طلال عوكل - النجاح الإخباري - لا تتوقف الادارة الأمريكية عن اتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات التي تستهدف تقويض كل الحقوق الفلسطينية التي رتبتها الشرعية الدولية عبر عشرات القرارات، خلال أسبوع واحد. تتخذ الادارة الأمريكية قرارا بوقف تمويل المشاريع في الأراضي المحتلة بقيمة مئتي مليون دولار سنويا، وتتبعها بقرار آخر بالتوقف عن دفع دولار واحد للأونروا. من الواضح أن الولايات المتحدة قد تجندت بكل قوتها لنسف المرجعية القانونية الدولية للحقوق الفلسطينية، بل لجزء من الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. أمريكا تعلن الحرب على الفلسطينيين، وتسعى لتنفيذ حصتها من المخططات الإسرائيلية، التي تستهدف تنفيذ كل ما يتطلبه قانون أساس القومية العنصري، الذي ينفي حقوق ووجود الشعب الفلسطيني. في خطوة متقدمة نحو الإنهاء المتدرج لوجود الأونروا، لا تكتفي الولايات المتحدة بوقف حصتها الكبيرة من التمويل، وإنما تتجه نحو إعادة تعريف اللاجئ بما يختصر عددهم في نحو خمسة ملايين ونصف المليون، إلى نصف مليون في الوقت الراهن، لكن مرور المزيد من السنين فإن هذا العدد سيتناقص وفقا للتقنين الأمريكي. وفي إطار التفكير والعمل المشترك، تستجيب الإدارة الأمريكية لطلب بنيامين نتنياهو، بأن تؤجل الولايات المتحدة حربها على الأونروا على غزة، طالما يعمل الطرفان على استثمار ما يسمى بالأزمة الإنسانية لتحقيق أهداف سياسية ذات صلة وثيقة بصفقة القرن.

أما في الضفة الغربية فإن الولايات المتحدة تعمل على وقف خدمات الأونروا، وربما تطالب إسرائيل بإلغاء مؤسساتها ووجدوها هناك، لأن المخطط المشترك يستهدف في الأساس الضفة الغربية. المعركة مستمرة ضد الفلسطينيين وحقوقهم ويصل الأمر بجيسون غرينبلات أن يحذر بل يهدد السلطة من أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تلجأ إلى بدائل للسلطة في حال امتنعت عن أن تكون شريكا في غزة المستهدفة بإعادة التأهيل. حين تضع كل هذه السياسات والإجراءات والمواقف التي تتخذها الإدارة الأمريكية، ستصل إلى نتيجة واضحة وهي ان ترامب لم يخرج عن جوهر السياسة الأمريكية، التي اعتمدتها إدارة بوش الابن من خلال ما يعرف بوثيقة الضمانات التي قدمها شارون ووافق عليها بوش في نيسان 2004. قد يقال أن بوش هو صاحب خارطة الطريق وأن إدارته تبنت رؤية الدولتين ولكن التدقيق في أبعاد ما تضمنته وثيقة الضمانات، من شأنه أن يصل إلى حقيقة أن الحديث عن رؤية الدولتين في أمريكا ليس سوى عنوان للتضليل والخداع، لأنها والإدارة التي خلفتها لم تفعلان شيئا لوقف السياسة الإسرائيلية التي تطيح بكل أساس لإقامة سلام يحقق رؤية الدولتين. الفارق الوحيد بين تلك الإدارة وإدارة ترامب هو أن الإدارة الأخيرة جاءت في مرحلة متقدمة من نجاح المخططات الإسرائيلية، وأنها تمتلك الوقاحة لمغادرة منطق التردد والتضليل إلى منطق الحسم والوضوح. على أن المواجهة مع الحلف الأمريكي الإسرائيلي، ليست حصرية بالفلسطينيين باعتبارهم ضحايا سياسات هذا الحلف وإنما تمتد لتشمل المجتمع الدولي الذي يترتب عليه حماية الشرعية الدولية وقراراتها، وهيبتها و دورها. في هذا الإطار تتوفر مؤشرات جدية على أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو حماية الأونروا ودورها، وتعويض العجز المالي الذي تتسبب به السياسة الأمريكية، انطلاقا من قناعة برؤية الدولتين، وبضرورة حماية القانون الدولي. ثمة اجتماعات هامة سيعقدها وزراء الخارجية العرب بدعوة من وزير خارجية الأردن، يتبعها اجتماعات هامة على مستوى المانحين الدوليين خصوصا الأوروبيين، بغرض توفير الدعم اللازم للأونروا، وقد بادرت بعض الدول الأوروبية للإعلان عن نيتها لزيادة حصتها في دعم الأونروا.

يدرك الفلسطينيون مدى أهمية النشاط على المستوى الدولي لمحاصرة الولايات المتحدة التي تدخل بسبب حماقة إدارتها، في معارك مع المجتمع الدولي الفاعل بما في ذلك حلفاء الأمس.