غزة -إسلام الخالدي - النجاح الإخباري - من حياة مستقرة وبيت في أحضان سوريا بلدهم الأم، إلى كرفانة لا تصلح للعيش الآدمي  تفتقر لأبسط سبل الأمان والشروط الصحية والإنسانية، لا تقي من برد الشتاء ولا من حر الصيف، بالإضافة لما تحمله من أمراض بسبب انتشار القوارض والحشرات.

عائلة عمر الحوراني (31عامًا) إحدى العائلات التي لاذت بالفرار من الحرب السورية عام (2011م)، لينتهي بهم المطاف في مقبرة الأحياء على حدّ وصفهم، إذ يعيشون وضعًا مأساويًّا تنعدم به مقومات الحياة السليمة والآمنة،بالقرب من وادي غزة وسط القطاع.

في ظلِّ ظروف الحرب والحصار الذي شهدته سوريا، ومع اشتداد وتيرة الأزمة والقصف المتواصل على المدن السورية، لجأت الكثير من العائلات للهرب إلى أماكن ودول أخرى؛ علّها تكون ملاذاً آمناً لهم، تحميهم من خطر الموت المتربص بهم في أي لحظة، ما دفع عائلة الحوراني للفرار من درعا لكرفانات غزّة.

انعدام مقومات الحياة

أجرت مراسلة "النجاح الإخباري" مقابلة خاصة مع العائلة للتعرف على حياتهم البائسة ونقل قصتهم، والصورة أبلغ من كلّ الكلام إذ تشرح أدَّق تفاصيل معاناتهم التي يعيشونها.

 اللاجئ السوري عمر الحوراني (31 عامًا) رب أسرة مكونة من (7 أفراد)، يقول: "لجأت إلى قطاع غزة على أمل العيش في ظروف حياتية أفضل، لكن الحال أسوأ ما يكون، الحياة الاقتصادية متردية للغاية وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم، إلى جانب رفع المسؤولين أيديهم عن معاناة اللاجئين السوريين في الفترات الأخيرة، وتنحيهم جانباً متّخذين ظروف الحصار وسيلة صد وتكتيم، لمن يحاول المطالبة والبحث عن فرصة لمقومات الحياة الآمنة، كالحصول على شقة سكنية أو فرصة عمل".

ويكمل قائلاً: "هربنا من القصف المتواصل على مدينة درعا السورية، لتنتهي بنا الطريق في هذه الكرفانة والتي تفتقر لأدنى متطلبات الحياة الآدمية، فكانت بدايتنا في كرفانة اللجوء خلف مستشفى الوفاء لرعاية المسنين، ولكن منذ ثلاث سنوات ونصف انتقلنا إلى هذا المكان المجاور لوادي غزة مؤقتاً، في انتظار الوفاء بوعدعهم بشقة سكنية، وهذا ما لا تظهر حقيقته".

ذكريات العيش في سوريا

أمّا (ايمان الحوراني) زوجة عمر، فتحدَّثت عن الحياة في سوريا، قالت: " أجمل أيام عمري، تركت وراي كلشي حلو، كلشي اسمه حياة، ذكريات، أحباب، هربنا من الموت للموت".

وأشارت إلى أنَّهم لا يملكون وثائق خاصة بهم غير وثيقة السفر الفلسطينية،فهم فلسطينيو الجنسية، ما كان سبباً في منعهم من الدخول إلى القطاع عبر معبر رفح البري مجرد وصولهم مطار القاهرة، ولم يكن امامهم سوى خيار الهرب عبر الأنفاق المصرية مقابل دفع (100$)، ليتمكنوا من الدخول إلى غزة.

وتتابع: "وصلنا إلى غزة وكل ما نمتلكه هو (100$) فقط، ومن يومها ونحن نعيش في كرفانات اللجوء المخصصة للسوريين"، مؤكّدة أنها سعت  للبحث عن سكن، وقابلت المسؤولين وشرحت لهم طبيعة حياتهم، دون جدوى.

مناشدة عاجلة

يقول حوراني: "في سوريا كنت أعمل في تأجير الكراسي والمعرشات، والعائد الشهري كان يغطي احتياجاتي ووضعي المعيشي جيد للغاية، لكن هنا في غزة لم أستطع الحصول على وظيفة تضمن لي حياة آمنة مستقرة، هذه أقصى طموحاتي، إلى جانب توفير مسكن يأوينا من خطر المكرهة الصحية التي نعيشها، فالقوارض والحشرات لم تفارق الكرفانة لحظة رغم اتخاذ سبل المكافحة، إلى جانب الرائحة المنبعثة من مياه الصرف الصحي، كوننا على مقربة أمتار من وادي غزة وما يحمله من خطر فيضان بأي لحظة، خاصة وأن موسم الشتاء يدق الأبواب".

ويوضح الحوراني، أنَّه كان يعتمد في دخله الشهري على البطالة المؤقتة، لكن مجرد ما انتهت مدتها عاد بهم الحال إلى ما هو أسوأ، إلى جانب الاعتماد على كوبونات "الأونروا"، حتى أجرة السكن التي تدفعها لهم أصبحت كلّ سبعة شهور مرة، هذا ما فاقهم معاناتهم. 

ويأمل حوراني في أن تتحسن أوضاعهم المعيشية وتنتهي معاناتهم، من خلال توفير أيّ فرصة عمل وسكن يضمن حياة كريمة، مناشدًا المسؤولين كافة بالنظر إليهم بعين الرحمة والعطف، في ظلّ وطن غائب ولجوء لا يرحم.