نابلس - خاص - النجاح الإخباري -  نشرت مجلة فورن بولوسي الأمريكية (Foreign Policy)، السبت الماضي وثيقة سرية عبارة عن البريد الإلكتروني الذي وجَّهه صهر الرئيس الأمريكي ومبعوثه للشرق الأوسط جارد كوشنير لشخصيات مهمة داخل البيت الأبيض في (11/1/2018)، يتحدث فيها عن ضرورة إلغاء وكالة "الأونروا" كواحدة من مستلزمات تنفيذ ما يسمى بــ "صفقة القرن".

ويتوقع مراقبون بحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، أن يقدِمَ ترامب على إصدار إعلان يؤكِّد فيه رفض البيت الأبيض لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي شردوا منها، ما يناقض القرار الأممي (194) القاضي بعودة اللاجئين وتعويضهم عن الأضرار .

وفي هذا السياق أكَّد مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان علي هويدي، أنَّ  توقيت الإعلان عن الوثيقة مريب خاصة بعد الإنتخابات الإسرائيلية، والحديث عن توقيت الإعلان عن "الصفقة" بعد شهر رمضان المبارك، والتحضير لولاية جديدة للأونروا في الجمعية العامة في (تشرين الثاني/نوفمبر القادم).

وأشار هويدي إلى أنَّ "الصفقة" هي أمريكية فقط، وحتى الآن لم تلق تجاوبًا رسميًّا أو شعبيًّا لا فلسطينيًّا ولا عربيًّا ولا إسلاميًّا ولا دوليًّا خاصة على مستوى الإتحاد الأوروبي.

إقرأ المزيد:ترامب ومعادلة "اللعب بالنار"..

لافتًا إلى أنَّ وكالة "الأونروا" تحظى بقوة دوليّة مستمدة من (167) دولة في الجمعيّة العامّة، وبالتالي "الصفقة" ليست بقدر ويمكن تعطيلها.. إذا توفرت الإرادة السياسية للدول المؤيدة لعمل الوكالة والرافضة للصفقة برمتها.

وكان الإجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، طالب في بيانه الختامي أمس المجتمع الدولي الالتزام بالتفويض الأممي لوكالة "الأونروا" وتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لموازنتها وأنشطتها.

في هذا الإطار، أكَّد هويدي على أنَّ ملف الأونروا من القضايا الإستراتيجية التي "كنّا نتطلع أن يتضمنها البيان الختامي للإجتماع".

مشيرًا إلى إلتزام الدول العربية بالمساهمة بما نسبته (7.8%) من الميزانية العامّة لوكالة "الأونروا"، ودعوة المجتمع الدولي كي يتحمل مسؤولياته بتوفير جميع الضمانات السياسية والمالية لإستمرار عمل الوكالة إلى حين عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وفق القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة.

بداية المخطط

وكانت الولايات المتحدة في بداية عام (2018) قد قلّصت دعمها لوكالة الأونروا، والذي كان يقدَّر بـ(360) مليون دولار إلى أقل من (60) مليونًا في السنة فقط، ما جعل إدارة الوكالة مجبرة على اتّخاذ خطوات بحق اللاجئين خاصة في قطاع غزَّة، الذي يعتمد أكثر من نصف سكانه وعددهم (2) مليون نسمة، على دعم الأونروا ووكالات أخرى.

وأعلن المتحدّث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في (25 تموز/ يوليو الماضي)، أنَّ وكالة الأونروا ستتوقف عن تقديم جزء من خدماتها، إضافة لعدم تجديدها لعقود عمل لديها، بسبب النقص الحاد في ميزانيتها الناجم عن وقف الولايات المتحدة لأغلب مساعداتها للوكالة.

وبالفعل، أنهت الوكالة عمل ألف موظف من موظفي ما يُعرف ببند "الطوارئ" لديها في قطاع غزة، في (الخامس والعشرين من تموز/ يوليو الماضي)، منهم (125) موظفًا بشكل نهائي، أما بقية الموظفين المعفيين من الخدمة فسيغير عقدهم مع الأونروا للبقاء في عملهم حتى نهاية العام الجاري.

وكان المفوض العام للأونروا، وصف التقليص في ميزانية الوكالة ونقص التمويل بأنَّه "تهديد وجودي للوكالة". فيما أوضحت نائبة رئيس اتحاد الموظفين، آمال البطش، في بيان لها أنَّ الأونروا قامت بالاستغناء عن (13%) من الموظفين، وتحويل (57%) إلى دوام جزئي، و تمَّ تحويل ما تبقى منهم إلى عقود تنتهي بنهاية العام الجاري. كما أشارت إلى أنَّ قرارات الأونروا لن تحل أزمة العجز المالي، في الوقت الذي يقدَّر فيه إجمالي العجز بـ(217) مليون دولار أمريكي، وفي حين أنَّ رواتب الموظفين الذين تريد المؤسسة الأمميَّة الاستغناء عنهم تصل إلى (2.5) مليون دولار.

إقرأ المزيد: طبخة ترامب المحروقة.

وفي إحدى المراسلات التي أوردتها المجلة الأمريكية، يقول كوشنر: "لا يمكن أن يكون هدفنا الحفاظ على استقرار الأمور كما هي، أحيانًا يكون عليك المخاطرة الإستراتيجية، من أجل كسر الأشياء، والوصول لما تريده".

وبدأت الوكالة بتقديم خدماتها في (مطلع أيار/ ماير من عام 1950)، وعلى الرغم من أنَّ قرار التأسيس يؤكِّد، في فقرته الخامسة على أنَّه، ومن دون الإجحاف بمضامين الفقرة (11) من قرار الجمعية العمومية رقم (194)، فإنَّ تقديم المساعدة للاجئي فلسطين ضروري لمنع الجوع والمعاناة بينهم، من أجل توفير شروط السلام والاستقرار. إلا أنَّ خدمات الوكالة تجاوزت دورها بتقديم الإغاثة المباشرة، إلى تقديم الخدمات في ميادين الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.

خلال العام (2017) كان هنالك (5.266.603) لاجئ مسجل في قيود "أونروا"، وفي برنامج التعليم يوجد (692) مدرسة فيها (500.698) طالبًا وطالبة، كما يوجد (143) ألف مركز صحي، حيث جرى تسجيل تسعة ملايين زيارة من المرضى. كما أنَّ هنالك (102) مركز نسوي ومجتمعي، إضافة إلى (294.152) مستفيدًا من برنامج شبكة الأمان الاجتماعي.