نابلس - خاص - النجاح الإخباري - أشاد مسؤولون فلسطينيون ومحللون وإعلاميون بخطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء أمس الخميس، معتبرين الخطاب بمثابة مكاشفة صريحة للمجتمع الدولي إزاء عجزه عن تطبيق القرارات الدولية الصادرة على مدى 75عاما من عمر الصراع، مشددين على أن الخطاب كان فاضحاً لرواية الاحتلال المزعومة.

وخاطب الرئيس محمود عباس، قادة وزعماء العالم المشاركين في الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا: "واهمٌ من يظن أن السلام يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية المشروعة".

ووجه الرئيس عباس رسالة للإسرائيليين، بأن الاحتلال لن يدوم مهما كانت الأطماع والأوهام، لأن شعبنا باقٍ على أرضه التي سكنها منذ آلاف السنين جيلا بعد جيل، وإذا كان لا بد لأحد أن يرحل فهم المحتلون.

ودعا المجتمع الدولي إلى تنفيذ قراراته المتعلقة بإحقاق الحق الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، الذي يتحدى قرارات المجتمع الدولي التي زادت عن الألف، وينتهك مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، ويسابق الزمن لتغيير الواقع التاريخي والجغرافي والديموغرافي على الأرض، من أجل ديمومته وتكريس الفصل العنصري (الأبرتهايد).

دلالات تحوّلية

وقالت حركة فتح، إن "خطاب الرئيس محمود عباس أمام الأمم المتحدة؛ مثّل المعاني السامية لقضيتنا ونضال شعبنا التاريخي، مضيفةً أن مضامين الخطاب لها دلالات تحوّلية، أبرزها التشبّث بالحق الفلسطيني بالرغم من الحرب الشعواء التي يمارسها الاحتلال.

وأكدت "فتح"، في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، مساء الخميس، أن انسحاب وفد الاحتلال أثناء خطاب رئيس الشعب الفلسطيني، وقائد حركة تحرّره؛ يدلّل على وهن الراوية الصهيونية الزائفة، مبينةً أن المساعي التي يقودها الرئيس من أجل الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين أضحت قاب قوسين.

ودعت "فتح" جماهير شعبنا في الوطن والشتات إلى التعاضد والتوحد خلف الرئيس محمود عباس ودفاعه عن الرواية الفلسطينية؛ باعتبارها الوثيقة التاريخية التي تعبّر عن مظلومية شعبنا، وحقه بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.

وأكد أسرى حركة فتح، وجبهة التحرير الفلسطينية، أن خطاب الرئيس عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يثبت ضرورة التفاف الكل الفلسطيني حول القيادة، باعتبارها صمام أمان للقضية الوطنية الفلسطينية.

وشددوا على أن كلمة الرئيس عبرت عن البُعد الوطني والإنساني للشعب الفلسطيني، فضلا عن ترسيخ الرواية الفلسطينية يوما بعد يوم.

خطاب الرواية والحقيقة

من جانبه، أشاد رئيس الوزراء محمد اشتية، بخطاب الرئيس عباس، بما حمله من إشارات ودلالات تؤكد على رواية أصحاب الأرض الأصليين أمام رواية الطارئين عليها، والتي تكشف للعالم مدى زيفها وهشاشتها واعتمادها على فائض القوة والغطرسة في محاولة يائسة لترويجها.

واعتبر اشتية خطاب الرئيس، بمثابة مكاشفة صريحة للمجتمع الدولي إزاء عجزه عن تطبيق القرارات الدولية الصادرة على مدى 75عاما من عمر الصراع.

وأكدت عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" دلال سلامة أن الرئيس أدلى بخطاب محاكاة الواقع والحقيقة حول ما يعانيه شعبنا من واقع لعدوان واحتلال وجرائم مستمرة من جهة، وما عبر عنه سيادته حول عجز العالم بتنفيذ قراراته ولجم دولة الاحتلال.

وقالت سلامة، في تصريحات إذاعية إن "الرئيس طالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات واضحة ومحددة في إطار الخروج من المأزق الحالي بسبب تدمير دولة الاحتلال لحل الدولتين، عبر عقد مؤتمر دولي للسلام والاعتراف بالدولة الفلسطينية والتصويت على منحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة".

خطاب الرواية والحقيقة

من جهته، وصف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح خطاب الرئيس محمود عباس بأنه خطاب الرواية والحقيقة الفلسطينية التي تمثل شعبنا في جميع أماكن تواجده.

وقال فتوح، في بيان صدر عن المجلس، إن خطاب الرئيس كان صريحا وقويا وجريئا، وأكد على المبادئ والحقوق الوطنية الأساسية والمشروعة لشعبنا، وعلى الرواية الفلسطينية، فاضحا رواية الاحتلال المزعومة.

وأضاف أن الخطاب ذكّر المجتمع الدولي بحق العودة وقضية اللاجئين وحصار غزة ومكانة القدس للشعب الفلسطيني، وكذلك الاعتداء على الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية، وما يمارس من انتهاكات وخرق للقانون الدولي وحرية العبادة في القدس والأرض الفلسطينية المحتلة.

مكاشفة صريحة

في السياق، أجمع إعلاميون وأكاديميون عرب في جمهورية مصر العربية، على أن خطاب الرئيس عباس وثيقة وضعها أمام المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، ومكاشفة صريحة إزاء عجزه وصمته على إجراءات الاحتلال والفصل العنصري، ومحاولاته لتدمير حل الدولتين، وهو ما من شأنه أن يدفع الأمور إلى حافة الهاوية.

وأوضحت الأكاديمية صفاء شلبي في جامعة التكنولوجيا الحديثة، أن أهم ما تناوله الرئيس عباس في خطابه هو طرح قضية شعب محتل يتعرض يوميا لهجمة مسعورة من الاحتلال ومستوطنيه، وأن دعوة الرئيس إلى العالم لعقد مؤتمر دولي للسلام لتوفير مناخ جديد، تأتي في وقت هام تتعرض فيه القضية الفلسطينية لمحاولات تقويض القرارات الدولية المتعلقة بثوابت الشعب الفلسطيني.

وأكدت الإعلامية الجزائرية سهام بوسرتي أن الرئيس محمود عباس نقل معاناة الشعب الفلسطيني إلى العالم لمطالبته بتحمل مسؤولياته في إنهاء الإحتلال الإسرائيلي، ووضع في خطابه القضية الفلسطينية أمام دول العالم والمجتمع الدولي، فيما يتعلق بالقرارات الصادرة عن أعلى منصة دولية، وهي الأمم المتحدة ومجلس الأمن وللأسف لم تنفذ، كما وضع تحديا أمام الجمعية العامة في قدرتها على ضمان تطبيق وتنفيذ قراراتها، وإجبار إسرائيل على الخضوع للشرعيات التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية.

خطاب مركز وواضح

في ذات السياق، يرى المحلل السياسي إبراهيم أبراش أن خطاب الرئيس في الأمم المتحدة كان رائعاً، متسائلاً "ولكن ماذا بعد الخطاب؟ وهل سيستجيب المنتظم الدولي للخطاب؟ والرئيس نفسه خاطب المجتمعين قائلا: هناك مائة قرار نفذوا ولو قرارا واحداً.

وقال أبراش في حديثه لـ "النجاح الاخباري": إن "خطاب الرئيس أبو مازن في الجمعية العامة للأمم المتحدة كان مركزاً واضحاً في تأكيد الرواية الفلسطينية، وهو أفضل من خطابه في العام الماضي ولكنه يبقى خطاباً".

وأضاف إن "الخطابات وحدها لا تغير الواقع إلا إذا كانت مصحوبة بممارسة على الأرض تعزز الرواية، فالصهاينة يعززون خطابهم وروايتهم حتى وإن كانت زائفة بممارسات استيطانية وتهويدية تحول الخطاب والرواية إلى واقع".