وكالات - حسن البطل - النجاح الإخباري - لصيدا “حارتها” الفلسطينية. إنّها مُخيّم عين الحلوة. كيف لمُخيّم، أكثر بشراً من رام الله والبيرة، أن يكون “حارة” "صيدون"؛ عاصمة الفينيقيّين القُدامى؟
لصيدا اللبنانية - السُّنّية - النّاصرية “حارتها” الشيعية: المسمّاة “حارة صيدا”، أي ضاحيتها الشيعية، وقد نقول عن ضاحيتها المسيحية (بلدة مغدوشة المارونية) إنّها حارتها الثالثة.
تُذكِّرُك صيدا بِعَكّا، بِمِينائها، بِقَلعتها ومِزاج سكّانها. إنّها صورة لبنان، إذا اعتبرناها، وحواريها/ ضواحيها، ومُخيّماتها، صورة طوائف لبنان الكبرى.
في "بلاد الأرز"، بلاد الـ 18 طائفة، يقولون إنّ “الطائفة الفلسطينية” هي الشعب الحقيقي، وإن تبعثر في 13 مُخيّماً من صور (جنوباً) إلى طرابلس (شمالاً).. فإلى بعلبك (شرقاً).
لا شيء في طوشة المُخيّم الجارية يُذكِّرُ بكوابيس “حرب المُخيّمات” (85 – 88)، ولا بـ “التمدُّد العرفاتي” (85 – 86) انطلاقاً من مُخيّم عين الحلوة.
هذه الطوشة، ذات الدّلالات “الإستراتيجية”، ليست تشبه بدايات حرب “حركة أمل” الشيعية على “العرفاتيّين” في مُخيّمات العاصمة بيروت، ولا الهجوم المضاد الفلسطيني، بقيادة زميلنا ممدوح نوفل، بالتحالف مع الأطراف اللبنانية التي اختارت الاصطفاف والقتال مع منظمة التحرير والدفاع عن المخيمات فكانت: "الحزب التقدمي الاشتراكي" بزعامة وليد جنبلاط، و"الحزب الشيوعي اللبناني" بزعامة جورج حاوي، و"حركة الناصريّين المستقلّين" (المرابطون) بزعامة إبراهيم قليلات، وكذلك "التنظيم الشعبي الناصري" بزعامة مصطفى سعد.
في ذلك الهجوم المُضادّ، المسمّى سوريّاً، آنذاك، “التمدُّد العرفاتي”، حَرّر الفلسطينيون وحُلفاؤهم الضواحي المسيحية لمدينة صيدا من رِبْقَةِ “أمل”.
كانت هذه آخر استعادة للتحالف المجيد الفلسطيني - اللبناني (1975 – 1982) في صيغة “القوّات المشتركة”.
“فتح” هي ذراع المُخيّم اليُمنى، بل قائدته العسكرية، ومعظم الفتحاويّين هناك هم “عرفاتيُّون” كما ترون في صور وتظاهرات ولافتات التضامن مع الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" في فلسطين.
وكالات الأنباء تُضيف “البهار” لـ “الخبر”، فتحكي عن صِدامٍ فتحاوي - أُصولي سُنّي. لكن، حتى صِفَة الأُصولية مثل قُبّعةٍ كبيرة على رؤوسٍ حامية وصغيرة لهذه العصابة من الفارّين “الفرّارية” كما يقول إخواننا اللبنانيون؛ ومجازاً كما نقول نحن “المُطاردين” بمعنى مختلف كليّاً.
فئة سُنّية شاردة - شاذّة تُذكِّرنا أجراس عباراتها الجِهادية الفخمة - الضخمة بخواء العبارة الأُصولية لبعض أشدّ الجماعات الأُصولية الجزائرية وُلوغاً في الدّم، والتي أباحت، مثلها، لنفسها انتحال الأسماء الأُولى لمُجاهدين كبار في الفجر الإسلامي الأوّل.
لولا صلة، ظنّية أو افتراضية، أو ذات بيّناتٍ (ضعيفة كانت أو قوية) بصلة “جماعة النور/ جماعة الضنية” بتنظيم “القاعدة”، لكانت اشتباكات الضاحية الفلسطينية لمدينة صيدا، لا أكثر من مناوشات عادية وعابرة.
هذه المرّة، لا تطلب “فتح” في عين الحلوة ما هو أقلّ من قطع دابر المتسلّلين العابثين، بأمن المُخيّم أو “حسم عسكري” هي قادرة عليه تماماً، إنْ لم تطرأ “اشتراكات” و”مضاعفات” ذات صلة بسورية أو بـ “حزب الله”.. تكون لعبة دولية هذه مقدّمتها لزعزعة "انتفاضة الأقصى".
كيف تسرّب “الفرّارية” الأشقياء إلى بعض أطراف المُخيّم؟ علينا أن نسأل 29 حاجزاً - نقطة مراقبة وتفتيش للجيش اللبناني، وأيضاً مسؤولية أدبية معيّنة لجماعة فتحاوية أصولية - مُنشقّة هي "عصبة الأنصار" بقيادة أحمد عبد الكريم السعدي الملقّب بـ "أبو محجن”، المطلوب من العدالة اللبنانية.. ولو بتهمة غير مُؤكّدة.
“أصوليُّون” ولا يُراعون، مع ذلك، أبسط تقاليد وأعراف العرب والمسلمين باحترام كرامة المستجيرين بهم، فهم يُهدّدون بسفك “الدم حتى الرُّكَبْ” و”يُكفِّرُون” الدولة اللبنانية، وأيضاً الفصائل الفلسطينية: “الخائنة”، “المارقة”، “الفاسقة”؟! قبل أسابيع، لفظت فصائل المُخيّم قاتلاً لبعض العناصر الأَمنيّة اللبنانية الشرعية، وهذه المرّة شنّت بقايا “جماعة الضنية” (جرود في شمال لبنان) هجوماً مُباغتاً على مراكز رجال “الكفاح المسلّح الفلسطيني”، وهو جهاز أمني بمثابة شرطة أمن المُخيّم.. أو انضباط عسكري بين الفصائل.
***
يهمُّنا أن تظلّ صيدا العزيزة علينا آمنة، و”حاراتها” آمنة. ويهمُّنا أن تبقى كذلك عن طريق تأمين المُخيّم.
نحن نقول عن “صيدون” إنّها “صيدا - معروف سعد” الذي حارب في فلسطين 47 - 48، وحاربنا مع أنجاله وحزبه ومدينته 75 - 86. هذا أكثر من حلف نضال و”حلف دم”.
هناك مُصاهرة حقيقيّة، حيث أن كريمتيّ معروف تزوّجتا من صديقنا الفلسطيني المهندس نبيل؛ ومن زميلنا الفلسطيني فايز، الناطق الإعلامي للسفارة الفلسطينية في نيقوسيا.
مدينة معروف سعد، هي مدينة رفيق الحريري.. وصاروا يقولون “لبنان الحريري” كما يقول الإسرائيليون “لبنان حزب الله”..إلخ!
حسن البطل