النجاح الإخباري - سوء الوضع الاقتصادي في قطاع غزة ألحق الأذى بجميع المجالات دون استثناء، حيث يظهر ذلك جلياً في قطاع الزراعة التي تكلف أصحاب الأراضي مئات الآلاف الشواقل في كل موسم لإنتاج محصول جيد، ولكن قلة الدخل للمواطن والحصار المفروض وقلة ضخ المياه على الأراضي بسبب انقطاع الكهرباء المتواصل، بالإضافة الى ملوحة المياه الشديدة اتلف التربة وجعلها جافة، الحصار المفروض على قطاع غزة انتشر كوباء ليس له دواء منذ أكثر من عشرة أعوام، كما وتعتبر الزراعة هي الدخل الرئيسي والتي تمثل سلة غذاء مهمة لسكان القطاع قرابة 30 ألف مزارع يعيلون من 150-200 ألف شخص.

شح في المياه:

يؤكد المزارع محمد سليمان لـ"النجاح الاخباري"، أن تجربته المتواصلة مع المياه مريرة، حيث تفاجأ بتلف كبير أصاب غالبية محصوله من البازيلاء، بسبب انخفاض نسبة الأمطار التي هطلت على قطاع غزة.

 ويشعر سليمان بقلق شديد من فصل الصيف الذي قد يتلف محاصيله لعدم توافر المياه بشكل كامل، تحديدا وأن المياه التي تصل له مالحة جدا وتضر الأراضي بشكل كبير.

وقال: "خسارتي في فصل الشتاء كانت كبيرة فأنا أمتلك أرض تبلغ مساحتها نحو 8 دونمات، وتعتمد بشكل كبير على مياه الأمطار، مما انعكس سلباً على محصولي فقد تكبدت خسائر كبيرة، بسبب تلف أكثر من 60% من محصولي الزراعي نتيجة قلة المياه".

وقالت أم محمد الأسطل: "تعاني الأرض من جفاف التربة وتلفها منذ ثماني سنوات وهذا لقلة التعويض والدعم من وزارة الزراعة، حيث تحتاج الأرض لمياه صالحة للري ولكن أحواض الصرف الصحي المجاورة لنا هي سبب رئيسي في تلف الأراضي وتسربها اليها بحيث حدث انهيار للتربة بسبب هذه المياه الملوثة بالمجاري".

ويقول الشاب ابراهيم المجايدة (28 عاما) الذي يعمل في الأراضي الزراعية ويتنقل بشكل مستمر بينها: " لم يكن الحال في الأراضي الزراعية هكذا، بل كنا نعمل طوال النهار من ساعات الفجر المبكرة دون توقف، ولكن قلة المحصول بدأ بالظهور من قلة المياه التي تصل الى الأراضي بسبب انقطاع الكهرباء وملوحة المياه، والحصار المفروض حرم قطاع الزراعة من توفير الاسمدة والدعم المالي لها، هذا وتكلف الزراعة آلاف الشواقل التي لا يستطيع المزارع دفعها لقلة المحاصيل والدخل المادي".

معابر مغلقة:

يعد اغلاق المعابر سببا رئيسياً في تدهور الزراعة، وقلة الدعم المادي له أثر سلبي على الانتاج، إذ تحتاج المحاصيل الى عناية وموازنة كبيرة، حيث يعتبر البيع في السوق المحلي خسارة للمزارع، وظهر ذلك جليا في موسم الفراولة الذي حدثنا عنه المزارع محمد أبو حلوب قائلاً: "زُرع ستون دونما من الفراولة لهذا العام، ونحن ننوع بالزراعة في المواسم حسب ما يناسب التربة، ولكنها مكلفة جدا وهذا عبء على المزارع حيث لا يستطيع موازنة التزامته المالية وتوفير الأدوية وغيرها للأرض".

انخفاض بالمحاصيل:

من جهتها أكدت وزارة الزراعة على انخفاض المحاصيل لهذا العام، بسبب قلة الأمطار والتي لم تخزنها الأرض بشكل كبير، وهذا قد يؤثر سلبا على الأراضي في المواسم المقبلة، وبهذا الخصوص قال مدير عام الإرشاد بوزارة الزراعة في غزة، نزار الوحيدي: "شهد القطاع الزراعي انخفاضاً كبيراً بسبب قلة هطول الأمطار على القطاع، الأمر الذي أدى إلى جفاف النباتات المطرية غير المروية، مما أتلف المحاصيل الحقلية بكافة الأراضي الزراعية".


ويؤكد الوحيدي، أن نسبة الخسارة التي تعرض لها المزارعون نتيجة انخفاض كمية الأمطار التي هطلت على قطاع غزة، فاقت الـ 40% من محاصيلهم الزراعية، مما فاقم من معاناتهم.

وأضاف أنه كان متوقعاً أن تصل نسبة الإنتاج من المحاصيل البعلية لـ 30%، ولكن مع قلة الأمطار فإن الناتج انخفض بشكل كبير، وأن نسبة الإنتاج من تلك المحاصيل ستقل بشكل ملحوظ عن السنوات الماضية.

وأشار إلى أن مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل البعلية في قطاع غزة تقدر ب36ألف دونم، منها نحو 33 ألف دونم مزروعة بالقمح والشعير الذي يعتمد بشكل كلي على الري المطري، ونحو 1000 دونم مزروعة باللوزيات تعتمد على الري.


وبين الوحيدي، أن وزارته لا تملك موازنة تستطيع من خلالها تعويض خسائر المزارعين، فالأمر يعتمد على الجهات الخارجية المانحة بشكل كبير، والتي باتت لا تقدم الدعم اللازم لهم.

أما عن الحل المبدئي التي من الممكن أن تقدمه الوزارة، قال: "منذ بداية هذا العام نعمل على توعية المزارع، من خلال دورات وندوات إلى تغيير نمط السلوك الزراعي في مجال الزراعة بغزة، الأمر الذي سيعود بالفائدة الكبيرة على المزارع لو قام بتطبيقها".

حل للمشكلة:

يحاول مجموعة من الرياديين حل مشكلة الزراعة التقليدية بإيجاد حلول حديثة في الزراعة، تكون أقل عبء على المزارع والذي أيده بشكل كبير رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية إسماعيل محفوظ، والذي شجع هذا النوع من الزراعة الحديثة من خلال مشاريع تؤدي إلى تحسين النوعية والزيادة الإنتاجية، مبيناً أن الزراعة المعلقة والمائية وعمليات تطعيم الأشتال مقاومة لأمراض التربة وتعمل على زيادة الإنتاج والتقليل من استهلال المياه.

وأكد محفوظ أن المزارع الفلسطيني قادر على التكيّف مع كل الظروف ومواكبة التقدم الحاصل في مجالات الزراعة وتحقيق النجاحات، لافتاً إلى أن وزارة الزراعة توجه المزارعين إلى هذا النوع من الزراعات وتحث المؤسسات ذات الصلة إلى دعمها.

هكذا يظل المزارع حائر بين تحسين زراعته وبين الدخل العائد عليه، حيث يجد عدم الزراعة أفضل له، لقلة الدخل العائد عليه من الحصول وتكلفة الزراعة واحتياجاتها، فان الكثير من المزارعين في المناطق الجنوبية من قطاع غزة توقفوا عن الزراعة وأصبحت اراضيهم جافة لقلة الاهتمام والدعم لهم.