غزة - خاص - النجاح الإخباري - اتسعت، مساء اليوم الثلاثاء، رقعة الاحتجاجات الإسرائيلية على خطة حكومة بنيامين نتنياهو لإضعاف "جهاز القضاء"، في أعقاب مصادقة "الكنيست" بالقراءة الأولى على قانون يقلص ذريعة "عدم المعقولية"، والذي يسهم في إضعاف سلطة المحكمة العليا، ما يسمح لنتنياهو وحكومته في اتخاذ إجراءات متطرفة دون تدخل قضائي.

وشملت الاحتجاجات، تظاهرات وإغلاق طرقات ومفترقات رئيسية، في أكثر من 100 موقع، تخللها مواجهات عنيفة مع عناصر الشرطة الإسرائيلية، التي أعلنت اعتقال أكثر من 70 متظاهرا حتى الآن.

وألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن صبره ينفد حيال الاضطرابات الناجمة عن احتجاجات جديدة على خطط التعديلات القضائية، في حين هدد قادة الحركة الاحتجاجية بتصعيد شعبي واقتصادي جديد إذا صادق الكنيست على مشروع قانون يقلص من سلطات المحكمة العليا في الرقابة على الحكومة.

وذكر نتنياهو قبل اجتماع الحكومة أنه "من غير الوارد" أن تقيد الحكومة الحق في التظاهر أو تدعم أي عنف ضد المحتجين.

لكنه شدد على أنه ينبغي عدم استخدام مثل هذه الحريات "لانتهاك القانون مما يضر بالحقوق الأساسية لملايين المواطنين؛ الأمر الذي يحدث بشكل شبه يومي"، مستشهدا -على سبيل المثال- بالاضطرابات في مطار بن غوريون، وإغلاق الطرق الرئيسية ومضايقات المتظاهرين لمسؤولين منتخبين.

وقال نتنياهو إنه سيتم استدعاء المدعية العامة جالي باهراف ميارا، التي تعرضت لانتقادات علنية من عدة وزراء، "لتقديم إفادة" في اجتماع اليوم الأحد.

وأقر الكنيست الإسرائيلي أمس الاثنين بالقراءة الأولى مشروع قانون بشأن التعديلات القضائية، والتي فجرت احتجاجات في أنحاء إسرائيل على مدار الشهور الأخيرة.

وترى المعارضة أن مشروع القانون خطوة لتقويض استقلال القضاء، مما سيجعل المحكمة العليا في نهاية المطاف خاضعة لرغبات السياسيين، بينما يصرح نتنياهو بأن الهدف من التعديلات هو إعادة التوازن بين أفرع السلطة وكبح تجاوز المحكمة العليا لصلاحيتها.

ويأتي التصويت على التشريع بعد توقف المحادثات بين الحكومة والمعارضة بهدف التوصل إلى تسوية الشهر الماضي، في حين تجددت الاحتجاجات التي خفت حدتها في وقت سابق، بينما يعتزم محتجون التوجه إلى مطار إسرائيل الرئيسي غدا الاثنين.

يعيق خططها

من جهتها، أكدت النائبة العربية بالكنيست، عايدة توما، إن الحكومة الإسرائيلية مصرة على إحداث تغيير جذري في الجهاز القضائي، لأنها تعلم أن وجود جهاز رقابي قوي سيعيق خططها في مجال الاستيطان.

وأضافت توما: إن "حكومة نتيناهو ماضية في إقرار التعديلات القضائية، ضاربة بعرض الحائط كل الأصوات المعارضة والتظاهرات وحتى مبادرة الرئيس الإسرائيلي للوصول لحل توافقي حول التعديلات". حسب وكالة أنباء العالم العربي.

وأشارت توما إلى أنه تم "إقرار واحد من اقتراحات القوانيين، بالقراءة الأولى، ضمن حزمة القوانيين التي تسعى حكومة نتنياهو لتقديمها للكنيست لإقرارها".

وتابعت "البعض يقول إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصعد من خلال فرض إقرار التعديلات الحالية، ليأتي لاحقا بحلول وسط للتخفيف من حدة الاحتجاجات وليظهر نفسه بمظهر الحاكم المعتدل".

وتدفق عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى مطار "بن غوريون" الدولي في اللد، وأطلقوا الصفارات ورددوا الهتافات، فيما أبلغت سلطة المطارات الإسرائيلية عن "اضطرابات محتملة" في حركة الطيران؛ وطوقت الشرطة منطقة التظاهر في المطار وسط "تحذيرات من كارثة" بسبب الازدحامات التي تشكّلت في المكان.

وعطّل المتظاهرون حركة المرور بين القدس وتل أبيب، وغيرها من الطرق الرئيسية، وأغلقوا مفترق "كركور" قرب الخضيرة. كما تظاهر الآلاف أمام مقر "الكنيست" في القدس، وأمام السفارة الأميركية في تل أبيب، كما أن يتوجه المتظاهرون إلى شارع "كابلان"، الذي يشهد الاحتجاجات الأسبوعية المركزية منذ 27 أسبوعا، وأغلقوا طريق "أيالون" السريع.

 

صراخ على قدر الوجع

في ذات السياق، اعتبر المختص بالشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن الفوضى العارمة التي تجتاح دولة الاحتلال، والتي تم خلالها إغلاق جميع الشوارع المركزية بين المدن، والإضراب عن العمل في آلاف المرافق الاقتصادية، وتشويش العمل في الموانئ البحرية ومطار بن غوريون الدولي، وما نتج عقب ذلك من صدامات مع الشرطة، هي عملياً قصة "صراخ على قدر الوجع".

وقال المجلي: إن "الحكومة اليمينية التي بدأت في سن قوانين خطتها القانونية، وتبدو مصممة عليها رغم المعارضة الواسعة، باتت في نظر المعارضة السياسية والشعبية حكومة انقلابية، ترمي إلى تغيير منظومة الحكم وتقويض الجهاز القضائي، واعتبرت الأمر "إطاحة بالديمقراطية وتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية"، وقررت وقف ذلك بكل قوة".

وأضاف أن هذه المعارضة تطلق على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، صفة "الضَّغيط"، أي الذي لا يفهم إلا لغة القوة، فمن يضغط عليه أكثر يحقق مطالب أكثر، مشيراً إلى أن المعارضة تعتقد بأن نتنياهو في قرارة نفسه ينفذ سياسة لا تلائم عقيدته السياسية، ولكنه يسير في هذا التلم مضطراً.

وأوضح الخبير بالشأن الإسرائيلي، أن "المحتجين يدركون أهداف اليمين، ويعتقدون بأن الحل الوحيد هو في إسقاط نتنياهو، مردفاً القول: "بما أنه يتمتع بأكثرية 64 مقعداً (من مجموع 120)، وليس سهلاً أبداً إسقاطه برلمانياً، قرروا إسقاطه شعبياً".

 وكان الجنرال دان حالوتس، الرئيس الأسبق لأركان الجيش الإسرائيلي، كشف أن الاجتماع الأول لقادة الاحتجاج عقد في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول)، حال اطلاعهم على الاتفاقيات الائتلافية، أي قبل أن تتشكل الحكومة بأسبوعين: «رأينا الخطر منذ اللحظة الأولى»؛ حسب تصريح للقناة «12» التلفزيونية (الاثنين). ثم بدأت مظاهرات الاحتجاج، أسبوعاً تلو الآخر حتى اليوم (27 أسبوعاً). وكانت تلك مظاهرات سلمية تماماً ومنظمة بشكل خارق، وشارك فيها ما يزيد على ربع مليون شخص.