حمدي فراج - النجاح الإخباري - تتجلى عظمة الأسرى وهم يطوون شهرهم الأول في الإضراب عن الطعام، ليس فقط في عددهم الهائل الذي يناهز الألفي اسير ممن أمضوا سنوات طويلة وصلت عند كريم يونس الى خمس وثلاثين سنة، فيصبح بذلك أقدم اسير سياسي في العالم والتاريخ، وليس فقط أن الإضراب يشارك فيه قيادات الصف الاول، مثل مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي فاز بأعلى الاصوات في الانتخابات الاخيرة قبل ستة اشهر بفارق نحو ثلاثماية صوت عمن يليه، وأحمد سعدات امين عام الجبهة الشعبية الذي في فاز في الانتخابات بدون منافس، وعباس السيد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» للدورة الثانية التي جرت انتخابتها قبل اربعة اشهر، وسامر العيساوي الرمز القيادي في الجبهة الديمقراطية والذي تحرر من قيده في صفقة شاليط وأعيد اعتقاله لأنه دخل الرام ليقضي بقية محكوميته السابقة البالغة عشرين عاما، فأضرب عن الطعام لتسعة اشهر، ثم اعيد اعتقاله مرة اخرى كي يشارك في هذا الاضراب.

تتمثل عظمة الاسرى في هذا الاضراب/المعركة، في انه يأتي في ظرف حرج تمر فيه القضية الفلسطينية ويتعرض فيه الشعب الى منعطفات خطيرة كادت ان تغلق امامه اي ثغرة امل تسمح بمرور شعاع نور واحد يبدد او يخفف ظلمة سنينه التي طالت واستطالت حتى لامست السبعين عاما، حتى جاء الانقسام بين مكوناته السياسية والكفاحية فطالت الوطن بحد ذاته دون ان تطول وهم حكومتيه المفرغتين في كل من الضفة وغزة.

تتمثل عظمة هذا الاضراب وعملقته، انه يأتي من الأسرى المتعفرين في قيودهم والذين بدا للبعض ان اغلالهم في اياديهم وارجلهم قد طالت ارادتهم وجذوة روحهم الكفاحية، فتبين انهم أحرارا اكثر بكثير ممن هم خارج الاسر، ممن يلف القيد ادمغتهم واراداتهم.

لم يفت مروان البرغوثي ان يطالب بضرورة استئناف حوار الوحدة بين «فتح» و«حماس» ، لم يفته التحذير من الاقدام على مفاوضات جديدة -على الباب- قبل التزام إسرائيل الرسمي بإنهاء الإحتلال وفق جدول زمني محدد واشتراط الإفراج الشامل عن الأسرى والمعتقلين، وبهذا يتعاظم هذا القائد ويتماهى مع عظمة الاضراب.

يتعاظم أحمد سعدات ، حين تتماهى عظمته كونه أمينا عاما، عندما اطلق شعاره الخالد "رأسا برأس" بعد اغتيال سلفه ابو علي مصطفى ، فيتم اعتقاله في سجن أريحا بحراسة أمريكية وبريطانية فيتم اختطافه من هناك ليحكم عليه ثلاثين سنة، يتعاظم هذا القائد حين ينضم الى الإضراب ، لكن العملقة تتجلى بجملة واحدة أطلقها عندما جاءوا يفاوضونه : المفاوضات مع مروان البرغوثي.