منال الزعبي - النجاح الإخباري - مأزق اقتصادي كارثي وجدت إسرائيل نفسها فيه مضطرة لدفع ضريبة حرب تشنها على غزة، يتوقع الخبراء والمحللون أن تكون فاتورتها باهظة الثمن بشريًا واقتصاديا.

واقع وصفته صحيفة "هارتس" الإسرائيلية في تحليلاتها الاقتصادية للحرب، بالشلل اقتصادي في الجنوب، وشلل في الحركة السياحية، وارتفاع الإنفاق الدفاعي، سيكلف إسرائيل ثمنًا غاليا وفق تقارير رسمية وخبراء اقتصاديين.
المحلل الاقتصادي سمير أبو مدللة، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، قال إن الحرب تسبب شللا تامًا في الحياة تطال كل القطاعات لدى الجانب الإسرائيلي وتأثيرها لا يتوقف على غزة وحدها.
وأوضح لـ"النجاح" أن الحرب الحالية عطلت  الحياة في غزة على المستويات كافة: الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية، وأن المعابر مغلقة، والأوضاع مأساوية بسبب انقطاع الكهرباء ونقص المياه، إلا أن إسرائيل المدججة بالعتاد والسراح تدفع أيضًا ثمنًا باهظًا من مواردها البشرية والاقتصادية، رغم أنها تحظى بدعم دولي كبير، خصوصًا من أمريكا التي قدمت لها 8 مليارات دولار منذ بدء الحرب.
وقال أبو مدللة إنَّ امتداد الحرب سيشكل ضغطًا على حكومة إسرائيل؛ لأن كل مستوطنات غلاف غزة متوقفة، وكل المنشآت الزراعية مدمرة، كما تعطل قطاعا الزراعة والصناعة، ورغم وجود دعم أوروبي، إلا أنّ هذا الوضع سيكون له ارتداداته على جميع الأصعدة.
وأكَّد أن هناك انهيارًا للشيكل مقابل الدولار، وهذا يعني تراجع قيمة الشيكل أمام العملات الأخرى، ما يؤثر على جوانب الاقتصاد الإسرائيلي كافة: البورصة، والتجارة، والأسهم، والتصدير والاستيراد.
وأوضح أبو مدللة أنه لا يوجد إحصائيات دقيقة حول خسائر الحرب حتى الآن، لكنَّه توقع أن خسائر إسرائيل تبلغ المليارات يوميًّا، بينما تبقى الخسارة الأكبر لدى الجانب الفلسطيني، الذي يعاني من أسوأ حالة في تاريخ فلسطين، ولا يجد حتى رشفة ماء أو مصدر كهرباء يضمن له حياة إنسانية في ظل هذه الحرب غير المتكافئة التي تشنها إسرائيل ضد المدنيين والبنية التحية في قطاع غزة.

وقد أورد بنك هبوعليم الإسرائيلي في تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"
أن الحرب في غزة تهدد الاقتصاد الإسرائيلي بخسائر فادحة تجاوزت 6.8 مليار دولار حتى الآن، واصفًا إياها بـ "حرب على جبهة الاقتصاد".
ويقدر بنك هبوعليم الإسرائيلي أن تتجاوز تكلفة الحرب في غزة 7 مليارات دولار أميركي، وقد تصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، إذا انتقل الصراع إلى الجبهة الشمالية.

ويضيف البنك أنه من المبكر جدا حساب الأضرار الاقتصادية للصراع الحالي، لكنه يذكر أن الحرب مع غزة في عام 2014، التي استمرت 50 يومًا، كلفت الاقتصاد 3.5 مليارات شيكل (880 مليون دولار)، أو 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي حين كان يتوقع البنك المركزي نموًا اقتصاديًا بنسبة 3% في عامي 2023 و2024، إلا أن هذه التوقعات ستتغير بسبب الأحداث الجارية.
ويتوقع أيضًا ازيادة تكاليف وخسائر الاقتصاد الإسرائيلي حال طالت الحرب معللا بأن "إسرائيل" تستدعي 
قوات احتياطية كبيرة جدًا، مما يشير إلى استعداده لإطالة مدة الحرب لأسابيع إضافية وربما أشهر.
وبحسب معهد دراسات الأمن القومي فإنَّ الحروب السابقة التي خاضها الاحتلال كانت مكلفة جدًا، فحرب لبنان عام 2006، التي دامت 34 يومًا، كلفت 2.4 مليار دولار، أو 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي، والعدوان على غزة عام 2008 كلف 835 مليون دولار.
وكالات التصنيف الائتماني لم تغير تصنيف إسرائيل حتى الآن، ولكنها تراقب التطورات عن كثب، وستحدد مدة الحرب حجم الخسائر الاقتصادية لإسرائيل.
موقع "غلوبس" المختص بالاقتصاد الإسرائيلي، قال إنّ التأثيرات لن تتوقف على الشيكل وأسواق المال، "بل قد تؤدي إلى ارتفاع علاوات المخاطر ضد الاقتصاد الإسرائيلي".
وإلى جانب الكلفة المرتفعة للحرب، فإن وزارة المالية وبنك إسرائيل سيكونان بمواجهة ضعف الشيكل، ومحاولة الحفاظ على سعر منطقي ضمن النطاق الحالي.
وقد يكون التصنيف الائتماني لإسرائيل، الضحية الاقتصادية والمالية المقبلة، في حال طال أمد الحرب، الأمر الذي قد يدفع وكالات التصنيف مثل موديز، وستاندرد آند بورز، إلى خفض تصنيف إسرائيل، بحسب "غلوبس".
وأورد الموقع أيضًا أن اقتصاد إسرائيل يمر  بفترة حساسة، ويبتعد المستثمرون حاليا عن الأسواق، وذلك بسبب الإصلاح القضائي الذي تجريه الحكومة.
وفي تحليلاتها، منصة "المنقبون الاقتصادية"  قالت إن  إسرائيل تشهد حالة من الشلل الاقتصادي منذ اليوم الأول لانطلاق عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ضد الاحتلال، والتي أدت إلى مقتل مئات الإسرائيليين وأسر وفقدان عشرات آخرين.

وأوضحت أن بيانات رسمية  أظهرت انخفاض بورصة تل أبيب بنسبة 8% في إغلاق تعاملات الأحد، في حين سجل مؤشر البنوك تراجعًا كبيرًا بلغ 8.7%، والإنشاءات بنسبة 9.52%، والتأمين 9.38% والاستثمار 9.2% والطاقة بـ9.22%1.

وأضافت أن التأثير طال "الشيكل" الإسرائيلي الذي تراجع أمام الدولار إلى أدنى مستوياته منذ نحو 7 سنوات وجرى تداول الدولار عند مستوى 3.81 شيكل مما يؤثر على جوانب الاقتصاد الإسرائيلي كافة: البورصة والتجارة والأسهم والتصدير والاستيراد.

وأورد الموقع أن إلغاء عدة شركات طيران دولية رحلاتها إلى تل أبيب، بالإضافة إلى إلغاء حجوزات الفنادق وهروب السياح، وإغلاق المطارات المحلية وسط وجنوب إسرائيل أمام الاستخدام التجاري، كلها خسائر فادحة تتكبدها إسرائيل.

وقال خبراء اقتصاديون إن عملية "طوفان الأقصى" ستكون لها تأثيرات اقتصادية مباشرة، وأخرى مستقبلية، وتوقعوا أن تعمق الحرب على جبهة غزة من أزمات الاقتصاد الإسرائيلي، وهو ما قد يؤدي إلى استمرار تراجع الشيكل أمام الدولار، وكذا تراجع الأسهم في البورصة الإسرائيلية.

وأضافوا أن المصالح الاقتصادية ستتعطل بالكامل جنوب إسرائيل، وربما تل أبيب تحت تأثير الضربات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية، ودون أن يتحدثوا عن تفاصيل رقمية، وقالوا إن "طوفان الأقصى" سيشكل ضربة اقتصادية لإسرائيل، ربما تتكشف فاتورتها مع تطورات الحرب.

أمّا بشريًّا فقد خسرت إسرائيل أكثر من 1400 قتيل بينهم 291 جنديا وضابطًا واعترفت بوقوع 199 أسيرًا إسرائيليا بيد المقاومة في غزة في حين تجاوز عدد الجرحى الإسرائيليين 3968 مصابًا، وفق تصريحات صحة الاحتلال.

ولليوم الحادي عشر على التوالي، يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بقصف عنيف من الطائرات والزوارق الحربية، والمدفعية، التي تستهدف في مجملها المنازل والأبراج والبنايات السكنية، موقعا آلاف الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين، إضافة إلى تدمير بالممتلكات العامة والخاصة، والبنية التحتية.

وأعلنت إسرائيل أنها تستعد لعملية برية واسعة في غزة بهدف القضاء على قوة حماس، في وقت أرسلت فيه الولايات المتحدة حاملتي طائرات مقاتلة للمنطقة لدعم إسرائيل وتحذير أطراف أخرى من الانخراط في الصراع.