النجاح الإخباري - في قطاع غزة، حيث الحصار والحرب التي خلفت واقعًا اقتصاديًا مزريًا، يجد النازحون أنفسهم أمام خيارات قاسية للبقاء على قيد الحياة.

محمود قاعود، الذي فرّ من مدينة غزة إلى دير البلح، يعكس صورة الوضع الإنساني الصعب الذي يواجهه الفلسطينيون في القطاع.

بعد أن ترك كل ما يملك وراءه، وجد محمود نفسه مضطراً لبيع خاتم زوجته، في محاولة يائسة لتأمين الطعام والشراب لأبنائه. هذه الحادثة ليست سوى مثال واحد على الأوضاع المتردية التي تجبر الناس على التخلي عن مقتنياتهم الثمينة.

أسواق رفح ودير البلح، التي كانت يومًا مليئة بالحياة والنشاط، تحولت الآن إلى مراكز لتبديل العملة وبيع الذهب. يقول علاء صافي، الذي تحول إلى تاجر للذهب بعد الحرب يصف حال الناس الذين يبيعون ما تبقى لهم من ذهب لتأمين احتياجاتهم الأساسية:

"اليوم الناس التي تمتك ذهبا ستبيعه لأن وضع البلد سيء، الناس بحاجة لأن تأكل وتشرب، فالوضع الاقتصادي سيء جدا في غزة، نبدل العملة بين الشيكل والدولار لكسب بعض المال". 

عبد المجيد الكرد، صاحب بسطة لبيع وشراء الذهب، يشهد إقبالاً كبيراً على محله. يقول إنه مجبر على العمل لإعالة أسرته والأشخاص الذين يعتمدون عليه، مؤكداً أن الناس يبيعون مدخراتهم التي تعود لأجيال سابقة، في محاولة للصمود في وجه الجوع والحاجة.

يقول "هذه مهنتي من 40 سنة، أنا مجبر على هذا العمل، لا أستطيع أن أجلس في البيت أنا وأسرتي وأنا معيل لـ 50 شخصا".

وأضاف "نحن مجبرون على هذا العمل. كان لدينا مصنع ذهب هنا متوقف عن العمل، مفروض علينا هذا الشغل حتى نعيش".

ومضى قائلا: "رغما عنها ستبيع الناس مدخراتها، تبيع مدخرات عمرها مئة عام، أتاني رجل وباعني جنيها إسترلينيا ورثه عن جده من أيام ما كان الإنجليز في فلسطين. كل الناس تبيع مدخراتها من أجل شراء الطعام".

وتابع "الناس مساكين. ستة أشهر. إلى متى يستطيع الناس الصمود بعد أكثر من ستة أشهر. باعوا كل مدخراتهم ولم يبق لديهم شيء لا دولار، ولا دينار، ولا يورو، ولا إسترليني، باعوا أي شيء كانوا متمسكين به".

المنظمات الدولية تؤكد أن الغالبية العظمى من سكان القطاع، الذين يقدر عددهم بنحو 2.3 مليون نسمة، يعيشون نازحين وسط ظروف قاسية منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة. الجوع يدفع الناس للتخلي عن أثمن ما يملكون، في صراع مستمر من أجل البقاء.

ويعاني القطاع من نقص حاد في المواد التموينية، والمساعدات القليلة التي تصل لا تكفي لسد احتياجات المواطنين. الأسعار المتصاعدة تفاقم الوضع، حيث تجاوزت التكاليف الشرائية قدرة السكان على التحمل، مما أدى إلى ضائقة معيشية ومجاعة. ويشتكي المواطنون من هذا الوضع القاهر الذي لم يعد يطاق في ظل استمرار المقتلة والمجازر الإسرائيلية للشهر السادس على التوالي.