غزة - النجاح الإخباري - يلف الألم واليأس خيام النازحين في قطاع غزة، خصوصاً في مدينة رفح حيث يعيش أكثر من 1.5 مليون مواطن
نزحوا من منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي، وهم يعانون من الجوع والعطش حتى في شهر رمضان.

شهر رمضان المبارك الذي يعتبر وقتاً للعبادة والطاعة والدعاء والصدقات والتجمعات العائلية بعد الإفطار. وكل هذا يبدو بعيداً هذا العام في غزة، التي تمر الآن بالشهر السادس من العدوان والحصار الكامل.

لقد قتلت آلة الحرب الإسرائيلية حتى الآن أكثر من 31 ألف فلسطينيا غالبيتهم من النساء والأطفال، وتتفشى المجاعة وتنتشر رائحة الموت بين البيوت المدمرة، لقد محت الحرب الطريقة التي اعتاد بها الفلسطينيون هنا أن يعيشوا ويحتفلوا بشهر رمضان.

وفي أوقات السلم، كانت شوارع مدن غزة مكتظة بالعائلات التي تشتري زينة ومستلزمات رمضان – المصابيح الملونة والأطعمة والحلويات – وتستعد لأيام الصيام وأمسيات الإفطار مع العائلة وليالي الصلاة في المساجد.

وقال أحمد شباط، وهو بائع متجول يبلغ من العمر 24 عاماً لصحيفة نيويورك تايمز: "أتذكر احتفالات الشهر عندما كنت أسير في شوارع السوق، مع الهتافات والدعاء في كل مكان.. كان كل شيء متاحاً، ولعبت المساجد دوراً
حيوياً".

أما الآن فقد تفرقت العائلات وتشتتت بعد أن اضطر معظم مواطني غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة إلى النزوح من منازلهم. 

ويعيش العديد منهم في مخيمات مزدحمة. وقد تم قصف الاحتلال المساجد بزعم أنها تستخدم من قبل مقاتلي حماس وتحولت إلى أنقاض. 

وكان سكان غزة يأملون في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل بدء شهر رمضان، لكن ذلك لم يحدث.
وفي ظل عدم توفر الماء والغذاء تكون مهمة الصيام صعبة للغاية، فمعظم الوجبات المتاحة للمواطنين قائمة على معلبات أطعمة شحيحة.

ويقول المواطنون إن معظمهم يأكلون وجبة واحدة فقط في اليوم على أي حال، ولن يختلف الصيام عن الجوع الذي يضطرون إلى تحمله منذ أشهر.

ويؤكد مسؤولون في الأمم المتحدة إن القطاع يقترب من المجاعة كل يوم أكثر فأكثر، ولم تصل أي مساعدات تقريبًا إلى شمال غزة منذ أسابيع طويلة.

ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن ما لا يقل عن 27 طفلاً فلسطينياً استشهدوا بسبب سوء التغذية والجفاف.
ويشعر الناس بالجوع الشديد لدرجة أن بعضهم لجأ إلى تناول أوراق الشجر وعلف الحيوانات، ويعيش العديد
منهم على نباتات برية.

ويسكن السيد شباط، الذي نزح من منزله، مع أربعة من أفراد عائلته في أحد الصفوف بمدرسة في جباليا، شمال غزة

وقال إن رمضان هذا العام “لن يكون جميلا، خاصة أننا سنبتعد عن بيوتنا وأحبابنا”.

وقال في مقابلة عبر الهاتف لنيويورك تايمز: “لا معنى للشهر دون الاجتماع مع العائلة على الطاولة”. 
وأضاف أنه مع تدمير المساجد، يبدو الأمر وكأننا “فقدنا فرحة رمضان”.

ومع ذلك، يبذل الناس ما في وسعهم للاحتفال بالعيد. وقال إنه في المدرسة التي يعيش فيها السيد شباط، قام الناس بإعداد الفناء لصلاة التراويح في رمضان.

وقالت إيمان علي، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 42 عاماً واستشهد زوجها في الحرب، في مقابلة هاتفية من جباليا مع نيويورك تايمز إنها ستقضي أيامها في الخارج للبحث عن الطعام لأطفالها، الذين أصيب اثنان منهم. لكنها قالت إنها لا تجد شيئا في الأسواق لتشتريه. منذ أكثر من شهر، بالكاد حصلت هي وأطفالها على أي شيء يأكلونه.

وقالت: “حتى بدون رمضان، نحن صائمون”.

عادة، في الفترة التي تسبق شهر رمضان، تكون السيدة إيمان علي في منزلها في شمال غزة لتجهيز المنزل لشهر من العبادة والاحتفالات، وبدلاً من ذلك، تقضي أيامها في المشي في الشوارع بحثًا عن الطعام والصلاة من أجل إسقاط المساعدات من السماء.

وعلى الرغم من الصراعات اليومية التي يعيشونها، إلا أن المواطنين في قطاع غزة متمسكون بإيمانهم وممارساتهم الدينية.