وكالات - النجاح الإخباري - قررت الحكومة الإسبانية التوقف عن نقل إدارة المجال الجوي الصحراوي الذي تتحكم فيه حاليا انطلاقا من جزر الكناري إلى المغرب، بسبب تداعيات الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستشهدها إسبانيا في 23 تموز/ يوليو المقبل.

وأفادت صحيفة “إل كونفدونسيال” أنه مع السباق الانتخابي واحتمال تغيير الحكومة في مدريد، بدأت مصادر تثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات على جانبي المضيق، بعد فترة العسل التي كرّسها اعتراف رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلا لنزاع الصحراء، وما أعقب ذلك من اتفاقيات وُقّعت بين البلدين.

ويأتي الموقف الإسباني الجديد من موضوع مراقبة الأجواء الصحراوية في ظل عودة مسؤولي الرباط إلى الحديث عن “مغربية” سبتة ومليلية، بعد وصف مسؤول في المفوضية الأوربية المدينتين المذكورتين بكونهما أراضي إسبانية، حيث بادرت حكومة مدريد إلى توجيه مذكرة احتجاج رسمية للحكومة المغربية بسبب موقفها المعلن عنه.

وشهدت عملية تنفيذ اتفاق “خريطة الطريق” الموقعة بين الرباط ومدريد بعض التباطؤ في الشهور الأخيرة، أبرز مثال على ذلك تعثر افتتاح مكتب جمركي تجاري في سبتة لأول مرة في تاريخ العلاقات، لخشية المغرب بأن يفسر ذلك بكونه تخليا عن المطالبة بسبتة ومليلية، واعتبارهما إسبانيتين.

بالعودة إلى موضوع التوقف عن نقل إدارة المجال الجوي الصحراوي من المغرب إلى إسبانيا، من الجدير بالذكر أن هذه المهمة تخضع لتحكم منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة. ومن ثم، بحسب مقتضيات القانون الدولي، لا تملك إسبانيا أي تصريح لتقرير ما إذا كانت ستتنازل عن الإدارة للمغرب أم لا، على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز وعد العاهل المغربي محمد السادس منذ شهور بهذه الخطوة، وفق ما ذهبت إليه صحيفة “إيل كونفنداسيال”.

وذكر المصدر نفسه أنه إذا كانت إدارة المجال الجوي للصحراء تعود لإسبانيا باعتبارها القوة القائمة بالإدارة، فإن المغرب ـ مع ذلك ـ يستخدم هذا الفضاء “بشكل غير قانوني” منذ عدة سنوات، وذلك باستخدام طائرات بدون طيار. وأعطت مثالا على ذلك بتحليق طائرة تابعة للقوات الجوية القطرية فوق المجال الجوي الصحراوي وهبوطها في مطار العيون، وكذا استخدام طائرة لنقل المعدات العسكرية الثقيلة، فضلاً عن وجود صور للأقمار الصناعية من خرائط “غوغل” تظهر مقاتلات مغربية متوقفة في مطار العيون.

وتترقب الأوساط المغربية، بحذر، ما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية التي ستجري في إسبانيا يوم 23 تموز/ يوليو المقبل، من تشكيل جديد في حكومة مدريد، ذلك أن اللاعبين الأساسيين في المعترك السياسي (الحزب الاشتراكي العمالي والحزب الشعبي وحزب فوكس) قد يغيّرون من طبيعة الموقف التفاوضي مع المغرب، وإنْ كان الجميع يريد علاقة آمنة وهادئة مع المغرب، وفق تقدير المصدر الإسباني المذكور، حتى لا يتكرر (بحسب قوله) السيناريو السيئ الذي تسببت فيه وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة أرانتشا غونزاليس لايا، عندما تخطى أكثر من 10000 مهاجر الحدود مع سبتة.

الشيء الوحيد الذي أعلن عنه ألبرتو نونيز فيجو، رئيس الحزب الشعبي الإسباني، حول هذا الموضوع هو أنه ينوي إيجاد علاقات جيدة مع الجزائر، والتي تراجعت كثيرًا بسبب انعطاف مدريد نحو تأييد الموقف المغربي من قضية الصحراء.

وكان بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء، أعلن عن تغيير موقف إسبانيا بشأن الصحراء قبل أكثر من عام، في رسالة بعثها إلى ملك المغرب، طاويا بذلك الأزمة الثنائية الناشئة آنذاك بين البلدين نتيجة استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي، سرًّا، في أحد مستشفيات مدريد للعلاج، بجواز سفر مستعار، وما تلاه من اقتحام لآلاف الأشخاص إلى مدينة سبتة بطريقة جماعية، انطلاقا من الأراضي المغربية.

وكان العاهل المغربي ورئيس الوزراء الإسباني قد أشرفا في الرباط، يوم 7 نيسان/ أبريل من العام الماضي، على تنفيذ خطوات لإعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بالتوقيع على خريطة طريق لعلاقة جوار جديدة، وفق مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل واحترام وتنفيذ الالتزامات والاتفاقات الموقعة بين الطرفين.

ووقع بيدرو سانشيز مع نظيره المغربي عزيز أخنوش، أوائل شباط/ فبراير المنصرم في الرباط، على 19 اتفاقية للتعاون بين البلدين في مجالات مختلفة خلال اجتماع وزاري رفيع المستوى من أجل تعزيز شراكتهما الاستراتيجية.