وكالة أنباء العالم العربي - النجاح الإخباري - شنت إسرائيل يوم الجمعة الهجوم الأكثر دموية على سوريا منذ بدء حربها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، وهو ما أثار مخاوف من تحول الصراع في الشرق الأوسط إلى حرب شاملة.

ولاقى 44 حتفهم في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع قرب مطار حلب الدولي، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، من بينهم سبعة ينتمون إلى جماعة حزب الله اللبنانية و36 من قوات النظام السوري وأحد عناصر الفصائل المسلحة الموالية لإيران. واكتفت وزارة الدفاع السورية بالقول إن القصف الإسرائيلي أسفر عن استشهاد مدنيين وعسكريين.

ووصف المرصد الضربات الإسرائيلية بأنها الأعنف على سوريا منذ ثلاث سنوات، كما أنها الأكثر دموية منذ اندلاع الحرب في غزة.

وقال المحلل السياسي السوري علاء الأصفري لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن تصاعد حدة الضربات الإسرائيلية على سوريا يوحي بأن إسرائيل "تريد أن تجر المنطقة بالكامل إلى حرب شاملة، ويبدو أننا اقتربنا من ساعة الصفر".

وأضاف "الاستهداف فجر الأمس كان غير مسبوق منذ سنين، وسقوط أكثر من 33 شهيدا في هذا العدوان الآثم ترافق مع هجوم لتنظيمات إرهابية، وهذا يوحي بوجود تنسيق إسرائيلي كامل مع هذه المنظمات الإرهابية بقيادة الولايات المتحدة".

وتابع قائلا "المنطقة على فوهة بركان كبير، وتكرار هذه العمليات سوف يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة والجميع يستعد لها جيدا".

وتقصف إسرائيل بين الحين والآخر مطاري دمشق وحلب في محاولة لعرقلة تدفق الأسلحة إلى الفصائل المدعومة من إيران في سوريا، غير أن الأصفري استبعد صحة الادعاءات الإسرائيلية.

وقال "هذا الكلام غير سليم لأن هناك تصنيع محلي كبير، سواء في غزة أو في جنوب لبنان لكل الأسلحة الصاروخية".

ومضى يقول "لقد فات أوان أن تكون إسرائيل قادرة على كبح جماح تسليح حركات المقاومة، وبالتالي فإن سوريا هي القلب النابض لهذا الموضوع وأعتقد أن الأمور سوف تتداعى بشكل أكبر. ما قبل اليوم ليس كما بعده".

ومنذ اندلاع الحرب في غزة، التي أشعلها هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول، تكثف إسرائيل ضرباتها لحزب الله في لبنان وتستهدف عناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا. 

وأعلن حزب الله أمس الجمعة استشهاد سبعة من مقاتليه في هجمات إسرائيلية في لبنان، من بينهم علي نعيم الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه نائب قائدة وحدة الصواريخ والقذائف بالجماعة وقال إن إحدى طائراته استهدفته في منطقة البازورية بجنوب لبنان.

والتصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله هو الأكبر منذ أن خاض الطرفان حربا استمرت شهرا في يوليو تموز 2006، وتتبادل إسرائيل مع الجماعة المدعومة من إيران إطلاق النار عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول.

وأسفرت المناوشات بين إسرائيل وحزب الله عن استشهاد أكثر من 270 من مقاتلي الجماعة اللبنانية و50 مدنيا لبنانيا، فضلا عن مقتل عشرة جنود إسرائيليين وستة مدنيين في شمال إسرائيل.

وقال المحلل العسكري والسياسي كمال الجفا لوكالة أنباء العالم العربي إنه لا يمكن فصل ما يحدث من هجمات على الأراضي السورية عما يحدث في الإقليم ككل.

وأضاف "الجبهات مترابطة ومرتبطة بقضية مركزية واحدة ضربت أسس الأمن والاستقرار في كل المنطقة، وهي قضية الاحتلال الاسرائيلي والتي كانت السبب الرئيسي في كل الحروب والدمار على المنطقة العربية".

ويرى الجفا أن الضربات الإسرائيلية لسوريا "غير متعلقة بفصيل مقاوم إيراني أو لبناني أو حتى قوات سورية أو قوات رديفة، بل هي سياسة إسرائيلية تمادت في إسقاط كل الخطوط الحمراء".

وتابع قائلا "التوقيت الاسرائيلي في هذا الاعتداء الكبير يرتبط بمسرح العمليات العسكرية الذي يجتاح كامل المنطقة ويهدد بتوسيع رقعتها في جبهات محور المقاومة، وهو مطلب ورغبة اسرائيلية لإدخال سوريا في أتون حرب إسرائيل والتي وصلت في قضية غزة إلى جدار مسدود... وربما يكون لبنان هو الهدف القادم".

وأوضح المحلل السياسي أن مقياس تطور وتمدد العمليات العسكرية هو الموقف الميداني الإسرائيلي وقدرته على نقل المعركة من غزة إلى لبنان أو سوريا.

وأردف "في المقابل القرار لمحور المقاومة (فصائل مسلحة مدعومة من إيران)، وهل سيتم توسيع نطاق الردع والاستهداف أم ستبقى ضمن القواعد التي رسمت خلال الأشهر الأخيرة"، معتبرا أن الدول العربية وحلفاء سوريا لا يريدون تمددها بعكس إسرائيل التي تسعى لتوريط الولايات المتحدة في حرب إقليمية ربما تدمر المنطقة بأكملها، على حد قوله.

وقال جفا إنه لو لم يكن هناك ردود أو ضربات مؤلمة لإسرائيل "فمن المؤكد أنه سيكون هناك ضربات أخرى تتمدد للمناطق الحيوية والبنية التحتية، سواء للدولة السورية أو حتى للقواعد والمنشآت الحيوية والاقتصادية الحليفة للإيرانيين أو لحزب الله".

وأضاف "عملية الردع ووضع حد لهذه الانتهاكات مرتبطة بردود المحور وحلفاء سوريا ومستوى الألم الذي يمكن أن تتحمله إسرائيل جراء هذه الهجمات والتي تعتبر الأقل كلفة بالنسبة لها وبالتالي لا يوجد حاجة لأن توقفها"، مشيرا إلى أن تمادي إسرائيل وزيادة حدة هجماتها على الأراضي السورية قد يدفع حلفاء سوريا إلى الرد.

وأدانت وزارة الخارجية السورية الهجوم الإسرائيلي على حلب. 

وقالت الخارجية السورية "تدين سوريا العدوان الإرهابي الذي شنه كيان الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم مستهدفا عددا من النقاط في ريف حلب... لم يكن صدفة أن يقوم الكيان الصهيوني بهذا العدوان في نفس الوقت الذي شنت به مجموعات إرهابية مسلحة متحالفة مع الكيان الصهيوني هجمات واعتداءات بالطيران المسير نفذتها من إدلب وريف حلب الغربي".