وكالات - منال الزعبي - النجاح الإخباري - استهداف إسرائيل للصحفيين في غزة هو جزء من حربها على الحقيقة ومحاولتها لإسكات الشهود على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهد حوالي 90  صحفيا وعاملا في مجال الإعلام، وأصيب أكثر من 70 آخرين، وتعرضت منازل ومكاتب ومعدات العشرات من الصحفيين للتدمير.

 مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة، آخر شهيد أعلن استهدافه بصاروخ احتلالي أنهى مسيرته الحافلة في  قصف استهدف مدرسة في خان يونس، وكان أبو دقة  نقل صورًا ومشاهد مؤثرة للمجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.

وفي وقت سابق استهدفت عائلة الصحفي في قناة الجزيرة وائل الدحدوح حيث استشهدت زوجته وأبناؤه وعدد من أفراد عائلته في غارة جوية إسرائيلية على منزلهم في مخيم النصيرات. وكان الدحدوح قد تلقى الخبر المفجع على الهواء مباشرة أثناء تغطيته للقصف الإسرائيلي على غزة، واستمر في تغطياته تحديًا لاحتلال يسعى لكسر شوكة الفلسطيني وهزيمته.

وفي حادثة مأساوية أخرى، استشهد الصحفي في تلفزيون فلسطين محمد أبو حطب وأحد عشر فردا من أسرته عندما أُصيب منزلهم في القصف الإسرائيلي على خان يونس.

المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اعتبرها محاولة اغتيال الرواية الفلسطينية  وطمس الحقيقة، ومنع وصول المعلومات والأخبار إلى الرأي العام الإقليمي والعالمي، وطالب الاتحادات الصحفية بالضغط على إسرائيل للإفراج عن الصحفيين المعتقلين.

واعتبر أن ذلك يمثل "محاولة لترهيب الصحفيين في الميدان وإجبارهم على السكوت والصمت، لكن الصحفيين الفلسطينيين ساهموا بشكل غير مسبوق في فضح جرائم الاحتلال بحق المدنيين والأطفال والنساء وبكل شجاعة وجرأة وبطولة.

وفي الضفة الغربية والقدس الحال ليس أفضل، فقد تعرض العشرات من الصحفيين الفلسطينيين للمضايقات والاعتقالات والاعتداءات من قبل الجيش والشرطة والمستوطنين الإسرائيليين خلال تغطيتهم للمواجهات والاحتجاجات الفلسطينية .

لماذا تتعمد إسرائيل استهداف الصحفيين الفلسطينيين؟

 حرب على الحقيقة تمارسها إسرائيل، هذا ما قاله خبير القانون الدولى د. أيمن سلامة، الذي رأى "أن إسرائيل اعتادت اتباع أسلوب لن تحيد عنه وهو استهداف الكاميرات والصحفيين التي تنقل الحقيقة دون زيف أو تحريف، وتبث الجرائم الإسرائيلية لسائر أرجاء المعمورة، لكن الحال في غزة جد مختلف، فالجرائم فاقت التصور، والبربرية نهج المتجبر".

وأضاف: "تهدف إسرائيل في سياق استهدافها الصحفيين لتصدير سرديتها المزيفة وتستغل الحرب فتسيطر وتقيد وسائل الإعلام، حتى تقوم بتشكيل نسق تصوري في مخيلة الجمهور مغاير للحرب وما يدور فيها".

وأكمل أنَّ إسرائيل تخشى ما يقوم به الصحفيون من دور حيوي في مساءلة الحكومات والجهات الفاعلة القوية الأخرى.، وأضاف: يشكل التقييد الإسرائيلي لحرية الإعلام أثناء الحروب معضلة خطيرة؛ لأنه يمنع الجمهور من الاطلاع على حقيقة ما يحدث، خاصة جرائم الحرب التي ترتكبها أيادي البطش الإسرائيلية بدم بارد، وهذه التقييد يمكن أن يؤدي إلى الدعم الشعبي الداخلي للحروب غير القانونية التي تشنها إسرائيل، ولكن الأهم من ذلك أن ذلك التقييد يمكن أن يزيد من صعوبة محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات.

ولقي فعل استهداف الصحفيين الفلسطينيين استنكارا مؤسساتيًّامحليا وإقليميا ودوليا عارم، حيث  أدانت منظمة التعاون الإسلامي، استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المتعمد، للعاملين في قطاع الصحافة والإعلام وعائلاتهم

وجددت المنظمة في بيان، أمس السبت، دعوتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، لاستكمال التحقيق في جميع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، وقوة الاحتلال، ضد المدنيين بمن في ذلك الإعلاميون والصحفيون الذين يتعرضون للقتل العمد والاعتقال والضرب على خلفية عملهم الصحفي.

وحملت المنظمة، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن استشهاد أكثر من 90 صحفيا، فضلا عن اعتقال أكثر من 45 آخرين منذ بداية العدوان الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة والضفة الغربية.

واعتبرت ذلك في إطار محاولات الاحتلال ثنيهم عن أداء رسالتهم في نقل مشاهد الإبادة الجماعية، وتوثيق جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، ومنع إيصالها إلى الرأي العام العالمي.

كما دعت المنظمة، المؤسسات الدولية المعنية إلى التحرك الفوري لضمان تحقيق العدالة، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بمن في ذلك الصحفيون العاملون في الأرض الفلسطينية المحتلة بموجب القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

في حين قال البيت الأبيض المتواطئ مع الاحتلال الإسرائيلي: "إليس لدينا مؤشرات على أن إسرائيل تستهدف الصحفيين بشكل خاص في قطاع غزة، مضيفا: "نعتقد أن ثمة اتفاقا عامًا لتخفيف كثافة العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة.

دروع الصحافة لا تحمي أرواح الصحفيين في غزة

حقيقة مرّة نستخلصها من الأحداث الصعبة التي تعيشها غزة  في ظل الحرب القاسية، التي لا تميّز بين صحفي ومقاوم، طفل أو شيخ، رجل أو امرأة،  فخلف الصاروخ يقف جندي مدجج بالحقد تزعجه كاميرات الصحفيين التي توثق جرائمه وتعري إرهابه أمام العالم أجمع فيستهدف الصحفيين المدنيين المجردين من السلاح ليقطع عليهم المشهد وينهيه بجريمة واضحة إعلام حقيقي أيقظ العالم وأزال الغباش عن صورة القضية الفلسطينية في عينه وهذا ما لا تريده إسرائيل التي تبالغ في إجرامها ثم تذهب تتباكى للعالم في رواية زائفة كاذبة ومشاهد مفبركة وإدعاءات باطلة في محاولة لاستدرار عطف العالم لكن مرادها الحقيقي هو قتل الشهود قراب 100 صحفي فلسطيني خلال اثنين وسبعين  يوما سبقهم  العشرات في سجل دموي حافل في ظل الاحتلال،وفي كل مرة يفلت المجرمون من العقاب.

 الصحفي سامر أبو دقة، وعائلة وائل الدحدوح، وأربعة صحفيين فلسطينيين حصد الموت  أرواحهم بين عشية وضحاها، في قصف صهيوني استهدف منازلهم في مخيم البريج وسط القطاع. كانوا يحاولون نقل الحقيقة والواقع للعالم، ولكنهم وجدوا الموت في زيهم الذي يفترض أن يحميهم من الاعتداءات هم الصحفي ساري منصور، والمصور حسونة سليم، والصحفي والمحلل السياسي مصطفى الصواف، والمصور منتصر الصواف، وقبلهم شيرين أبو عاقلة وغيرهم الكثير هم أبطال الإعلام الحقيقي الذي أيقظ العالم وأزال الغباش عن صورة القضية الفلسطينية في عينه، وهذا ما لا تريده إسرائيل التي تبالغ في إجرامها ثم تذهب تتباكى للعالم في رواية زائفة كاذبة ومشاهد مفبركة وإدعاءات باطلة في محاولة لاستدرار عطف العالم، لكن مرادها الحقيقي هو قتل الشهود، وفي كل مرة يفلت المجرمون من العقاب.

 صحفيون يحملون أرواحهم على أكفهم وينهضون من بين ركام منازلهم المدمرة وأشلاء أبنائهم الممزقة لينقلوا للعالم واقعا كابوسيًّا يشبه الخيال، يعيشونه بصبر حتى يقرر صاروخ غاشم إطفاء الضوء في أعينهم،  لن يكون آخرهم الصحفي سامر أبو دقة الذي رحل عن عالمنا تاركا عائلته التي تعيش في بلجيكا وطفله زين يردد أغنيته الأخيرة "يابا شقد مشتاق" التي غناها قبل أن يصبح الاشتياق فعلًا حاضرًا للأبد .

جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي

استشهاد الصحفيين في غزة يعتبر جريمة حرب وانتهاكا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، حسب ما أكدته نقابة الصحفيين الفلسطينيين، ومنظمات دولية معنية بحرية الصحافة وحماية الصحفيين. وقد طالبت هذه الجهات بإجراء تحقيق عاجل ومستقل في هذه الجرائم، ومحاسبة المسؤولين عنها، ووقف الاعتداءات على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في فلسطين.

وسبق أن أدانت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، في بيان لها، القصف المتعمد والمتكرر للمنازل والمباني المدنية والمؤسسات الإعلامية في قطاع غزة، ووصفته بأنه "يشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني"، ودعت إلى "فرض حظر على تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية"، وإلى "إحالة الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى المحكمة الجنائية الدولية"..

كما أدانت منظمة مراسلون بلا حدود، في بيان لها، “الهجمات الإسرائيلية على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في قطاع غزة"، ووصفتها بأنها "تهدف إلى منع تغطية الواقع على الأرض"، ودعت إلى "حماية الصحفيين واحترام حقهم في ممارسة مهنتهم"، وإلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في هذه الانتهاكات.

وقد أعربت الأمم المتحدة، في بيان لها، عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الإنسانية والأمنية في قطاع غزة، وعن "إدانتها للهجمات الإسرائيلية على المدنيين والبنية التحتية والمؤسسات الإعلامية"، وعن تأييدها لحق الصحفيين في العمل دون خوف أو تهديد، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار والعنف، وإلى الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.

مصادر: 

 

https://www.oic-oci.org/topic/?t_id=40093&t_ref=26819&lan=ar