غزة - خاص - النجاح الإخباري - يرى محللون سياسيون أن الهدف الأساسي من مسيرات العودة كان رفع الحصار عن قطاع غزة، مؤكدين أن الشعب الفلسطيني في غزة جرّب هذه المسيرات خلال السنوات الماضية، ولم ينتج عنها سوى أعداد كبيرة من الشهداء والإصابات والمبتورة أطرافهم.

وبين المحللون في أحاديثهم لـ "النجاح الاخباري"، أن حماس تستخدم مسيرات العودة حينما تريد الحصول على إنجازات أو بعض الأموال والتسهيلات، معتبرين في ذات الوقت مسيرات العودة مجرد تبليغ رسائل سياسية للخروج من ضائقة أو أزمة تعيشها حماس.

وكانت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، أعلنت الأربعاء الماضي، إعادة تجهيز وتأهيل مخيمات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة. وأكدت الهيئة في بيان لها، أنه سيتم بدء العمل الفعلي في مخيمات العودة على حدود غزة.

ولم تقدم الهيئة أي توضيح إضافي إلا أن الخطوة تأتي مع تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2006، إذ من المرجح الإعلان عن باقي التفاصيل قريبا وإذا ما كانت مسيرات العودة ستعود كما كانت قبل سنوات قليلة.

وبدأت جرافات وآليات بتجهيز المناطق التي تقام فيها "مخيمات العودة"، كمقدمة للإعلان عن عودة المسيرات الأسبوعية التي كانت تنظم سابقا ظهر كل يوم جمعة.

وكانت مسيرات العودة قد انطلقت في قطاع غزة في الـ 30 من أغسطس 2018، واستمرت لعامين استشهد خلالها 217 مواطنا واصيب المئات وانتهت بتقديم اسرائيل تسهيلات لسكان غزة دون إنهاء الحصار، من خلال السفير القطري محمد العمادي بواقع 30 مليون دولار شهرياً.

ويحيي الفلسطينيون، في الثلاثين من آذار/ مارس ذكرى يوم الأرض، الذي تعود أحداثه إلى عام 1976؛ حيث جرت أول مواجهة مباشرة بين المواطنين الفلسطينيين من جهة؛ والمؤسسة الإسرائيلية منذ عام 1948.

استئناف مسيرات العودة

من جهته، قال مشير المصري القيادي في حركة حماس، إن "استئناف مسيرات العودة للتأكيد على أننا ذاهبون في كل اتجاه للدفاع عن شعبنا وثوابته، سواء كانت خيار المقاومة العسكرية أو المسيرات السلمية أو الأدوات الخشنة".

وأضاف في تصريحات لـ "النجاح الاخباري": "نعتقد كل خيارات الشعب الفلسطيني مفتوحة على مصراعيها، طالما هناك احتلال".

واعتبر المصري أن المقاومة تُدير معركة مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي بكل حكمة واقتدار، مشيراً إلى أنها تتنوع بين كل أساليب المقاومة بين الفينة والأخرى.

وفي 21 آب/ أغسطس الجاري، شاركت جماهير حاشدة في وقفة تضامنية مع المسجد الأقصى في ذكرى إحراقه الـ54 شرق مدينة غزة، وسط مواجهات مع قوات الاحتلال، وهو ما وجاهته قوات الاحتلال المتمركزة خلف السياج الأمني بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني.

وكانت القوى الوطنية والإسلامية دعت للمشاركة في الفعالية الجماهيرية على أرض ملكة شرق المدينة، نصرة للمسجد الأقصى، وذلك في ذكرى الحريق الذي نشب فيه ضمن الجناح الشرقي للجامع القبْلي.

صفقة مسيرات العودة

في ذات السياق، أكد المحلل السياسي، أكرم عطا الله أن مسيرات العودة بدأت لرفع الحصار عن قطاع غزة، وعندما تم تخفيف هذا الحصار توقفت هذه المسيرات، لافتاً إلى أنه كان هناك ما يشمل الصفقة لمسيرات العودة.

وقال عطا الله في حديثه لـ "النجاح الاخباري": إن "مسيرات العودة تتوقف عندما يتم إدخال بعض الأموال والتسهيلات على صعيد الحصار وفتح بعض المعابر".

وأضاف أن "حركة حماس تشعر بالاختناق وتشعر أن لها تجربة، تقول أنه كلما ضغط في مسيرات العودة تحقق شيء على صعيد من نوع الانفراجات البسيطة في فك الحصار"، مشيراً إلى أن حماس تقول للغزيين، أن الاحتلال هو السبب والمسؤول مع تزايد النقمة وحالات الغضب والانتحار وغيره.

وتابع عطا الله، أن "حماس تريد أن تُذكر الناس أن الاحتلال هو السبب، وتريد أن تُحصّل من الاحتلال أكبر قدر من إنجازات، وتستدعي تدخل الوسطاء لأننا نعرف أنه في حال مسيرات العودة ينشط الجانب المصري والقطري وهكذا"، منوهاً إلى أن حماس تريد أكثر من سبب في هذا السياق.

وبشأن دعوات المصابين الذين تقطعت أطرافهم في مسيرات العودة السابقة، للشباب بعد الذهاب إليها، اعتبر المحلل السياسي هذه الدعوات "محقة".

وأردف قائلاً "لأنه عندما يُطلب من هؤلاء نداءً وطنياً ثم يجري التخلي عنهم، يستجيبون للنداء ولكن لا تستجيب الجهات القائمة لما يطلبه نداء المسؤولية، حينها يصبح ذهاب الشباب مغامرة غير مسؤولة، وهذا منطق الأشياء".

وكان مئات الشباب من قطاع غزة الذين بُترت أطرافهم خلال مسيرات العودة الكبرى، منذ الإعلان عنها إلى يومنا هذا.

يشار إلى أنه بلغ عدد الإصابات في الأطراف ما يزيد عن 7,000 إصابة سبّبتها الذخيرة الحية (نحو 88 بالمائة من الإصابات)، وتلتها الإصابات في البطن والحوض. وقد أفضت 156 إصابة من هذه الإصابات إلى بتر الأطراف المصابة (126حالة بتر في الأطراف السفلية و30 حالة في الأطراف العلوية). ومن هذه الحالات، شملت 94 حالة على الأقل عمليات بتر ثانوية أُجريت بسبب الالتهابات التي أصابت العظام في وقت لاحق. وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ويعيش الجرحى الذين استسلموا لواقعة بتر أطرافهم ظروفًا نفسية صعبة، في ظل قلة الإمكانيات الطبية ويعايشون صدمة الإصابة كل يوم، ويحاول هؤلاء التعايش مع معاناتهم وإظهار طاقتهم على التحمل للتغلب على ظروف البتر.

رسائل سياسية

في الإطار ذاته، يرى المحلل السياسي إبراهيم أبراش، أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة جرّب مسيرات العودة خلال السنوات الماضية، وكان في كل مسيرة هناك عدد كبير من الشهداء والإصابات والمبتورة أيديهم وأرجلهم.

وأوضح في حديثه لـ "النجاح الاخباري"، أن مسيرات العودة يفترض أن تحذف كلمة "العودة"، لأنها مسيرات فقدت مغزاها ودلالاتها الأساسية، مشيراً إلى أن أول ما ظهرت فكرة مسيرات العودة قبل سنوات كانت فكرتها تدر على محاولة تحريك كل الجبهات.

وقال أبراش، "مسيرات العودة تنطلق من الأردن وسوريا ولبنان ومن قطاع غزة في ذكرى النكبة، للتأكيد على حق العودة، وهذه هي الفكرة الأساسية لها"، مضيفاً "ثم بعد ذلك وظّفت حماس هذه المسيرات بتسخين الحدود مع إسرائيل، لتبليغ رسالة ما إذا ما ضاق بها الحال، في تأخرت منحة قطر، وإذا كان هناك ضغوط عليها كما يجري الآن".

وبيّن أن مسيرات العودة ليس مؤشراً على تصعيد عسكري، منوهاً إلى أن الفلسطينيين لن يستفيدون منها، بل ما تخلفه هذه إلا المزيد من الضحايا.

وتابع أبراش "إذا كان هناك تهديد حقيقي بحرب شاملة مفترض أن نلمس ذلك على مستوى الوحدة الوطنية الفلسطينية، لأن الحرب الشاملة ستقوم بها إسرائيل الدولة ككل"، مؤكداً أنه لا يمكن أن تكون حرب شاملة فقط مع حماس أو أي طرف فلسطيني آخر فقط.

ووفقاً للمحلل السياسي، فإن مسيرات العودة مجرد تبليغ رسائل سياسية للخروج من ضائقة أو أزمة تعيشها حماس. حسب تعبير أبراش.