نهاد الطويل - النجاح الإخباري -   قد يصح توصيف التحالف الذي لم يعد سرًا بين حركة "حماس" والمفصول من حركة "فتح" "محمد دحلان "بالسمنة على العسل"  بعد أن كانت هذه العلاقة توصف بـ"الشحم والنار" .. ولكن ما الذي جرى وما الذي يدفع الخصمين التقليديين إلى المضي في هذا التحالف حتى وإن رفع ذلك الكلفة السياسية الوطنية إلى مزيد من الانقسام ومزيد من التفتت وربما "الانفصال" وفقًا لما يعتقده الكثير من المراقبين.

بدوره عبر عضو المجلس الثوري لحركة فتح أمين مقبول عن رفضه المطلق للمباحثات التي جرت بين "التيار الدحلاني" وحركة "حماس" في القاهرة.

وعدَّ مقبول في تصريح لـ"النجاح الإخباري" الخميس، أنَّ هذه المباحثات مجرد قفز في الهواء ومحاولة جديدة للتشويش على القيادة الشرعية ممثلة بالرئيس محمود عباس.

وأضاف مقبول أنَّ أيَّ مصالحة مع حركة "حماس" لن تتم دون المصالحة مع حركة "فتح" باعتبارها المرجعية والبوابة الوطنية الجامعة.

ووصف في الوقت ذاته المحادثات التي جرت بـ"المحاولات البائسة".

فالفريقان اللذان طالما كانا عدوّين لدودين طوال السنوات الماضية لحدّ انصرافهما في وقت من الأوقات لتوزيع كتاب "الإبراء الوطني المستحيل" الذي يوثق كل التجاوزات التي الحقت بالمشهد السياسي الوطني ضررًا كبيرًا، باتا اليوم أشبه بحليفين ينسّقان ملفات الأزمة ويتفّقان على معظمها من دون الإكتراث بطرف المعادلة الأقوى على الساحة السياسية الوطنية .

لكن القيادي في حركة "حماس" أحمد يوسف يؤمن بعكس ما سبق، إذ اعتبر أنَّ "دحلان" أحد مكونات العمل الوطني ،وأنَّ تحالف حركة حماس معه يأتي في هذا السياق".

وقال يوسف في تصريح لـ"النجاح الإخباري": إنَّ حركته تعاطت مع مبادرة قدمتها القاهرة مؤخرًا لتحقيق مصالحة مع المفصول من فتح محمد دحلان، وذلك تمهيداً لمصالحة مع الرئيس محمود عباس قد تحقق انفراجاً ملموسًا في قطاع غزة في إطار المشروع الوطني الموحد.

ويعتقد يوسف أنَّ "نجاح التسوية مع دحلان ستفتح المجال أمام طي صفحة الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية مع حركة "فتح".

وكشف يوسف عن توجه كبير لدى حماس لتحقيق المصالحة مع دحلان ومع الرئيس محمود عباس والتعامل مع الطرفين على هذا الصعيد بمقياس واحد دون زيادة أو نقصان.

وعما إذا كانت علاقة حماس مع دحلان ستؤثر على نوايا المصالحة مع الرئيس أبو مازن، أكَّد يوسف :"أنَّه لا تأثير على المصالحة مع الرئيس عباس بل العكس ربما تعجل بتحقيق المصالحة الوطنية، في إطار التعددية السياسية الحقيقية التي تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الضفة والقطاع."

سمير المشهراوي أحد أقطاب "التيار الدحلاني" كشف في وقت سابق عن عقد أربع لقاءات بين وفد حركة "حماس" برئاسة يحيى السنوار مع دحلان.

وقال المشهراوي في لقاء متلفز عرض مؤخرًا": التفاهمات مع "حماس" لم ترتقِ إلى اتفاق نهائي بعد، وأنَّهم تحدثوا عن ملفات شائكة، وعن حجم المعاناة الهائلة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، لاسيما في قطاع غزة، منها الكهرباء، والمعبر، والمساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار."

كما تمَّ التطرق إلى كم هائل من الملفات من أجل وضع حل لها، واتفقوا على البدء بالمشكلة الكبرى، وهي ملف الدم، ملف الضحايا، وتمَّ الاتفاق على وجود مباشر لهذا الملف من خلال لجنة وصندوق سيرصد به مبالغ معينة حتى تبدأ هذه اللجنة عملها لتضميد الجراح.

"زواج المحلل" ... متى بدأ ؟

وثمة من يرى بأنَّ "الزواج المحلل" الذي يجري التحضير لمراسمه بين "حماس" ودحلان لم يكن وليد اللحظة، وأنَّه جرى على ضوء معطيات بدأت بتصريحات "غزل" متبادلة بين الطرفين واتضحت تفاصيلها خلال الأشهر الماضية بعد السماح لأنصار دحلان بالعمل في غزة، وسفر عدد منهم لمؤتمرات عقدت في منطقة عين السخنة المصرية.

وتطورت العلاقة إلى حد سمحت فيه حركة "حماس" لعناصر دحلان بإقامة مؤتمرات في غزة وتنظيم مسيرات مناوئة للرئيس محمود عباس، والسماح بحرق صوره أمام العدسات.

شواهد أخرى كشفت عن قنوات لتعزيز التحالف بين مقربين من حماس ودحلان، تكشفت خيوط منها في انتخابات اتحاد المقاولين الأخيرة في غزة، حيثُ فاز علاء الأعرج المقرب من حماس وأيمن جمعة شقيق النائب أشرف المقرب من دحلان وكلاهما في قائمة موحدة.

ويذهب المحلل والكاتب مصطفى الصواف لتشريع "الزواج المحلل" بين "حماس" و"دحلان" بعد أن كان محرمًا لسنوات طويلة.

وقال الصواف في تعليق مقتضب لـ"النجاح الإخباري" :" في السياسة يوجد أوجه للمصالح،ومن حق حماس التحالف مع أي خصم لحل أزمات القطاع."

ويرى مراقبون، أنَّ حماس اليوم تعيش في مأزق وأنَّ الفلسطينين في غزة "لن يطول صبرهم على أزمات مثل الكهرباء والحصار وغيره، وبالتالي فالحركة مجبرة على إيجاد الحلول إما باتفاق هش يحمله "الزوج المحلل" وإما بجر غزة إلى حرب وهو سيناريو له تداعياته الكبيرة وكلَّفته الباهضة.

ويبقى من المؤكَّد، أنَّ ما قد يبدو انجازًا بالنسبة لحركة "حماس" ودحلان - المفصول من بيت الشرعية الفلسطينية - قد يحصر الخلافات ويؤسس لمرحلة جديدة، ليس كذلك فحسب بل بالنسبة لقسم كبير من القاعدة الشعبية لحركة حماس التي طالما اعتبرت أنَّ التحالف مع "دحلان" هو "رجس من عمل الشيطان" وقفز على مبادىء المواجهة السياسية التي تبنتها الحركة طوال السنوات الماضية.