غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - يمر رمضان حاملا في طيات أيامه ولياليه المغفرة والرحمة؛ لكنه ورغم شعائره وثناياه البهية التي ينتظرها العالم العربي والإسلامي بفارغ الصبر فإنه يحمل مع أيامه لحظات قاسية وصعبة تمر على بعض العائلات الفلسطينية التي ذاقت ويلات فراق أحد من أفراد أسرتها..

فرمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة على أهالي شهداء غزة، فمنهم من فقد ابنه وأخيه وبنته وأبيه، ليلتقي مراسل "النجاح الاخباري" بعضاً من هذه الأسر المكلومة، التي لامست وجع الفراق عندهم، خصوصاً وأنها تفتقد لـ"لمة العائلة" وقت الإفطار.

أفتقدهم في رمضان

محمد أبو الجديان، ابن الشهيد طلال أبو الجديان والذين فقد والده وأمه وشقيقه خلال التصعيد الأخير على قطاع غزة، قبل يوم واحد من شهر رمضان المبارك.

ليقول محمد لمراسل "النجاح الاخباري": حينما تلقيت نبأ استشهاد نبأ عائلتي "أبي وأمي وشقيقي"، ألهمني الله الصبر فكنت أردد إن لله وإن إليه راجعون، لكن مع الأيام وفي شهر رمضان أفتقدهم حقاً".

وتابع "أنا الآن وحيداً بعد استشهادهم فلدي شقيقتين متزوجتين، والآن أسكن في بيت عمي، لكني أفتقد أبي وأمي وشقيقي أثناء الإفطار وأثناء السحور"، مستدركاً "لكن الله دائماً معي ليزيد الصبر على قلبي".

وعن أكثر اللحظات التي يتذكرها أبو الجديان في هذا الشهر، أثناء ايقاظه على السحور من قبل والده الذي كان يطالبه دوما بصلاة الفجر في المسجد بعد السجور، مردفاً "وأشتاق أيضاً لأكلات والدتي التي افتقدتها في هذا الشهر الفضيل".

واستشهد طلال أبو الجديان وزوجته رغدة وابنه عبد الرحمن في الخامس من الشهر الجاري جراء استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لأحد المباني في مدينة الشيخ زايد شمال قطاع غزة.

فراقهم صعب

أحمد المدهون الذي فقد أربعة من أفراد عائلته وهم والده عبد الرحيم وشقيقه عبدالله اماني زوجة شقيه ونسيبه فادي بدران أثناء قصف الاحتلال منزلهم في الخامس من الشهر الجاري، يؤكد أنه يفتقد لشهداء عائلته في شهر رمضان المبارك.

وقال المدهون لـ"النجاح الاخباري": ما زالت بيتنا مدمر وهناك أطفال يرقدون في المستشفى"، مستدركاً" لكن فراق أبي وشقيقي كان صعباً علينا".

وأضاف "نحن الآن في شهر رمضان ونفتقدهم حقاً، نفتقدهم أثناء الفطور ووقت السحور ووقت ذهابنا لصلاة التراويح".

وأشار إلى أن أبيه وشقيقه كانا ملازمان للصلاة بالمسجد، وكان من رواده، ليكمل "رحمهما الله وصبرنا الله على فراقهما".

فراغٌ كبير

أما حسام غراب ابن الشهيد ناصر الذي استشهد العام الماضي في الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية شرق البريج وسط قطاع غزة خلال مشاركته في مسيرة العودة. يقول: إن والده قد ترك فراغاً كبيراً لدى عائلته حين استشهاده".

ويضيف غراب لـ"النجاح الاخباري": " بالطبع يختلف رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة، خصوصاً واننا فقدنا رب البيت الأب الحنون الذي كان يشاركنا السحور والفطور، وكان ييقظنا من نومنا للصلاة وقرآة القرآن".

ويكمل حسام بنبرة حزينة " ما هو شعور الإنسان عندما يكون جالسا وقت الإفطار في رمضان دون أن يكون أباه ؟.. كيف سيكون لرمضان الطعم والجمال الذي اعتدنا عليه كما الأعوام السابقة ونحن فاقدين أغلى شيء في عائلتنا؟

مختلف عن الأعوام السابقة

ولم يكن غياب الشهيد محمود رحمي عن عائلته بالأمر الهين خصوصاً وأنهم يفتقدونه كثيراً، ليوضح أبو يوسف رحمي والد الشهيد "محمود" أن رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، معللاً بأن رمضان هذا العام لن يكون فيه ابنه محمود الذي كان "يعمللنا أجواء باللمة، الضحك والمسخرة والنكات".

ويقول رحمي لـ"النجاح الاخباري": فقدت أعز أبنائي ووالدته بكت كثيراً أول يوم في رمضان عندما تذكرت محمود ولم تجده ".

ويكمل قائلاً " لمن أجا موعد الفطور في أول يوم برمضان وكلنا قاعدين وبأنظر إلى الكرسي الذي كان يجلس عليه محمود، هيو جنبي ضايل متل ما هو ما حد بيقعد عليه، لأنه إله وهيضل إله طول منا عايش"، مشدداً على أن فراق فلذة كبده أحدث وجعاً كبيراً له خصوصاً في شهر رمضان المبارك، لذكرياته الكبيرة التي كانت تجمعه معه.

واستشهد الشاب محمود رحمي "33" عاماً، في أول جمعة لمسيرات العودة التي انطلقت يوم الارض 30/3/2018، برصاص الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الشرقية من قطاع غزة.