نهاد الطويل - النجاح الإخباري - يسلط مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث "كوثر" في تقريره الإستراتيجي (المرأة العربية وخطة التنمية 2030 في الإعلام المحلي) الضوء على الحالة العربية في إطار برنامج المرأة العربية والتشريعات من خلا البحث ستة دول عربية.

التقرير الذي نشر في (209)صفحة جاء في ثلاثة فصول، وشارك فيه نحو 25 باحثا وباحثة من:تونس، السودان، السعودية، لبنان، مصر وفلسطين ويطرحون جهدهم العلمي الرصين عبر ثلاثة فصول وعناوين أساسية وعشرات من العناوين الفرعية.

ويبدأ الفصل الأول بموضوع حضور المرأة كفاعل وكموضوع في المضامين الإعلامية المحلية  متنقلا بين البحث في المرأة في النشرات الإذاعية والتلفزيونية حضور المرأة كفاعل وكموضوع في المضامين الإعلامية المحلية الذي راصدا في هذا المضمار الفاعلين والمضامين الإعلامية في النشرات الإذاعية والتلفزيونية على اعتبار المرأة كمصدر في هذه النشرات وموضوع أيضا.

أما الفصل الثاني  : الإعلام المحلي، نماذج من تجارب الدول المشمولة بالدراسة على ضوء ما شهدته الساحة الإعلامية في المنطقة العربية عديد المبادرات سواء منها حكومية/رسمية /عموميّة أو خاصة لإنشاء مؤسسات إعلام محلية خاصة في الفترة التي تلت الحراك الشعبي الذي بدأ سنة 2011  وفقا للتقرير.

الفصل الثالث من التقرير حمل طرحا جريئا تحت عنوان: المساواة بين الجنسين في المضامين الإعلامية المحلية في علاقة بأهداف خطة 2030.

كيف يُنظر معدو "التقرير" إليه؟

يحاول معدو "التقرير" الإجابة على ضرورة القيام بإصدارهذا التقرير فيوردون في إحد أطر التقرير تواصل التجديد في المشهد الإعلامي العربي سواء المركزي أو المحلي إثر الحراك الإجتماعي لسنة 2011 ، بإقرار عديد التشريعات كان الهدف منها مسايرة المطالب الشعبية بالانفتاح السياسي والاقتصادي والإعلامي في عدد من الدول العربية في ضوء ما استجد وتطور على كل المستويات.

وفي هذا الجانب تؤكد الدكتورة سكينة بوراوي المديرة التنفيذية لكوثر أنها حددت مجموعة من المسؤوليات للإعلاميين والاعلاميات في مقدمة الدراسة.

وقالت في تصريح منشور لها ان “الإعلامي هو صانع رأي ويمكن أن يلعب دورا هاما نظرا لما يتميز به عن غيره من القيادات بانه يمتلك قنوات اتصال تمكنه من الحصول على المعلومات أكثر من غيره، ويفترض أن يستخدم ذلك في خدمة التنمية المحلية، وهو على تواصل مع الرأي العام ومع المسؤولين المحليين أو المركزيين، وبالتالي يستطيع أن يلعب دورا حاسما في رصد وجهة نظر الناس ورضاهم عن مشروع معين، وهو ما يساهم في تصحيح المسار”.

وذكرت انه في حال اطلاع الإعلامي والاعلامية على مفهوم التنمية وعلى مضمون الاجندة الوطنية والخطط المحلية، فإنه بإمكانه أن يستخدم وسيلة الإعلام التي يعمل فيها من خلال تنفيذ تحقيقات ومقالات ومقابلات وبرامج إذاعية تلفزيونية أو استخدام شبكة الانترنت ووسائل التواصل الإلكترونية من أجل متابعة المشاريع المحلية كما له أن يعرض الناجح منها بما يساعد الآخرين على تكرار التجربة، وكذلك نقد الثغرات.

وأضافت “لا نكاد نسمع عن تجارب ناجحة في التنمية المحلية إلا إذا ما اهتمت بها الصحافة الأجنبية أو التقارير الدولية والأجنبية، فيما تعج بلداننا ربما بتجارب وأقرب الى واقعنا”.

وارتكز معدو التقرير في البحث في هذا المضمار من خلال ما يقولون إنه مدى استبطان الإعلاميين/ات لمفهوم المساواة وعدم التمييز على أساس النوع الاجتماعي والعمل به من العوامل التي تساهم في الرقي بالصورة المجتمعية التي ينتجها الإعلام عن النساء وأدوارهن. ويمكن استقراء هذه الصورة من خلال تحليل الخيارات الإعلامية حول مواضيع محددة وكذلك من خلال التحليل القيمي والتوجهات العامة للخطاب الإعلامي حول المرأة في مختلف جوانبه.

اسئلة التفكير الاستراتيجي

يضع التقرير أمامه أسئلة مشروعة وفرضيات اولية لجهة طبيعة الخطاب الإعلامي الذي يطال المرأة بالإضافة إلى حضور الفاعلين في المشهد الإعلامي بما في ذلك موقع المرأة كمنتج ومصدر وموضوع في المضامين الإعلامية المحلية، مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف مستويات التناول الإعلامي لأهداف الخطة العالمية للتنمية المستدامة لسنة 2030 وجملة من المؤشرات والمسائل المنتقاة في علاقة مباشرة بموضوعات المرأة، على غرار الهدف الخامس "المساواة بين الجنسين " إلى جانب موضوعات أخرى في علاقة بالمرأة ضمن 47 مؤشرا و 33 مؤشرا تكميليا وردت في 14 هدفا من بين 17 هدفا للخطة العالمية للتنمية المستدامة.

ويحاول  التقرير أيضا تقصي واستدعاء تجارب الإعلام المحلي في الدول المذكور انفا واسقاطها على موقع المرأة في مسار التنمية المستدامة في المنطقة العربية وتوظيف مصطلحات عميقة وذلك سعيا لتشخيص الداء ووصف الدواء ويبدو أن هذا يأتي في مسعى منه لبناء تقدير موقف استراتيجي.

واهتمت هذه الدراسات بمساهمة الإذاعات المحلية وتأثيرها على مسار التنمية. وبخصوص حضور المرأة في الإعلام المحلي وعلاقتها به موضوعا ومصدرا للمعلومات ومناقشة للشأن العام المحلي، فقد اقتصرت على بعض الإشارات التي جاءت عرضا ضمن بحوث أخرى حول المرأة في الإعلام بشكل  عام دون أن تكون في صلب الإشكالية أو من بين أهداف البحث المنجز.

كما أشارت الخطة ضمن الهدف الخامس إلى عدد من المؤشرات التي من شأنها “تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات” إلى جانب القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والعنف في المجالين العام والخاص وكذلك الاعتراف بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي وضمان التكافؤ في الفرص للقيادة على جميع مستويات والمساهمة في صنع القرار في الحياة السياسية والاقتصادية.

التقرير" والتجارب السابقة

يؤكد معدو التقرير أنهم استفادوا من التجارب السابقة وان لها محددها الزماني وفرضياتها الخاصة وهو على ما يبدو تحد اخر اضيف الى قائمة التحديات التي واجتهم في الوصول الى استنتاجات أعمق وأدق بالاستناد الى دراسات سابقة على ضوء المستجدات التي يطول الحديث عنها.

وهنا يقول التقرير إن من بين الصعوبات التي أحاطت بالبحث في موضوع موقع المرأة في وسائل الإعلام المحلية في المنطقة العربية، قلة المصادر العلمية والبحوث الأكاديمية حول هذه المسألة سواء فيما تعلق منها بموضوع الإعلام والشأن المحلي عموما، أو موقع المرأة في الإعلام المحلي بشكل خاص. وكانتأغلب البحوث، التي تناولت هذه المسائل في شكل دراسات حالة تم إنجازها في نطاق شهادات الماجستير في الجامعات العربية ومنها بالخصوص الجزائرية والسودانية والمصرية.

وهنا يسجل للتقرير إنه لم يغيب الجهود السابقة أو "يدفنها" بل راكم عليها واستفاد منها أيضا.

التجربة الفلسطينية حاضرة بقوة

وفي التجربة الفلسطينية يصف التقرير المشهد الإعلامي الفلسطيني "بالمحلي بامتياز"، ذلك أن اتفاقات أوسلو الموقعة سنة 1993 كانت قد سمحت للفلسطينيين بإصدار صحف وإنشاء قنوات تلفزية وإذاعية تغطي مناطق محدودة من الأراضي الفلسطينية وكان أغلبها متواجدا في المدن الفلسطينية.

وبرزت منذ ذلك الحين أيضا، عديد المؤسسات الإعلامية المجتمعية، من بينها قنوات تلفزيونية جمعياتية، وهي قنوات غير ربحية، نذكر منها "تلفزيون الوطن " الذي أنشأته مجموعة من الجمعيات.

وتظهر نتائج عملية الرصد أن نسبة حضور المرأة في الأخبار الإذاعية والتلفزيونية في القنوات المحلية كانت متمايزة من منظور النوع الاجتماعي، إذ يقول التقرير إن المرأة الإعلاميّة تمكنت من تحقيق شبه تكافؤ على شاشات التلفزيون بنسبة حضور قاربت 44 بالمائة ) 43,9 بالمائة) في حين كانت هذه النسبة 38.2 بالمائة في الإذاعات.

وفي هذا الجانب يؤشر التقرير الى أن المرأة غابت تماما في النشرات الإخبارية الإذاعية في فلسطين مقارنة  بتونس الذي وصل حضور المرأة فيها الى (75%)  وتجاوز النصف في مصر (55 %) في حين غابت المرأة تماما في التلفزيونات السعودية. وبالنسبة إلى نشرات الأخبار الإذاعية.

كما سجل التقرير أعلى حضور في الأخبار ارتفاع عدد الإعلاميات في ممارسة المهنة قابله انحسار في حضورهن في مواقع القرار وملكية وسائل الإعلام.

أهم الاستنتاجات والتوصيات

ورغم حالة التفاؤل الذي ينقلها لنا التقرير لجهة ما يصفه بالتجليات التي أمكن استخلاصها من خلال تحليل نوعية التناول الإعلامي لواقع المرأة على المستوى المحلي ولأهداف التنمية المستدامة تحيل إلى ضرورة الاهتمام أكثر بهذه الجوانب فقد لمس التقرير ملامح بداية توجهات جديدة في المشهد الإعلامي المحلي العربي.

كما بين وجود مؤشرات ايجابية جديدة يمكن استثمارها لتطوير الأداء الإعلامي والارتقاء به بما يجعله أكثر مهنية ومصداقية. ويعتبر ترسيخ مفاهيم التكافؤ والتوازن في اختيار المصادر وتحديد زاوية الموضوعات من بين المعايير التي تحقق جودة المنتوج الإعلامي وتؤكد الدور المجتمعي للصحفي/ة والإعلامي/ة وأهمية مساهمته في تعديل نقاش الشأن العام.

لكنه خلص في الوقت ذاته الى عدم توفر معالجة مختلفة ومتميزة لعلاقة هذه المضامين الإعلامية في وسائل الإعلام المحلية على الموضوعات التي تتعلق بالشأن السياسي المرتبط بسياسات الحكم المركزي أو تأثيراتها على المستوى المحلي ودون أن يكون لها علاقة بالتنمية المستدامة والشأن المحلي، وتكون بذلك بعيدة كل البعد عن أجندة التنمية المستدامة 2030 .

بين التقرير عدم وضوح المفاهيم الخاصة بأهداف التنمية المستدامة لدى الإعلاميين/ات في فلسطين الذين اعتبروا أن ذلك من مسؤوليات الدولة. 

ومن النتائج التي توصلت اليها الدراسة هي ظهور المرأة كمراسلة وصحفية ميدانية مع غياب شبه تام في مجال التحليل والتعليق خاصة في المضامين التلفزيونية التي تبقى حكرا على الرجل. 

كما لاحظت الدراسة اقتحام المرأة وتطرقها، ولو باستحياء لمجالات جديدة منها المسائل البيئية والمواضيع ذات العلاقة بالموارد الطبيعية، وهي من المسائل ذات الأولوية ضمن مضامين أهداف التنمية المستدامة ما يجعلها أكثر استعدادا للتعامل مع هذه المضامين والتفاعل معها.

وأكدت الدراسة ان تناول موضوع العنف ضد المرأة في البلدان العربية التي خضعت للدراسة كان ضعيفا ومناسباتيا ومن المواضيع المسكوت عنها في معظم دول العينة، وكان من وجهة نظر النساء ان الحلول تكمن في الرفع من قدرات المرأة الريفية خاصة على مواجهة الصعوبات.

وتوصلت الدراسة الى نتائج محددة حول تناول الاعلاميات لقضايا المرأة في وسائل الاعلام التي تمت دراستها منها عزوف بعض الاعلاميات عن العمل او الضغط للدفاع عن حقوق المرأة بما في ذلك موضوع العنف وعدم التركيز على جمع البيانات حول حالات العنف إذ تعتبر الاعلاميات ان التركيز على جمع البيانات حول حالات العنف لا يمكن أن تفضي إلى حلول جذرية وأن المجهودات لا بد أن تتركز على بناء القدرات الذاتية للمرأة، كما ان الاعلاميون والاعلاميات ينظرون الى المشاغل المتصلة بالنساء في مجال التنمية المحلية بأنها مشاغل عامة تهم النساء بالمطلق دون تخصيص لا في علاقتها بالتنمية المستدامة ولا التنمية المحلية.

وتتضمن خطة التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) 2015 (17) نقطة منها المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات وذلك ضمن رؤية تصبو إلى عالم يتاح فيه لكل النساء والفتيات التمتع بالمساواة الكاملة بين الجنسين، وتزاح عنه جميع العوائق التي تحول دون تمكينهن.

أخيرا يحذر التقرير من ما وصفه بـ"الخلط" بين التنمية والتنمية المستدامة والدور المرتقب للمرأة فيها.