عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - مرة جديدة يضرب الإرهاب التكفيري مسجدا في منطقة الروضة شرق بئر العبد في محافظة شمال سيناء، يوقع أكثر من 300 شهيد و130 جريحا. مجزرة دموية مروعة ارتكبها الوحوش الآدميون ضد المواطنين الأبرياء وهم يؤدون صلاة الجمعة، وكأنهم أرادوا استعادة مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف، التي ارتكبها المستعمر الصهيوني باروخ غولد شتاين في 25 شباط/ فبراير 1994 وسقط فيها 29 شهيدا و150 جريحا، وكأن الذين نفذوا مذبحة مسجد الروضة أرادوا القول "إننا نُعمد خيار غولد شتاين الصهيوني" و"إننا وإياه من مدرسة واحدة". وستؤكد الأيام بعد كشف التحقيقات خفايا وتفرعات وامتدادات الجريمة الوحشية، أن من يقف خلفها بغض النظر عن اسمه والتنظيم الذي يتبع له، وعن الذرائع التي روجها لجريمته النكراء، هو إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية. وهذا لا يعني تبرئة الجماعات التكفيرية، لأنها الأداة الرخيصة والجبانة في تنفيذ ابشع الأعمال الإرهابية ضد المواطنين العزل لضرب هيبة ومكانة النظام السياسي في مصر، وزعزعة الاستقرار في مصر كلها، وليس في محافظة شمال سيناء وحدها، وإبقاء المحروسة في دائرة ودوامة الدفاع عن الذات.

جمعة سوداء عاشتها مصر كلها وليس مدينة بئر العبد فقط، لأن المصاب الأليم والوحشي يستهدف الشقيقة الكبرى، ويريد بها الشر والتخريب والتدمير المنهجي، ولا يريدون لمصر العروبة ان تنهض، وتستعيد عافيتها ودورها القومي الريادي، لأن اميركا وإسرائيل وادواتمها يعلمون علم اليقين أن نهوض مصر يعني نهوض شعوب الأمة العربية كلها، ولذا تملي الضرورة الاستعمارية إبقاء مصر في حالة استنزاف سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي، تلهث خلف رغيف الخبز دون أن تجده، وتبحث عن الاستقراء والأمان من غير ان تناله، وتركض حول حصتها من الماء بلا رجاء.

هناك قرار أميركي إسرائيلي تنفذه ادواتهم بدءا من جماعة الإخوان المسلمين وصولا لآخر التنظيمات التكفيرية بمواصلة إنهاك جمهورية مصر العربية كحد أدنى، لا سيما وان الهدف الأهم في مخططهم، هو تمزيق وحدة مصر إلى دويلات متناثرة. وإلى ان يتحقق ذلك، على الجماعات التخريبية الإرهابية نهش اللحم الحي للمواطن المصري البسيط لتأليبه على النظام السياسي بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي. وهو ما يؤكد ان دور تلك الأداوت لم يسقط كليا، لأن تراجع دورها عما كان عليه خلال السنوات الماضية، وانحسارها من لاعب رئيس في تحقيق أهداف الولايات المتحدة وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل إلى أداة ثانوية ارتباطا بتغير المعادلات والسيناريوهات المعدة للتغيير في واقع النظام والوطن المصري، لكنها باقية كجزء من أدوات التنفيذ للمشاريع التآمرية على مصر المحروسة.

مع ذلك سيبقى المرء يطالب النظام المصري بإعادة النظر بادواته وآليات تعامله مع الجماعات التكفيرية، لأن أساليب المواجهة الكلاسيكية المتبعة أثبتت انها غير مجدية، وتحتاج إلى تطوير وإبداع أعلى في قصم ظهر تلك الجماعات. ومن المؤكد ان لدى الجهات الأمنية المصرية القدرة والكفاءة على تحقيق الهدف. 

سنبقى نعلن بالصوت العالي: نعم لمصر.. ليسقط الإرهاب، لأن مصر لنا، وليست للمصريين فقط. مصر لكل عربي غيور على قوميته وعروبته، لأن مصر قوية يعني أمة عربية قوية، والعكس صحيح.

رحم الله شهداء مصر الأبرار.. وشفى الجرحى وأبقى مصر شامخة وعظيمة.

[email protected]