غزة - النجاح الإخباري - في الوقت الذي قدمت فيه الجزائر قراراً تطالب فيه مجلس الأمن بالتصويت على قرارٍ يقضي بوقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة لأسباب إنسانية، وما لاقى ذلك من معارضة وتلويح أمريكي برفض مشروع القرار الجزائري واتهم بأنه يقوض المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحماس، تتداول وكالة رويترز للأنباء مسودة قرار في مجلس الأمن الدولي طرحتها الولايات المتحدة تدعم الوقف المؤقت لإطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن، مع التنديد "بهجوم حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

وينص الاقتراح على أنه "في ظل الظروف الحالية، فإن هجوما بريا كبيرا في رفح من شأنه أن يزيد من إلحاق الضرر بالمدنيين وتهجيرهم، وربما حتى للدول المجاورة. مثل هذه الخطوة ستكون لها عواقب وخيمة على السلام والأمن الإقليميين، لذلك لا ينبغي أن يستمر مثل هذا الهجوم البري الكبير في ظل الظروف الحالية".

ومن غير الواضح ما إذا كان سيتم طرح هذا القرار للتصويت ومتى سيتم ذلك. 

وزير العدل الفلسطيني: من حق جنوب أفريقيا اللجوء لمجلس الأمن

ومع الجهود الدولية المتواصلة من أجل الضغط على دولة الاحتلال بوقف الحرب على قطاع غزة، وفي ظل عدم الإنصياع الاسرائيلي لما صدر عن محكمة العدل الدولية إثر الدعوة القضائية التي رفعت ضدها من قبل جنوب إفريقيا على ما تمارسه من إبادة وعقاب جماعيّ في غزة.

قال وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة إن التدابير المؤقتة التي أعلنتها محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بناء على الدعوة القضائية المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا، "ملزمة للسلطة القائمة بالاحتلال، وهي إسرائيل".

وأضاف الشلالدة أن "التدابير المؤقتة تتمتع بقيمة قانونية مثل الحكم القضائي، وإسرائيل ملزمة بتطبيق التدابير التي أصدرتها محكمة العدل الدولية".

وكانت محكمة العدل الدولية قد أعلنت أن ما سمته الوضع الخطير في قطاع غزة، وتهديدات إسرائيل باجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، تتطلب تنفيذا فوريا للتدابير الصادرة في 26 يناير كانون الثاني.

وطلبت حكومة جنوب أفريقيا قبل بضعة أيام من العدل الدولية استخدام سلطتها من أجل وقف العملية العسكرية التي تخطط إسرائيل لشنها في رفح.

وأصدرت المحكمة الشهر الماضي حكما يلزم إسرائيل باتخاذ كل الإجراءات لمنع قواتها من ارتكاب "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين في غزة، وذلك بناء على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا.

وأوضح الشلالدة أن "المحكمة شددت على أنه يتعين على اسرائيل احترام الإجراءات السابقة بوقف العمليات العسكرية فورا في غزة، بما يشمل رفح، وحكم العدل الدولية في جملته يؤدي إلى وقف إطلاق النار، لأن مفهوم وقف الإبادة الجماعية أوسع ويتضمن بشكل ضمني أو بشكل غير مباشر وقف العمليات العسكرية".

ولفت وزير العدل الفلسطيني إلى إن "وقف العمليات العسكرية ووقف إطلاق النار، لا يعنى إنهاء حالة الحرب، فوقف إطلاق النار هو إجراء عسكري مؤقت يؤدي في النهاية إلى تبادل الأسرى".

 مجلس الأمن
وقال "في حال عدم التزام إسرائيل باحترام وتطبيق هذه التدابير المؤقتة، من حق جنوب أفريقيا أن ترفع شكوى أمام مجلس الأمن، لأن مجلس الأمن هو صاحب صلاحية إجبار إسرائيل على تنفيذ واحترام القانون الدولى".

وأوضح الشلالدة أن "مجلس الأمن لديه صلاحيات إصدار توصيات وفقا للفصل السادس ولا يجوز استخدام حق الفيتو ضدها، أو إصدار تدابير المنع وفقا للفصل السابع كفرض عقوبات أو إرسال قوة طوارئ دولية لإجبار إسرائيل على تنفيذ قرار المحكمة ".

لكنه أشار إلى أنه يمكن استخدام حق النقض (الفيتو) أمام تدابير المنع.

واعتبر الشلالدة أن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية الفيتو أمام حكم قضائي، يجعلها "شريكا أساسيا ومحرضا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية".

ودعا الشلالدة مجلس الأمن إلى إصدار قرار وفقا للفصل السابع ليكون له قوة تنفيذية ملزمة، وقال "كفى إصدار قرارات وفقا للفصل السادس ضد إسرائيل، منذ عام 48 القرارات مستندة إلى الفصل السادس ما يجعلها ملزمة، لكن تأخذ طابع التوصية".

وأفاد الشلالدة بأن "المحكمة أمرت باتخاذ تدابير مؤقتة أو مستعجلة ضد إسرائيل قبل أسابيع، لكن الحكم القضائي النهائي سيأخذ فترة طويلة لتحميل إسرائيل المسؤولية القانونية الدولية عن ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية".

كما شدد على أن "إسرائيل خلال أسبوع بموجب هذا الحكم يجب أن تقدم تقريرها أمام محكمة العدل الدولية حول التزامها واتخاذها التدابير لتنفيذ قرار المحكمة على أرض الواقع".

 تعويض الفلسطينيين

وقال وزير العدل الفلسطيني إن "الشق الأهم في ذلك، أنه سيصدر حكم قضائي بتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي لحقت به وبالتالي المحكمة تنظر حاليا في إثبات الركن المعنوي من القضية لأن الركن المادي مثبت".

وأضاف أن المحكمة ستنظر في الفترة من 19 إلى 26 فبراير شباط الجاري إلى العديد من المرافعات القانونية العلنية، مشيرا إلى أن "أكثر من 50 دولة ستترافع لصالح الشعب الفلسطيني".

وقال الشلالدة إن محكمة العدل الدولية تنظر حاليا في مسألة قانونية أخرى مقدمة من الجمعية العامة للأمم المتحدة تتعلق بالآثار القانونية المترتبة على الاحتلال طويل الأمد، وانتهاكات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن "هذه قضية في غاية الأهمية".

وبحسب الشلالدة، الدعوة المطروحة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة أمام محكمة العدل الدولية تتطلب الرأي الاستشاري، وهي كذلك ملزمة لأن مرجعيتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأضاف أيضا أن الرأي الاستشاري للمحكمة سيؤكد على وضع القدس القانوني، "مما يعد صفعة قانونية لأمريكا، في الوقت الذي تسعي فيه لنقل سفارتها للقدس، وهو ما يخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

وهذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي يوليو 2004، خلصت المحكمة إلى أن الجدار العازل الإسرائيلي في الضفة الغربية ينتهك القانون الدولي ويجب إزالته.

معركة قانونية

وشدد الشلالدة على أن "معركة العدل السلمية القانونية التي تقودها منظمة التحرير، أهم من المعارك العسكرية، لأن العالم ينحاز إلى سيادة القانون الدولي ويرفض قانون القوة، ونحن كشعب فلسطيني ليس خيارنا الوحيد النضال القانوني ولكن هناك مقاومة سواء في غزة أو في الضفة الغربية".

كما أوضح أن "هناك معركة قانونية أخرى أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهناك العديد من الملفات لملاحقة السلطة القائمة بالاحتلال، ونحن ننتظر كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بأن يصدر مذكرات توقيف بحق القادة الإسرائيليين، مقترفي جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، ومثولهم أمام المحكمة الجنائية الدولية".

وبحسب الشلالدة "هناك أيضا قضايا مرفوعة أمام القضاء الدولي سواء أمام القضاء السويسري ضد رئيس إسرائيل إسحاق هرتسوغ، وهناك قضايا مرفوعة لدى القضاء الأمريكي ضد الرئيس الأمريكي بايدن".

وشدد على أن "الشعب الفلسطيني يحتفظ بأحقية في ملاحقة ومساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الوطني والإقليمي والدولي، سواء أمام الجنائية الدولية، لأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، ونحن كضحايا سنلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام أي قضاء جنائي".

ونظرت محكمة العدل الدولية في قضية إبادة جماعية رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، بسبب انتهاكاتها في غزة.

وأمرت المحكمة إسرائيل في أواخر يناير كانون الثاني الماضي ببذل كل ما في وسعها لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة.

وسوف تستمع المحكمة إلى أكثر من 50 دولة، منها الولايات المتحدة وروسيا والصين وجنوب إفريقيا، و3 منظمات دولية في القضية نفسها.