فؤاد جبر - النجاح الإخباري - للقدس أهمية وأوضاع وظروف خاصة لاتشبهها أي مدينة في العالم من حيث القداسة والتاريخ والجمال، وترنو إليها قلوب المؤمنين من شتى أنحاء المعمورة. وكان من الطبيعي والواجب الديني

والوطني والإنساني أن يولى بيت المقدس العناية والرعاية والاهتمام بما يتفق ومكانتها كونها تضم الأماكن المقدسة والأثرية والسياحية خاصة في البلدة القديمة التي باتت تعيش أوضاعا قاسية وصعبة جراء المتغيرات غير الحميدة التي تشهدها أحياؤها اضافة لأزمة السكن وقضايا التعليم والمدارس وركود أسواق بعض أحيائها ووجود حوالي ثلاثين محلا تجاريا مغلقا فيها ناهيك عن البطالة في صفوف الشباب ، وخطر الإدمان على الكحول والمخدرات ونتائجها الوخيمة من أمراض وتسرب من المدارس وإسقاط..

كل هذه المصائب والمعاناة تجعل أهلها يستصرخون ويناشدون أولي الأمر ومن خلالهم الأمتين العربية والاسلامية والاتحاد الأوروبي وكل الدول ... هل من مغيث؟

تكونت مؤخرا مجموعة بلغ عدد أعضائها "١٣٠" شخصا من المخلصين والغيورين على القدس تجسدت في إنشاء موقع تحت اسم "القدس" بادر الى تكوينها الأخ حازم القواسمي ، وأهم ما في الأمر أن جميعهم من مختلف الأطياف - بعيدا عن أية انتماءات سياسية أو حزبية - وأن انتماءهم الأول والأخير للقدس ، وتتطلع هذه المجموعة الى تحقيق إنجازات في معالجة قضايا القدس والمقدسيين - وهي كثيرة وصعبة جدا - من خلال طرح أفكار ومناقشات وعمل أبحاث ودراسات وجولات ميدانية واتصالات مع كل الجهات التي تتجاوب مع توجه المجموعة لرفع المعاناة وحل ما أمكن من مشاكل وقضايا الناس والمدينة بنشاط تطوعي مخلص ابتغاء وجه الله.

وبدعوة من مركز العمل المجتمعي بجامعة القدس عقد أول اجتماع لهذه المجموعة يوم الأحد الماضي حيث قدم الأخ حازم قواسمي عرضا موجزا لأهمية استخدام وسائل التواصل الإجتماعي ودورها في التفكير الجمعي

تبادل في نهايته الحضور وجهات النظر حول أفضل السبل الواجب اتباعها لتغيير الوضع القائم في القدس والنهوض بها ورعاية مصالح أهلها ومحاولة حل القضايا بمختلف المجالات.

وقد تركزت الأفكار من خلال عصف ذهني تناول قضايا الإسكان والتعليم والسياحة والمشاكل الاجتماعية وإنعاش أسواق المدينة خاصة في أحياء البلدة القديمة والشوارع التجارية بمركز القدس الشرقية.

هذا إضافة الى أعباء مالية مبالغ فيها يتحملها المقدسيون لدى سفرهم للأردن عبر معبر الكرامة من جهة وإلزام المقدسي بدفع رسوم باهظة لدى تجديد جواز سفره المؤقت وعائلته بمبلغ ٢٠٠ دينار للجواز الواحد وهو وثيقة مرور فقط وليس جواز سفر برقم وطني الذي حددت الحكومة الأردنية رسومه بمبلغ ٥٠ دينارا فقط. أي أن وثيقة سفر المقدسي أربعة أضعاف كلفة اصدار جواز السفر الأردني مع اننا كنا متساوين بالرسوم حتى العام الماضي، وبحسبة بسيطة فإن عائلة مقدسية مكونة من أب وأم وخمسة أبناء يتطلب تجديد جوازات سفرهم ١٤٠٠ دينار وإذا أضفنا مصاريف السفر من القدس الى عمان وكلفة إقامة في فندق متوسط الأجرة ومصاريف لازمة يتكلف رب الأسرة مبلغ ٣٠٠٠ دينار أردني لتغطية نفقات الزيارة لا لشيء إلا لأنه يرغب بتجديد جوازات سفر العائلة - أو وثائق المرور كما أكد وصفها أحد وزراء الداخلية الأردنية سابقا - والحقيقة أن ما يزعجنا هنا ان هذه الضغوطات تقلل من ارتباط المقدسيين بالأردن الشقيق لعدم مقدرتهم على تحمل أعباء تواصلهم .. وهذا ما لا نرجوه إطلاقا.

فالروابط الاجتماعية والعائلية والنسب والعلاقات الأخوية المتجذرة بين الأشقاء الفلسطينيين والأردنيين يجب أن لا تزعزعها الكلفة والرسوم - والأمل بمساواة الرسوم بإعادتها الى ما كانت عليه سابقا, فالأردن بوابتنا الشرقية والوحيدة على العالم وليس هناك أي رغبة بفصل القدس عن الأردن الذي نكن له كل الاحترام والتقدير لمواقفه المشرفة تجاه قضيتنا الفلسطينية عامة والقدس الشريف خاصة لا سيما وأنه الراعي لمقدساتنا والمناصر للقدس والمقدسيين، فكلنا أمل في تجاوب الأردن وعلى رأسه الملك عبد الله الثاني مع مطالبنا ضمن حلول ممكنة وعدم اضطرار المقدسيين تفضيل السفر من خلال مطار اللد بوثيقة المرور الإسرائيلية.

هذا واختتم الإجتماع بطرح أفكار واقتراحات قيمة من المشاركين تدعو للعمل الفوري بغية رفع المعاناة عن المقدسيين لتعزيز صمودهم وتحسين ظروف حياتهم ضمن الأولويات التي تحددها المجموعة. فالخطط والدراسات والأبحاث حول واقع القدس ومشاكل المقدسيين ومعاناتهم المعنوية والمادية متوفرة وحان وقت العمل بشكل جماعي - حتى لا يستمر الاحتلال بالاستفراد بالقدس والمقدسات والمقدسيين - وسيتم بذل كل جهد قانوني ممكن وطرق كل الأبواب في سبيل نصرة القدس وأهلها بحول الله ودعم محبي القدس الأشقاء والأصدقاء معا.

وأخيرا ليس من شك أن المهام صعبة وتتطلب الكثير من الجهد والعمل واللقاءات ولكنها ستذلل وتتيسر الأمور اذا تكاتفت الجهود وتحقق التعاون المثمر بين أعضاء مجموعة القدس من جهة وتجاوبت الجهات الأردنية الرسمية المعنية من جهة أخرى.

نقلا عن صحيفة القدس