خاص - النجاح الإخباري - هاجمت حركة حماس اليوم في بيان رسمي، حكومة الوفاق الوطني، التي شُكلت بالتوافق بين حركتي فتح وحماس، وبمباركة الفصائل الفلسطينية، 2 يونيو/حزيران من العام 2014, بعد يوم من مغادرة وفدها التي يرأسه رئيس مكتبها السياسي في قطاع غزة، يحيى السنوار، إلى القاهرة، لبحث تنفيذ الحكومة من مباشرة مهامها في غزة، وخصوصًا فيما يتعلق بحاجتها الأمنية لحماية قراراتها، ويأتي الهجوم بعد أيام معدودة من اجتماع الفصائل في مكتب السنوار بغزة، بحضور الوفد الأمني المصري، ونائب رئيس المجلس الثوري لحركة فتح، د. فايز ابو عيطة, والخروج إلى الإعلام ببيان مقتضب تم فيه تأجيل فترة تمكين الحكومة حتى العاشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، والإتفاق على الذهاب إلى القاهرة لمناقشة بعض القضايا العالقة والتي اعترضت تمكينها في الفترة السابقة، تلى ذلك بيانات وتصريحات صدرت عن الفصائل الفلسطينية مطالبة الجميع بالالتزام وفتح المجال أمام الحكومة لتنفيذ مهامها في القطاع، دون عراقيل، وفقًا للبند الأول من اتفاق القاهرة التي وُقّع بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر، والذي ينص على تمكين الحكومة بشكل مطلق ودون عراقيل.


ورأى محللون أن بيان الحركة الهجومي يحمل عدة رسائل وفي عدة اتجاهات، أبرزها، التنصل من التزاماتها تجاه المصالحة، وعدم الاعتراف بوفدها في القاهرة الذي غادر لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وعلى رأسه تمكينها، وذهب البعض إلى أنه يعكس الرأي الأقوى داخل الحركة والرافض لتمكين الحكومة، فيما اعتبر آخرون أن هجوم حماس على الحكومة يُمهد لخلق حالة من الفوضى في الشارع بالتوازي مع قرب صرف رواتب موظفي السلطة.


وبالإشارة إلى الهدف من بيان الحكومة، أوضح الكاتب والمحلل السياسي المختص في شؤون الحركات الإسلامية، د. ناصر اليافاوي أنه يعبر عن حالة الإرباك داخل الحركة، ويكشف عن وجود تيارين يتنازعان على سلم القيادة، الأول يكمن في جماعة يحيى السنوار الذي أخذ على عاتقه ومسؤوليته التطبيق الفعلي للاتفاق، والآخر مرتبط بأجندات خارجية، ويسعى وفقها لإفشال المصالحة بكل السبل، وبدأ العمل فعليًا بزج نقابة موظفين حماس، والإيعاز لها بمنع تنفيذ قرار الحكومة، بعودة الموظفين لمباشرة عملهم، إضافة إلى التلويح بالتهديدات حال نزول رواتب موظفي السلطة، وعدم نزول رواتب لموظفي غزة المحسوبين على حركة حماس.


وكشف في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري"، أنه رغم قوة السنوار ومحاولاته مسك خيوط القوة، من الجناح العسكري إلى السجون، إلى قربه من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، واختياره لرفيق دربه في المعتقل، اللواء توفيق أبو نعيم للسيطرة على الأمن في غزة، وعلاقته الوطيدة بصالح العاروري المسؤول الأول عن الضفة الغربية، إلا أن هناك تيار داخل الحركة لازال يُناور بالأوراق من أجل وضع العراقيل أمام المصالحة، ومحاولة نسف الجهود التي بذلت لإنهاء الإنقسام وإتمام المصالحة.


وأشار إلى أن ادراك السنوار للخطر المحدق بالقضية الفلسطينية واطلاعه الواسع النابع من دراسته في الجامعة العبرية بالانتساب، أسس لديه وازع قوي نحو تغليب الوطن على مصلحة الحركة الحزبية، وقاده لدفع ثمن غالي، حيث ارتهن نجاح المصالحة بشخصه، وفشلها يعني أن الأمور من الأرجح أن تنعكس سلبًا عليه على الصعيد الداخلي، موضحًا أنه يضغط بكل السبل وفي كل الاتجاهات من أجل انجاح مسارها.


ولفت إلى أن القيادة المصرية رأت في شخص السنوار الأمل لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، ولازالت تعول على نجاحه في هذه الخطوة من أجل الالتفات إلى الخطوات الأخرى تجاه الملفات الأمنية الأخرى في المنطقة، مثل الملف الليبي والسوري، وملف سيناء الأمني.


وحول العقبات التي يحاول أن يضعها أشخاص متنفذين في الحركة في طريق المصالحة، ومحاولتهم المستمرة لإفشالها، كشف أن البيان يعكس حالة الرفض من تيار قوي داخلها، ويقودها نحو التنصل من التزاماتها تجاه المصالحة، ويمهد لخلق حالة من الفوضى والارتباك داخل الشارع الفلسطيني، ويسعى لنسف ما تم الاتفاق عليه في القاهرة عام 2011 و2017، وبين أن هذا التيار يريد استلام شكلي للحكومة وإبقاء السيطرة على المؤسسات المالية والقوية، ومحاولة استغلال الحكومة كصراف آلي تحمل عنهم عبء 43 ألف موظف يتقاضون منذ أكثر من 7 سنوات نصف الراتب، فضلا عن عدم استلامهم للرواتب عدة أشهر.


وأكد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني طلعت الصفدي، على أن بيان حماس هدفه تعكير الأجواء، وخلق واقع جديد، عكس مسار المصالحة، مشيرًا إلى أن من يريد نتائج عمل الحكومة لابد أن يمنحها التمكين، ويُذلل العقبات، ويزيل العراقيل، التي تعترض مهام وزرائها وطواقمها الفنية والادارية، وأوضح في تصريح خاص لـ"النجاح الإخباري"، أن الحكومة تم التوافق عليها من كل القوى والفصائل، مضيفًا، أن المطلوب من الجميع التعاون من أجل انجاحها وانقاذ الوضع الإنساني المتدهور في القطاع، بعيدًا عن المحاصصات السياسية، وأشار إلى أن اشكاليات غزة المتراكمة منذ 11 عامًا لا تحل "بجرة قلم"، مؤكدًا على أن المنطق يفرض على الجميع التكاتف، من أجل انجاح خطوات الفصائل والجهود المصرية، من أجل تنفيذ ما تم الإتفاق عليه في القاهرة 2011، و2017، ونوه إلى أن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، يحيى السنوار وعد في اجتماعنا الأخير بمكتبه أنه سيقف بقوة أمام من يعطل المصالحة، معتبرًا أن ما حصل من استصدار الحركة بيانًا يهاجم الحكومة ووفدها في القاهرة ذاهب لمناقشة تمكينها، أمر مرفوض تمامًا، داعيًا حماس إلى الالتزام بما تم الاتفاق عليه بحضور المصريين.


ووصفت حركة فتح بيان حركة (حماس) الأخير، والذي دعت فيه الحكومة لرفع الإجراءات أو الاستقالة توتيري، ولا يخدم المصالحة الفلسطينية، وأضاف الناطق باسمها أسامة القواسمي، أن التصريح "توتيري وغير مسؤول ويعود بالأطراف الفلسطينية إلى مربع الردح الإعلامي"، مطالباً حماس بالعمل على إعطاء فرصة للوسيط المصري من أجل إنجاز المصالحة الفلسطينية، وأشار، إلى أن حركته تبحث عن شراكة حقيقة ووحدة وطنية، ومن ثم الذهاب إلى الملفات الأخرى، مؤكداً أن حركته ستبذل جهداً في تغليب المصلحة الوطنية وتحقيق المصالحة.


واعتبر المسؤول الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم منير الجاغوب، أن هناك أشخاص في حركة حماس يتسرعون في اطلاق التصريحات، مستندا بذلك على تصريحات البردويل التي أطلقها من القاهرة وعاد ونفاها، بعد أقل من ساعة، بعدما أحدثت ارباكا في الشارع الفلسطيني.
وأكد على أن مطلب حركة فتح، يكمن في تمكين الحكومة، من أجل الانتقال إلى الخطوات الأخرى، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، مؤكدًا على أن القيادة الفلسطينية وحركة فتح، يدركون مخاطر فشل المصالحة، ويتمسكون بها حتى الرمق الأخير.


ورأى الكاتب والمحلل السياسي رامي مهداوي أن بيان حماس الهجومي على الحكومة عكس حقيقة موقفها الفعلي تجاه المصالحة، مشيرًا إلى أنها استخدمت البيان، لإعلان حالة الحرب على المصالحة بالفوضى الخلاقة، التي ستبدأ من الموظفين، وتستمر حتى مشاركة كافة العناصر المحسوبة عليها، في الأيام القليلة المقبلة، خصوصًا مع بدأ تحويل رواتب موظفي السلطة إلى غزة


وشدَّد عميد كلية الحقوق في جامعة النجاح د. مؤيد حطاب، على أن توقيف أو ايقاف الموظفين عن العمل، واعادتهم إلى عملهم، يُعد من مهام الحكومة الفلسطينية بالدرجة الأولى، في صاحبة الحق المطلق في ذلك، مشيرًا إلى أن قرار الحكومة الفلسطينية بعودة الموظفين القانونيين إلى أماكن عملهم، "عما كانوا عليه" فبل عام 2007 يعتبر من اختصاصها، وعلى كافة الجهات التنفيذ، وتسهيل المهام لهم، وفق المهام المكلفة لكل موظف، وكشف في تصريح خاص لـ"النجاح" أنه ليس من صلاحية "نقابة غزة" منع الموظفين من الدخول الى اماكن عملهم في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وأشار إلى أن مهام "النقابة" تنحصر في المفاوضات أو التوجه للمحكمة العليا "محكمة ادارية" فقط، موضحًا أن ما حصل في غزة، لا ينطبق عليه سوى مصطلح، "أسلوب  بلطجة".


ومنعت نقابة موظفي حماس في غزة الموظفين من الدخول إلى الوزارات لاستلام عملهم، وأعلنت أنها أصدرت قرارا لمندوبي النقابة في الوزارات والمؤسسات الحكومة بمنع السماح لأي موظف من موظفي السلطة القدامى دخول الوزارات، وأوضحت النقابة في بيان أن "القرار يشمل منع " المستنكفين " من الدوام في الوزارات بهذا الشكل العشوائي الذي يهدف لخلق وقائع على الأرض وضرب الموظفين ببعضهم وخلق إشكاليات كبيرة"، وقالت أن المنع سيستمر حتى يتم الاعتراف بشرعية موظفي غزة ودمجهم وتسكينهم وضمان أمنهم الوظيفي.


وتوقع مهداوي أن تشهد الأيام القليلة المقبلة جملة من العراقيل، إذا ما حاول السنوار لجم التيار المتنفذ في الحركة والذي سبب له حرج كبير أمام القيادة المصرية، التي تسعى جاهدة لإتمام المصالحة وقامت بإرسال وفد أمني رفيع المستوى إلى القطاع، فضلًا عن زيارة مدير المخابرات العامة، الوزير خالد فوزي إلى القطاع للاطلاع بشكل فعلي على سياق التسليم، وتحذير حماس من مغبة اللعب بالنار، ونوه إلى أن حماس تنظر إلى الحكومة على أنها صراف آلي، أنقذها من الأعباء المالية الملقاة على عاتقها، مشيرًا إلى أن البيان كشف عن رسالتها الواضحة بأنها تحاول الهروب نقطة إلى الخلف في حال تأخرت الحكومة عن دفع رواتب موظفي غزة المحسوبين على حماس،  وأشار إلى أن خيارات حماس بالتصعيد كثيرة، واستعرض منها هجوم نقابتها في غزة ومنعها للموظفين من الدخول إلى الوزارات، والتلويح بالتصعيد العسكري، عندما قام عناصر من الجهاد الإسلامي باستهداف قوة للإحتلال تعمل بالقرب من الحدود بصاروخ "كورنيت"، فضلًا عن بيانها اليوم الذي يدعو إلى تأجيج الوضع وخلق حالة من الفوضى في الشارع.


ورفض نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، د. فايز أبو عيطة نائب المفوض العام للعلاقات الوطنية الرد على جملة التصريحات الصادرة عن عدد من الفصائل الفلسطينية وطالب الفصائل الفلسطينية بـ "الصوم" عن التصريحات الإعلامية بشكل كامل، وإعطاء الفرصة لجهود مصر في تحقيق المصالحة، وقال، في تصريح صحفي إن المطلوب إعطاء فرصة للجهود الحثيثة التي تبذلها مصر مع ممثلي حركتي فتح وحماس عزام الأحمد ويحيى السنوار، فيما يتعلق بتمكين الحكومة في غزة، وتحقيق المصالحة الفلسطينية، أوضح، أن زيارة رئيس وفد المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد، إلى القاهرة جاءت من أجل إنهاء المعيقات التي واجهت تنفيذ اتفاق 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والذي يقضي بتمكين الحكومة من العمل في غزة وفق القانون، وشدد على أن التصريحات اليوم لا تخدم المصالحة، وأن الغرض من حوار القاهرة، تدعيم دور الوفد المصري الذي يبذل جهوداً في قطاع غزة لضمان نجاح المصالحة، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.


يُذكر أن حركة  حماس، هاجمت اليوم السبت، حكومة الوفاق الوطني وطالبتها بالقيام بواجباتها ومسؤولياتها كاملة وفي مقدمتها رفع العقوبات الظالمة عن شعبنا في  قطاع غزة ، وبحسب البيان، خيرت الحكومة بين القيام بواجباتها أو تقديم استقالتها وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وزعمت أن "الحكومة تسلمت كل مسؤولياتها في الوزارات بشكل كامل في قطاع غزة"، وادعت أنها لم تبذل أي جهد للتخفيف عن أبناء شعبنا وفق الصلاحيات، بل استمرت بفرض العقوبات الظالمة على أهلنا وفشلت فشلاً ذريعًا في مسار إنهاء الانقسام وتطبيق الاتفاقات المعقودة في القاهرة، وفق ما ورد في بيانها.