النجاح الإخباري - يشعر جهاز الأمن في إسرائيل بالقلق إزاء العلاقة الغرامية الجديدة بين مصر وحركة حماس، المتطورة في الأسابيع الأخيرة، وفي إطارها تمت صياغة تفاهمات جديدة متعلقة تأمين حدود القطاع مع مصر، فتح معبر رفح، إدخال التجارة وتسهيلات أخرى، وتخفيف الحصار؛ ما سيؤدي لتقوية موقف حماس في القطاع.

وفد أمني لحماس، برئاسة الجنرال توفيق أبو نعيم، قائد جهاز الأمن في غزة، عاد في نهاية الاسبوع الماضي من مصر، بعد إنهاء نقاشات مع رؤساء الاستخبارات المصرية، متوصلين لتفاهمات أمنية جديدة بينهما. الوفد كان يضم أيضًا مروان عيسى وصلاح أبو شرخ، مسؤولي الذراع العسكري للحركة.

في الواقع، الحديث عن صفقة جديدة، بناءً عليها ستساعد حماس مصر في حربها ضد إرهاب "داعش" فرع شمال سيناء، وتوقف حماس عن مساعدة حركة الاخوان المسلمين داخل مصر؛ كل ذلك مقابل تسهيلات كبيرة وتخفيف الحصار عن قطاع غزة تقوي حكم حماس في القطاع.

مسؤولو الأمن في إسرائيل قلقون تطوريْن كانا نتيجة لتفاهمات جديدة بين مصر وحماس؛ الأول: دخول تجارة من مصر لداخل قطاع غزة عبر معبر رفح دون إشراف، ومن بينها كميات كبيرة من الاسمنت والحديد التي سيتم استخدامها لبناء أنفاق حماس. الثاني: تجاهل مصر لتهريب سلاح من شمال سيناء لصالح الذراع العسكري لحماس في قطاع غزة عبر الأنفاق، القلق الإسرائيلي من أن مصر قد تعمل فقط ضد تسريب سلاح من القطاع لشمال سيناء وليس العكس، من باب أن هذا لا يشكل خطرًا على الأمن المصري.

 

علاقة غرامية

صرح المتحدثون باسم حماس الأسبوع الماضي للإعلام بخصوص العلاقات الجديدة المتطورة بين مصر كـ "تغير جذري" سيؤدي لإنهاء أزمة العلاقات بين مصر منذ الإطاحة بالرئيس مرسي على يد الجيش المصري في صيف 2013.

قيادة حماس تطرح التغير كخطوة استراتيجية ستعمل على تحسين الوضع الاقتصادي والحياة اليومية في قطاع غزة، من يتابع وسائل الاعلام الرسمية في مصر سيكتشف بوضوح أن الجانب المصري أقل حماسة بشأن التقرب من حماس، وأن الإعلام المصري الرسمي لم يتوقف أبدًا عن الهجوم ضد حماس، وسائل الإعلام المصرية تؤكد على أن الحديث عن "صفقة أمنية" ستتخذ في إطارها حماس إجراءات من أجل تشديد التأمين على حدود مصر مع قطاع غزة من أجل منع الإرهاب داخل مناطق مصر، ومقابل ذلك ستخفف مصر الحصار عن القطاع.

يبدو أن ما يتم ما هو إلا تنفيذ لمصالح مشتركة، علاقات حماس مع "داعش" في شمال سيناء تدهورت، "داعش" بدأت أيضًا بتجنيد نشطاء لها داخل القطاع في داخل الحركة السلفية الجهادية، ما يهدد حكم حماس ويحاول توريطها مع إسرائيل عن طريق إطلاق الصواريخ نحو جنوب إسرائيل بشكل متقطع. الوضع الاقتصادي أيضًا داخل القطاع على وشك الانفجار، وبالتالي فإن تخفيف الحصار يخدم مصالح حماس من أجل تشديد قبضتها على الحكم ومنع احتمال اندلاع "ثورة شعبية".

لقد وافقت مصر على التنازل عن عملية الشيطنة ضد حكم حماس في القطاع التي بدأت به قبل عامين، يبدو أنها مستعدة لمحاولة احتواء حكم حماس، وكذلك محاولة التأثير على الانتخابات الداخلية داخل الحركة من أجل أن يتم اختيار الجهات الأكثر اعتدالا للقيادة. الصراع داخل حركة حماس هو بين الجناح القطري التركي الذي يمثله إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق وبين الجناح الإيراني الذي يمثله يحيى السنوار، رئيس الذراع العسكري، ومحمود الزهار.

 

مصر لا تثق بحماس

التغير في موقف مصر هو تكتيكي فقط وليس استراتيجي، رؤساء الاستخبارات المصري يعرفون جيدًا حركة حماس وعلاقاتها بالإخوان المسلمين التي أعلن عنها في مصر كتنظيم إرهابي. من تحقيقات مع نشطاء للإخوان المسلمين الذين كانوا متورطين بنشاطات إرهابية اتضحت صورة مقلقة للتعاون الوثيق بين حماس والاخوان المسلمين في كل ما يتعلق بالإرهاب داخل مصر نفسها.

حماس ساعدت نشطاء الاخوان المسلمين باقتحام السجون المصرية من أجل إطلاق سراح أسرى أمنيين، وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد مرسي، لقد ساعدت بتنفيذ أعمال إرهاب أهمها اغتيال المدعي العام المصري هشام بركات، ونشطاء الذراع العسكري يدربون نشطاء للإخوان في مخيمات تدريب بالسودان.

الاستخبارات المصرية تدرك أهمية العلاقات قوية الصلة بين قيادة حماس السياسية وقطر وتركيا، وكذلك القيادة العسكرية بإيران، أي ثلاث دول تعمل ضد الأمن القومي المصري. رؤساء الاستخبارات المصري أيضًا لا يصدقون ادعاءات حماس بأنها قطعت علاقتها بالإخوان المسلمين، وأن لها موقف مستقل من أي حركة إسلامية شرعية تمامًا مثل حركة النهضة في تونس برئاسة الشيخ راشد الغنوشي.

تقدير آخر للاستخبارات المصرية وصل لمسؤولين في إسرائيل هو أن حركة حماس غير معنية بمصالحة حقيقة مع حركة فتح أو بإقامة دولة فلسطينية مستقلة حسب رؤية منظمة التحرير الفلسطينية، إنها لعبة سياسية هدفها كسب وقت والظهور أمام الجمهور الفلسطيني كداعمة للوحدة الوطنية، في الواقع حركة حماس مهتمة فقط بإحياء الإمارة الاسلامية التي أقامتها بالقوة في قطاع غزة في 2007 وبالتمدد، بقدر المستطاع، لمناطق الضفة الغربية.

التعاون الأمني بين إسرائيل والرئيس السيسي ممتاز، حسب تقارير أجنبية، إسرائيل تساعد مصر بمحاربة إرهاب "داعش" عن طريق معلومات استخباراتية، وكذلك بالعمل على الهجوم على أهداف "داعش" شمال سيناء باستخدام طائرات بدون طيار. مصر ليس لديها أي مصلحة لخسارة التعاون الأمني مع إسرائيل، إنها محتاجة لدعم إسرائيلي في الولايات المتحدة من أجل تقوية العلاقات مع إدارة أوباما.

تحسن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة هو أيضًا مصلحة إسرائيلية طالما أن الأمر لا يضر بأمنها، فبالتالي، إسرائيل عليها أن توضح بشكل لا لبس فيه لمصر أن أي تخفيف للحصار عن غزة هو إيجابي بشرط ألا يمس بأمن إسرائيل، وأنه على مصر مواصلة منع نقل سلاح من شمال سيناء لداخل قطاع غزة عبر الأنفاق. (اطلس للدراسات الاسرائيلية)