النجاح الإخباري -  في قطاع غزة، الذي يُغلّفه غبار الحرب منذ السابع من أكتوبرتشرين الأول الماضي، غاب الإنتاج الفنيّ والدراميّ، بعد أن تحوّلت حياة الناس هناك إلى أوركسترا حزينة، ظلت سيمفونية الألم الفلسطيني تُعزف فيها لأكثر من خمسة شهور، وظل السكان الشهود الأبرز على أحداث متتابعة لا يعرفون متى تكون نهايتها.

بين أروقة الحياة في القطاع، يرسم القدر أحداثا درامية تتخللها ويلات الحرب على وقع صوت الألم المتعالي في أرجاء الأرض المنكوبة. 

وبينما غاب الإنتاج الفني والدرامي في القطاع هذا العام، بدت مشاهد الواقع تحاكي لوحة فنيّة مستحيلة التكرار، تشهد فيها العيون المشرعة على جسور المعاناة، وينصت القلب الحزين لنداءات الأمل المنتظرة على ضفاف اليأس.

تحدّث كاتب السيناريو والممثل الفلسطيني أسامة ملحيس عن ما يعيشه قطاع غزة، موضحا إن عددا من أبطال الدراما قتلوا في الحرب.

وقال  "للأسف الشديد، بسبب ظروف الحرب في غزة، غاب الإنتاج الفني هذا العام من القطاع؛ وليس ذلك فقط، بل إن الكثيرين من المشاركين في الأعمال الفنيّة السابقة استشهدوا... غزّة عودتنا على الإنتاج الغزير وأعمالها الدرامية مشهود لها بقوتها".

ويراهن ملحيس على عودة غزة للإنتاج الفني مجددا بعد انتهاء الحرب؛ وقال "غزّة دوما ولّادة وتدهشنا، والقادم أعظم وأجمل؛ وغزة لن تكون عاجزة عن إنتاج أعمال درامية مميزة جدا إن شاء الله بعد العدوان".

* تحدي الصعاب في الضفة

المخرج الفلسطيني بشار النجار، الذي تحدّى الكثير من الصعاب في الضفة الغربية وتمكن من إنجاز مسلسل "نزيف التراب" في ظروف بالغة التعقيد، تحدث بدوره عن غياب المشهد الفني في قطاع غزة هذا العام وكيف كان القطاع حاضرا دوما في الإنتاج الفني خلال شهر رمضان.

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "قطاع غزة كان ولّادا بالإنتاج الفني سنويا"، مشيرا إلى أن الكوميديا الفلسطينية كان مصدرها القطاع من خلال أعمال فنية مميزة يفتقدها الفلسطينيون هذا العام.

أضاف "أهالي غزة لا ينحصر إبداعهم بين جدران الاستوديوهات، بل أصبحت شوارعهم مسرحا للحياة، وكل يوم يعطوننا دروسا في شيء جديد".

وفي مسلسل "نزيف التراب"، الذي استلهم النجار اسمه مما يحدث في قطاع غزة، يبزغ فجر جديد تملأه روح العزيمة في بلدة تل الصبر قرب مدينة نابلس في الضفة الغربية، حيث يتراصَّف الحقيقي مع الخيال، وتتراقص الأحداث على أنغام الصبر والصمود. 

ويسرد المسلسل قصّة البقاء والتحدي في وجه القهر والظلم، حيث يلتفت المشاهد بدهشة إلى مدى واقعية الأحداث وعمق الشخصيّات.

* الفكاك من القيد

تتجلى أحداث المسلسل في رحلة بلال، الأسير الفلسطيني الشاب الذي فرَّ من براثن القيد ليجد نفسه محاصرا بين شظايا الحرب وأسرار الصمت، لكنه يبقى صامدا ومقاوما وثابت العزم كصخرة في عاصفة الأحداث. 

ومع كل لحظة يشهد فيها العالم تغيرا، يظهر جليا رمز الأمل في شخصيته. وقال النجار إن المسلسل "مرآةً واقعيةً تعكس تضحيات وتحديات الشعب الفلسطيني".

أضاف "قصّة المسلسل لها جذور قديمة تدور حول بلال، الأسير الفلسطيني الهارب والناجي من تصفية إسرائيل، وكيف قامت أمّ عسكر بإنقاذه من الموت المحقق وتغيير اسمه إلى عاصف، وكيف تمضي به الحياة والأحداث في ظل تفاصيل صعبة ومعقّدة".

ويعتقد النجار أن الدراما الفلسطينية تعيش حاليا مرحلتها الثانية؛ وقال "نحن الآن في مرحلة البناء للدراما الفلسطينية؛ وفي السنوات العشر الماضية كنّا في مرحلة التأسيس".

وأشار إلى أن الإنتاج الدرامي في فلسطين بدأ يحظى بقاعدة شعبية كبيرة، قائلا إنّ "الدراما والجمهور في فلسطين يكبران معا".

ويعتقد النجار أن الدراما في فلسطين تمرّ بصعوبات مركبة تختلف عن أي مكان في العالم، مضيفا "نحن أمام خيارين، إمّا أن نعمل ونقدّم أعمالا فنية، أو نظل في بيوتنا".