النجاح الإخباري - فيما تتواصل الحرب على قطاع غزة، تروج الولايات المتحدة لسلسلة مواقف تبدو في بعض الأحيان متضاربة، فهي ترفض وقفا لإطلاق النار، وفي الوقت ذاته تقول إنها تدعمُ صفقة تبادل أسرى تسفُر عن تهدئة تمتد لأكثر من شهر يتم استغلالها لتعزيز وقف إطلاق نار دائم وتحريك مسار دولي نحو إقامة دولية فلسطينية، لكن هل الولايات المتحدة جادة في مساعيها؟ وما هو موقفها الحقيقي؟

للاستماع للتقرير بالصوت:

نستعرض في هذا التقرير أبرز وجهات النظر حول القضية على لسان ساسة وخبراء ومحللين تحدثوا لـ"النجاح":

الولايات المتحدة تذر الرماد في العيون

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د.واصل ابو يوسف: "اليوم نشعر حقيقة من قبل الولايات المتحدة الأميركية أن ما يسمى حل الدولتين الذي تتحدث عنه هو ذر للرماد في العيون، وما تتحدث عنه الولايات المتحدة الأميركية عن قضايا لها علاقة بالقيادة الجديدة والمتجددة، وما تتحدث عنه من قضايا أخرى لها علاقة بإملاءات... الشعب الفلسطيني يرفض التعاطي معها. الشعب الفلسطيني دفع ثمنا باهظا من أجل قرار وطني مستقل، وبالتالي لا يمكن أن يقبل الشعب الفلسطيني بأية إملاءات أو محاولات لفرض أجندة لها علاقة بالولايات المتحدة الأمريكية أو الاحتلال أو غيرها".

"سلوك خجول ومتذلل لنتنياهو"

ويرى الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي، محمد هلسة، أن السلوك الأميركي خجول مترجي متذلل لنتنياهو. ويقول: "ربما بلينكن اليوم سمعتم ما قال بأن أمام اسرائيل فرصة منقطعة النظير كل الدول العربية تود أن تعمل تطبيع معها، وكأنه يتوسل نتنياهو أن يوقف ما هو ذاهب إليه للحصول على مقابل، الدخول إلى العواصم العربية كلها، والإدارة الأميركية تقول من جهة إنها تريد وقف الحرب، وتمد إسرائيل بالمال والسلاح وتوافق على حزم من المساعدات المالية".

ويتابع: "الولايات المتحدة لديها اوراقا كثيرة جدًا قادرة من خلالها في اشارة بسيطة جدا أن تدفع نتنياهو أن ينزل عن سلم غروره واستعلائه وأن يوافق غدًا على قرار وقف اطلاق النار بدون شروط وليس هدنة... الرئيس بايدن يرهن نفسه وامكانياته والولايات المتحدة كلها ليضعها في سلة الرغبات ويبدو ضعيفا مهزوزا امام الرغبات الإسرائيلية".

عكة": "شراء للوقت"

وحسب المحلل السياسي أشرف العكة فإنّ الموقف الأميركي متناقض ومتباين وما هو إلا "شراء للوقت".

وأوضح العكة أن "الحقيقية التي لا يمكن إخفاؤها أن الولايات المتحدة هي الراعي الرسمي للحرب على غزة، وتقدم كل أشكال الدعم السياسي والمالي والعسكري لنتنياهو الذي يريد تأزيم المنطقة وتوسيع دائرة الصراع ويهدد بالتوغل أكثر تجاه رفح بالرغم من كل التحذيرات المرتبطة بالوضع الإنساني الكارثي هناك".

اتفاق أميركي- إسرائيلي

ويرى بعض المحللين أن الولايات المتحدة من خلال إعلانها عن مسار إقامة دولة فلسطينية فهي تشتري الوقت لإسرائيل من أجل اكمال حربها على قطاع غزة.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات: "بايدن قال نحن ندعم عملية عسكرية في رفح، ولكن نحن نريد لهذه العملية أن تكون دقيقة ومخططة، بمعنى أن تشارك الولايات المتحدة الأميركية في التخطيط لها أو على الأقل أن تطلع عليها وتضع ملاحظات عليها، ولذلك يقول إنه مع عملية برية تقضي على حركة حماس، ولكن مع تعهد زائف بتجنب عمليات قتل المدنيين، وهذا وعد لا يمكن تحقيقه لأنه منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية من 26/1 وحتى اليوم عدد القتلى المدنيين زاد عن ألفين في العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، ولذلك الولايات المتحدة الأميركية تقول بأنها لا تدعم مثل هذه العملية، ولكن على أرض الواقع تم إعلان صفقة جديدة لتزويد إسرائيل بالأسلحة وقنابل موجهة من سنة ألفين رطل، بالإضافة إلى الصفقة التي أعلن عنها بأصناف طائرات F-15 وF-16  وطائرات الأباتشي وغيرها، ولذلك هذه المسألة في إطار الخلافات التكتيكية. ولكن في الجانب الإستراتيجي لا توجد خلافات ما بين الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية ولا بين حكومة الاحتلال".

"مأزق أميركا في الحرب"

بدوره يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد أن الإدارة الأميركية تجد نفسها في وسط مأزق، لذلك فهي تبحث عن حلول، وقال شديد: "حتى اللحظة. الإدارة الأميركية تشعر بحرج كبير، فمن جهة استمرار الحرب مشكلة. ومن جهة، وقفها دون أن تحقق إسرائيل انتصار واضح لا يمكن التشكيك فيه، أيضا مشكلة للولايات المتحدة لأن هزيمة إسرائيل هزيمة المشروع الاستعماري الغربي بالمنطقة الذي تقوده بالوقت الحالي الولايات المتحدة".