أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - حاول نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي بالأمس الظهور كرجل مسئول حريصاً على الدولة ولم يخل خطابه الصحافي من هجوم على رئيس حكومة تكره فيها الأحزاب بعضها وتتناحر،  بالأمس فقط كان بنيامين نتنياهو يحبس أنفاسه على وقع المؤتمر الصحفي لبينيت ربما متمنياً أن يخرج بينيت من الحكومة ويؤدي الى حلها فنتنياهو جاهز للانتخابات خاصة أن الاستطلاعات تعطيه تقريباً نفس عدد المقاعد في الكنيست السابقة.

لو فعلها بينيت كان سيبدو بنظر الجمهور الاسرائيلي أنه مجرد مراهق في السياسة لأنه شاب تليق به التهمة وسوف يتحمل مسئولية حل حكومة اليمين "النقية" من أي يميني آخر، وأنه يتصرف بلا مسئولية في ظل ظروف أمنية بالغة التعقيد بالنسبة للدولة هكذا ألمح نتنياهو منذ يومين ممهداً للهجوم على رئيس حزب البيت اليهودي.

في الانتخابات الأخيرة التي حصل فيها "البيت اليهودي على ثمانية مقاعد بخسارة أربعة مقاعد من الانتخابات التي سبقتها ركز نتنياهو على مصوتي البيت اليهودي من المستوطنين فقد بات نتنياهو ونفتالي بينيت يتنافسون على نفس الكتلة التصويتية،  كتلة الاستيطان لأن الليكود أيضاً تحول الى حزب مستوطنين منذ سنوات وأصبح لوبي الاستيطان هو الأكثر تأثيراً داخل الحزب.

الحرب بين اليمين واليمين ولم تعد اسرائيل هي اسرائيل القديمة فقد انزاحت نهائياً نحو اليمين الذي أصبح يسطو على أصوات بعضه ويتربص كل منهم للآخر ويتنافس كل مع الآخر فقد أدرك نتنياهو للحظة أن حكومته على وشك الانهيار ولم يكن ذلك يعني له الكثير فبدأ حملته الانتخابية في أوساط اليمين واليمين الاستيطاني موجهاً سهامه ضد نفتالي بينيت محملاً اياه المسئولية عن انفراط عقد اليمين وحكومته.

لكن بينيت أيضاً لم يكن أقل دهاء من نتنياهو فقد أدرك الأول أن الأخير يتربص به ويريد أن يكشفه أمام جمهور اليمين ليقطع الطريق على رئيس الوزراء بل ليزاود عليه ليظهر أنه على قدر من المسئولية لأنه يفضل مصلحة الدولة على مصلحته الشخصية غير المتضررة من بقاء الحكومة باعتباره يشغل منصب وزير التعليم ويملك حزبه حق النقض وقدرة هائلة على الابتزاز في حكومة كل حزب فيها يلعب دور بيضة القبان.

الآن في اسرائيل حكومة يتمنى كل حزب من أحزابها أن تحل فكل منهم له مصلحة ولأنها حكومة اليمين لا أحد يريد أن يتحمل مسئولية حلها ، نتنياهو اذا ما تمكن من دفع الآخرين لحلها سيضعهم في موقف محرج وربما سيستولي على مخزون أصواتهم وبينيت كذلك،  اذن هذه الحكومة تلعب مع نفسها لعبة عض الأصابع من يصرخ أولاً وهكذا مضطرون للتعايش القسري المؤقت لأن الجميع يريد أن يصرخ الآخر أولاً وقد جهز نتنياهو خطابه قبل يومين لصرخة بينيت لكن الأخير تجاوز ما خطط له نتنياهو.

حكومة بهذه النوايا وأحزاب كل تفكيرها ينصب الآن على كيف يتم دفع الآخر ليتحمل مسئولية انهيار الحكومة لن تعمر طويلاً فنتنياهو في أحسن حالاته رغم الهجوم عليه من شركاؤه في اليمين ليبرمان ثم بينيت في مؤتمره الصحفي الذي عقده الاثنين ونتنياهو يهاجم شركاؤه وهكذا وهو يريد الانتخابات ليحصد مزيد من الأصوات يواجه بها القضاء الذي يجهز ملفات الفساد لأنه فشل في مواجهتها حتى الآن فقط يحتاج الى أسابيع قليلة ينهي فيها تعيين رئيس الأركان ومفتش عام الشرطة بعد أن خذله روني الشيخ وفتح ضده كل الملفات.

بينيت يعتمد على شارع ينزاح يميناً ليحصد مزيداً من الأصوات لأن الكتلة الاستيطانية التي يمثلها تتزايد في المرة القادمة اذ تمت عملية سطو على أصواته يحلم باستعادتها وليبرمان كذلك وأيضاً معهم موشيه كحلون الذي ظهر على قدر من المسئولية ويحلم باقتطاع مزيد من الأصوات وكذلك شاس بعد اختفاء ايلي يشاي من المشهد هؤلاء شركاء الحكومة أما المعارضة فهي تريدها فوراً وهكذا يبدو المشهد في اسرائيل كلها تريد انتخابات وفي هذا الوضع تظهر الحكومة بهذه الدرجة من الهشاشة ولن تعمر طويلاً.