عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - الشعب المغربي الشقيق أسوة بالشعوب العربية الشقيقة لا يتوانى عن الوقوف بقوة في دعم كفاح الشعب الفلسطيني التحرري، ويعكس ذلك بأساليب مختلفة، منها الإعلان يوم الأحد الموافق 28 شباط/ فبراير الماضي (2021) عن تأسيس هيئة جديدة باسم "الجبهة المغربية لدعم القضية الفلسطينية، ومناهضة التطبيع". وقد ضمت الهيئة 15 تنظيما سياسيا ونقابيا وحقوقيا. واتفق الجميع على انتخاب سكرتاريا من 17 شخصا، يقف على رأسها الطيب مضماض، منسقا للسكرتاريا، وعبد الصمد فتحي وسيون اسيدون، نائبين للمنسق.

 هذا وضمت الجبهة الهيئات التالية: العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الانسان، والشبكة الديمقراطية المغربية، وBDS، وحملة التضامن مع الشعوب، والجامعة الوطنية للتعليم، والتوجه الديمقراطي، والحركة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، ولجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني بالدار البيضاء، والهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، وجماعة العدل والإحسان، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والاشتراكي الموحد، والنهج الديمقراطي، وحزب الطليعة والكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

وجاءت الخطوة المغربية الجديدة بعد اندفاع عدد من الأنظمة العربيةنحو التطبيع الاستسلامي مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، ورفضا لها، وتأكيدا على ان ما جرى من تهافت في هذا الاطار لا يعكس نبض ومزاج الحالة الشعبية، ويتناقض مع توجهات قواها ونخبها السياسية والنقابية والحقوقية. كما يؤكد على ان حركة الشارع تموج بالاستياء والغضب من الاندلاق الرسمي المهين، والذي لا يعبر عن المواقف الشعبية العربية. وهذا الحراك يعتبر خطوة هامة في مسار صعود الحركة الشعبية، لا سيما انه لا يقتصر على المملكة المغربية، انما يمتد على مساحة الوطن العربي الكبير من المحيط إلى الخليج وإن بتفاوت بين بلد وآخر.

ويمكن المراهنة على الخطوة المغربية بحيث تشكل نقطة تحول نسبي في مسار وتطور الحركة الشعبية العربية، وهو ما يفرض على القوى المؤسسة "للهيئة المغربية لدعم فلسطين  ضد التطبيع" المبادرة لمد الجسور مع الحركات والقوى والمؤتمرات الشعبية العربية لتوسيع وتعميق دائرة الحراك الجماهير، وحتى لا تبقى مقتصرة عليها، أو محدودة في اضيق نطاق. لا سيما ان هناك حاجة ماسة لاستنهاض القوى المناهضة للتطبيع مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، والعمل على إعادة الاعتبار للقوى والحركات الوطنية والقومية والديمقراطيةوأطرها الجامعة، وصياغة مشروع جبهوي قومي عربي يستجيب لمصالح شعوب ونخب الأمة.

وأعتقد أن هذه الخطوة لم تأت من فراغ، أو مجرد ترف سياسي عند القوى المؤسسة للجبهة، إنما ادراكا منها لمسؤولياتها الوطنية والقومية والمجتمعية، ولاعتقاد القائمين عليها، ان القوى السياسية المختلفة، المنضوية تحت لواء العديد من المؤتمرات القومية، أو القومية الإسلامية ومن في عدادها لم تتمثل دورها ومسؤولياتها، وتعاني من أزمة عامة، أزمة التأسيس، بتعبير أوضح ان القوى المؤسسة للمشاريع القومية، هي بالأساس مأزومة، وتعاني من التكلس، والافتقار للديناميكية، ولا تملك حرية التقرير في رؤاها وسياساتها، وآليات عملها، فضلا عن غياب البرنامج المعبر فعلا عن مصالح ونبض الجماهير الشعبية ونخبها، وهيأسيرة التمويل، والخطاب الشعبوي، وسقوطها في دوامة الفصل الميكانيكي بين النظرية والتطبيق.

لمواجهة تحديات التطبيع الاستسلامي مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، وإفلاس التجارب القومية القائمة والسابقة، ولاستنهاض الحالة العربية الشعبية تفرض الضرورة امتشاق سلاح التغيير الإيجابي في مسيرة القوى الوطنية والقومية المختلفة، وليس استنساخا لتجاربها الفاشلة، والتي لا تتجاوز فعالياتها أكثر من إصدار بيانات سياسية لا لون ولا رائحة لها، وتحكمها المزاجية والمماحكات الشخصية، إضافة لكل ما ذكر آنفا، لتكون التجربة المغربية نموذجا يحتذى به، تحتاج إلى الحركة بسرعة ووفق خطة عمل شجاعة، تحمل في طياتها الإجابة على كل أسئلة التحدي، ويكون لدى القائمين عليها الحافز والميكانيزم، الذي يؤهلها لتتبوأ ما تطمح له من مكانة ريادية على المستوى الوطني والقومي والديمقراطي.

 

عن الحياة الجديدة