عاطف شقير - النجاح الإخباري -     ان الناظر لأهمية هذا النوع من الجوانب السلوكية والحياتية، يدرك عن كثب أهمية هذا النوع في حياة الشعوب والأفراد، ولا يمكنك ان تتصور مجتمعا يحيا دون اثر هذا الإعلام الذي يجب ان يبلور الشخصية الإسلامية والعربية التي تختلف بعاداتها وتقاليدها وأفكارها عن سمات الشخصية الغربية وطبائعها.

ومن هذا المفترق الهام، لا بد لنا ان نتطرق إلى العناصر التي تشكل المحور التربوي، ومن هذه العناصر الهامة:-

1- شريحة الطفل : ان هذه الشريحة تعتبر بمثابة الصفحة البيضاء تتأثر بمختلف الظروف البيئية المحيطة بها، ولكن ما يهمنا في هذا الجانب القول ان التأثير الإعلامي العربي التربوي ضئيل، وان غالبية المسلسلات الكرتونية هي من صناعة الغرب وما يقوم به الإعلام العربي هو إعادة دبلجة هذه المسلسلات بلغتنا العربية، وغالبا ما تظهر الأفكار الغربية في ثنايا هذه المسلسلات، و تتجلى في غالبيتها في إظهار اللباس القصير للفتاة والقبل بين الأطفال، لغرس تلك الأفكار في عقول الأطفال التي تفتقد إلى الحصانة الثقافية والعلمية المطلوبة.

زد على ذلك، ان الغرب يريد غرس أفكار الزميلات والصداقات بين الجنسين في مرحلة الطفولة، بغية تصديرها إلى مرحلة الشباب التي تشكل المعلم الأبرز في تفعيل الثقافة العربية او النيل من معالمها الحضارية والثقافية إذا ما غزتنا الثقافة الغربية في مرحلة الطفولة.

وهذه الأفكار والرؤى الغربية تشكل الهاجس المزعج على تراثنا العربي والإسلامي الذي يهتم بتنشئة سليمة وصالحة لأجيالنا القادمة بعيداعن ضوضاء الغزو الثقافي الغربي التربوي.

ولعلك تلحظ من خلال هذا الغزو الثقافي الغربي مدى التأثير الكبير على أطفالنا الذين يقلدون تلك الشخصيات بكل ما تحمل من معاني ورموز، ومن ابرز تلك الشخصيات ماوكلي وبيكيمون وغيرها من الشخصيات المثيرة لشواجن الطفولة البريئة، وهذا ما يجعل الطفولة فريسة سهلة أمام عمالقة الإنتاج الفني الغربي الذي يقوم على إدارتها نخب من علماء النفس والإعلام والاجتماع لمحاولة صياغة أفكار الطفولة بما يتناسب مع الرؤى الغربية التربوية التي تريد صهر الثقافة العربية والإسلامية وتذويبها.

أما فيما يتعلق بالسياسات الإعلامية العربية التربوية المواجهة لتلك الأفكار الغربية التي تريد مسخ معالم الشخصية العربية والإسلامية، فأننا نلحظ مدى التقصير الواضح في منهجية التصدي لهذا الغزو الثقافي الذي يريد سلب معاني الكرم والشرف والأخلاق من عقول الأطفال ونفوسهم، وهذا يعزز مقولة ان التأثير الغربي سيكون فاعلا وقويا حالما يتقاعس المنتجون العرب عن إنتاج أفلام ومسلسلات تغرس في عقول الأطفال ثقافتهم العربية وتراثهم الحضاري العريق.

وان الأطفال سيصبحون مغرقون في أفكار الغرب من خلال أفلام الكرتون التي تشجع فيهم التحرر والإباحية والمجون والانحلال، مما يجعلهم يذوبون في إرهاصات الغرب الأخلاقية التي تختلف في جوهرها وشكلها عن حضارتنا العربية والإسلامية التي تقوم على مبدأ الوسطية والاعتدال والتوازن في مختلف السياسات التربوية.

وهذا يحتم على المنتجين العرب محاولة الاعتماد على الذات في الإنتاج الفني والإعلامي، وعدم عرض أفلام الكرتون التي تتعارض مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية.

الأمر الذي يتطلب من الإعلاميين والكتاب العرب صياغة أفكار جديدة وخطط عملية ومنهجية لانتاج أفلام كرتونية تتواءم مع الرسالة العربية الحضارية التي تقوم على مبادىءالعدالة الاجتماعية والتربية الصالحة والقدوة الحسنة.

2- شريحة المرأة: تمثل شريحة المرأة دورا أساسيا وهاما في صياغة العمل الإعلامي التربوي، وذلك لان الطفل العربي من ممتلكات الام الخاصة، مما يجعل من الأهمية بمكان زيادة الاهتمام بالمرأة عن طريق توعيتها وتثقيفها بكل ما هو جديد على الساحة الثقافية.

لكن الذي يسترعي النظر ان اهتمامات النساء العربيات ينصب بشكل أساسي على المسلسلات والأفلام والحكايات، مما يدعو الكتاب العرب إلى تطوير المرأة العربية والرقي بها في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية من خلال الرسالة الإعلامية والثقافية التي تتخلل ثنايا المسلسل والفيلم.

فالرسالة الإعلامية يجب ان تهتم بإعطاء المرأة الأساليب التربوية العصرية التي تمكنها من تنشئة أولادها تنشئة متقدمة قائمة على المثل والقيم العربية العليا.

أما إذا كانت الرسالة الإعلامية العربية في مسلسلاتنا وأفلامنا قائمة على الترفيه والتسلية وضياع الوقت بأي صورة كانت، فان هذا سيصبح من إعلامنا أداة هدم لا بناء وتقدم لهذا الجيل الذي يتوق إلى العلم والتطور والتكنولوجيا كما يتوق الظمآن إلى الماء.

ناهيك ان هذا الجيل يحتاج إلى توجيه ثقافي وإعلامي وسياسي، لان معظم اهتماماته تنصب على الترفيه والموسيقى تاركا البرامج الثقافية والسياسية والعلمية وراء ظهره.

أما فيما يتعلق بوسائل الإعلام المختلفة فنجدها تتعاطى مع قضايا المرأة العربية بفتور وجفاء في بعض الأحيان، وهذا نابع أيضا من الواقع العملي للمرأة حيث تحرم من حقها في الترشح للانتخابات في بعض الدول العربية، مما يجعل الغرب يستغل هذا التقصير في الاهتمام بالمرأة العربية عن طريق بث أفكاره وتطلعاته إلى قطاع المرأة العربية عن طريق فتح المراكز الثقافية والصحف المعنية بالمرأة لتشجعها للتعاطي مع الأفكار الغربية القائمة على تنشئة الطفل على الإباحية و الرأسمالية و الاستغلال والنفعية، أما فيما يتعلق بالمرأة فتشجعها على السفور والاختلاط ومغادرة البيت دون إذن زوجها.

كل هذه الرؤى والأفكار تتعارض مع الخطوط الثقافية العربية والإسلامية، الأمر الذي يتطلب من إعلامنا العربي والإسلامي إعادة النظر في سياساته وخططه الإعلامية تجاه المرأة التي تشكل بحق صمام الأمان لمختلف الشعوب العربية والإسلامية للثبات في الحفاظ على الخطوط التربوية العربية العليا، أما إذا أهملنا المرأة في برامجنا الإعلامية والثقافية والسياسية والاجتماعية، فنكون قد عطلنا نصف هذا المجتمع، وهذا بحد ذاته يجعلنا نتخلف عن اللحاق بالركب الحضاري العالمي.

أما فيما يتعلق بالرسالة الإعلامية العربية فيجب ان تخاطب الأسرة العربية بمختلف فئاتها من الأطفال إلى الشباب حتى مرحلة الشيخوخة، لمحاولة الخروج برسالة إعلامية شاملة تؤدي في نهاية المطاف إلى إشباع رغبات الأسرة العربية سواء أكانت تلك الرغبات ثقافية أو سياسية او تربوية او ترفيهية، وكذلك محاولة تعزيز التلاحم الأسري وعدم تقليد الغرب الذي بدأت تطهر فيه حديثا ظاهرة انعدام الاسرة الغربية.

أما فيما يتعلق بدور النشر والإعلام فانه يحتم عليها الاهتمام الكبير بالطفل والمرأة لان تلك الشريحتين تتأثران بتدفق الإعلام الغربي الأمر الذي يتطلب من مؤسساتنا محاولة تكثيف الجهود الإعلامية والثقافية لانتاج المزيد من الكتب والصحف والمجلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية للتأثير على عقلية المرأة وتشكيلها وفق الرؤية العربية والإسلامية، لأنها الرقم الأصعب في صياغة وتشكيل عقلية الطفل حسبما تملي عليها ثقافتها وعلمها ومعرفتها.

خلاصة القول، على إعلامنا العربي والإسلامي تحصين المرأة العربية من محاولة استهدافها من قبل الإعلام الغربي الذي يعزز أفكار الشذوذ والانحلال في عقليتها وثقافتها. 

ولتحصين المرأة العربية والإسلامية من خطورة الإعلام الغربي يجب القيام بالأمور الآتية:

1-  فتح مراكز ثقافية تقوم على إدارة هذه المراكز نخب من النسوة المثقفة التي تضطلع بمهمة تثقيف النساء العربيات بماهية الثقافة العربية والإسلامية.

2- إشراك المرأة العربية في إدارة العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية، لمناقشة القضايا النسائية المستجدة في عصرنا الحاضر مع محاولة غرس الأفكار والقيم العربية في نفوس النساء العربيات من خلال هذه البرامج.

3- السماح للمرأة العربية بالمشاركة السياسية القضائية لئلا يستطيع الإعلام الغربي العزف على تلك الأوتار الحساسة.

4- عقد دورات تثقيفية توعوية للنساء العربيات اللواتي لا يحسن القراءة والكتابة ومحاولة عقد دورات لمحو الأمية في أوساط النساء تكون على حساب المؤسسات الرسمية.

5- مساعدة المرأة العربية في الحصول على شهادات الدراسات العليا لاقناع النساء العربيات بفحوى الرسالة الإعلامية والثقافية التي يقمن من اجل نشرها في مختلف أرجاء الوطن العربي والإسلامي.