخل، والذي على أثره يحصل العامل على كل الحقوق الممكنة، سواء في حال الوفاة أثناء العمل، أو نهاية الخدمة والتأمين الصحي وغيرها.

وجدد الغصين تأكيده على أن العمل بغزة تريد الوصول لمرحلة حصول جميع العمل على تصاريح مشغل، ليكونوا بعيدين كل البعد عن ما يُسمى بـ"تجار وسماسرة" التصاريح، الذين يقومون باستغلال حاجة المواطنين.

وأوضح أن دور العمل يقوم باتجاه التوعية الدائم للمواطنين، بعدم التعامل مع هذه الابتزازات والاستغلال، لافتاً إلى أن الأجهزة الأمنية بغزة لاحقت هؤلاء التجار والسماسرة، لكن معظمهم وفقاً للغصين يعملون داخل إسرائيل عن طريق الانترنت، الأمر الذي صعّب من ملاحقتهم.

واعتبر وكيل العمل بغزة أن ملف تجار وسماسرة التصاريح، عملاً أمنياً أكثر، وليس من اختصاص وزارته، مستطرداً: "لكن أي معلومة كانت تصلنا من العمال وغيرهم، نحولها فوراً لوزارة الداخلية، لتقوم بدورها".

وفي سياق متصل، أكد الغصين أنه لم يتم تطبيق تحويل أموال وأجور العمال الذين يعملون داخل إسرائيل عبر البنوك، منوهاً إلى أنه لا يوجد ضبط لهذا الأمر حتى اللحظة.

وأوضح أنه كان هناك حديث لكي يتم تحويل أجور العمال عبر البنوك، وخاصة للعمال الذين يملكون التصاريح المشغلة، لكن لا يوجد ضبط لتلك الآلية، منوهاً إلى أن وزارة العمل بغزة والشؤون المدنية تطرقا إلى هذا الملف، لكن لا يوجد رؤية واضحة بشأنه.

ووفقاً لوكيل وزارة العمل بغزة، كان هناك حديث في شهر أغسطس من العام الماضي، أن تتحول كل تصاريح الاحتياجات الاقتصادية إلى تصاريح مشغل، وتتحول الرواتب إلى البنوك، لكن هذا الأمر لم يحدث ولن يتغير أي شيء.

خريجو غزة ومشكلة البطالة

وتطرق الغصين إلى ملف خريجي قطاع غزة، حيث أشار إلى أن 18 ألف خريج يتخرجون سنوياً من الجامعات المختلفة في قطاع غزة، مؤكداً أن هذا العدد الكبير يزيد الباحثين عن فرص عمل.

ووفقاً للغصين، ليس هناك حلاً لمشكلة البطالة في غزة في ظل الحصار الإسرائيلي، مشدداً على أن ما تقوم به الوزارة المساهمة في التخفيف من هذه الأزمة، من خلال إيجاد بعض فرص التشغيل المؤقت.

وقال: "أطلقنا مشروع "تنمية التشغيل"، من خلاله قمنا بإطلاق مشاريع صغيرة، وتعزيز فكرة العمل عن بعد والعمل الحر، بالإضافة إلى محاولات إيجاد فرص عمل في الخارج لهؤلاء الخريجين"، مؤكداً أن حل الإشكالية لن يتم "إلا بإنهاء الاحتلال وهذا الحصار بشكل كامل"، على حد قوله.

وأضاف الغصين أن وزارته تقوم بتوجيه خريجي الثانوية العامة، للتوجه إلى تخصصات لا يوجد فيها تكدّس في السوق المحلي، مع العلم أن كل التخصصات فيها تراكم، ولكن هناك نسبية ما بين تخصصات وأخرى.

وتابع: "نحن دائماً نوجّه طلابنا وطالباتنا من خريجي الثانوية العامة، أن يختاروا التخصص الذي يخدمهم، لكي يجدوا فرصة عمل وتكون لديهم منافسة.. ونوجه خريجي الجامعات أيضاً بجانب الشهادة الأكاديمية أن يكون لديهم مهارات عالية، لأن التنافس والتميز والنوعية هي التي أصبحت تعُطي فرصةً أكبر للخريج، بالإضافة إلى نوعية تخصصه".

وأشار الغصين إلى أن بعض التخصصات لن تجد فرصة عمل "حتى بعد انهاء الحصار والاحتلال" من كثرة الخريجين، منوهاً إلى أن نسبة خريجي تخصص "التعليم الأساسي" في قطاع غزة، تمثل 40% من البطالة.

ويرى الغصين أن أزمة البطالة ليست قضية وزارة العمل أو الحكومة الفلسطينية فقط، وإنما قضية الكل الوطني، مطالباً تشكيل لجنة وطنية، للعمل على حل مشكلة البطالة أو التخفيف منها.

وأردف قائلاً: " كما أن هناك قضايا مركزية تُشكل لها لجان وطنية، لا بد من وجود لجنة لحل أو التخفيف من أزمة البطالة، ينصهر الجميع في التفكير لحلها والتخفيف منها، من خلال مؤسسات المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية وشخصيات وخبراء وأكاديميين، معتبراً هذا الملف "أكبر من وزارة العمل والحكومة".

الحد الأدنى للأجور وقانون الضمان الاجتماعي

ووصف وكيل العمل بغزة، وضع العامل الغزي بعد جائحة كورونا بأنه "سيء جداً"، خصوصاً ظل قلة فرص العمل، مؤكداً أن الوضع قبل كورونا كان صعباً جداً.

وبحسب الغصين، فإن قطاع غزة يُعاني من مشكلة عدم اعتماد حد أدنى للأجور، في ظل التقلبات الكبيرة والظروف الاقتصادية الصعبة، لافتاً إلى أن وزارته تحاول أن نوازن ما بين سير العجلة الاقتصادية وما بين واقع العمال.

وقال: "في حال قمنا بالتشديد بشأن اعتماد الحد الأدنى للأجور في غزة، فستتوقف بعض منشآت العمل، وبعض أرباب العمل سيقومون بتسريح عدد من العمال، ونحن نؤيد أن يظل المواطن الغزي في عمله ويحصل على أجر، ولكن نحاول أن نسدد ونقارب بين هذين الاتجاهين بحيث أنه لا نريد الوصول إلى السُفرة والعبودية في موضوع الأجر، بدون أن يكون هناك تأثير على عجلة الاقتصاد التي هي في حالة انهيار كبير"، على حد تعبيره.

ونوه الغصين إلى أن العمل بغزة شكّلت "لجنة الأجور" قبل عدة أشهر، وهي بحسب القانون تقوم بوضع سياسات الأجور، تشمل أيضاً مقترحات وأفكار حول الحد الأدنى للأجور، موضحاً أن هذه اللجنة ما زالت تعمل، ومشكَّلة من أطراف الإنتاج الثلاثة، أرباب العمل والعمال والحكومة الفلسطينية، متمنياً في ذات الوقت أن يكون لها دور في تحسين الواقع الذي نعيشه، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

وفيما يخص قانون الضمان الاجتماعي، لفت الغصين إلى أن وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش، زار قطاع غزة منذ أيام، وقام بعمل جلسات حوارية بشأن هذا القانون بالتنسيق مع وزارة العمل بغزة، وعّد قانون الضمان الاجتماعي مصلحة للعامل، إذا كانت الأوضاع الاقتصادية مستقرة.

أما في قطاع غزة وفي ظل عدم وجود حد أدنى للأجور، والتقلب الكبير في العملية الاقتصادية وعدم ثبات العمل، فمن الصعب جداً تطبيق هذا قانون الضمان الاجتماعي، بحسب الغصين، لكنه يرى أن تطبيق القانون قد يكون جزئياً لبعض الشركات الكبيرة التي لها فروع في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولديها استقرار اقتصادي ووظيفي.

وتسائل قائلاً: كيف يتم اعتماد قانون الضمان الاجتماعي في قطاع غزة، وليس هناك اعتماد حد أدنى للأجور؟ مشدداً على أنه من صعب تحقيقه، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع.