غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - تصاعدت وتيرة الأحداث التي تشهدها حدود قطاع غزة الشرقية خلال الأسبوعين الأخيرين، بعد تزايد حد التظاهرات التي يقوم بها الشباب قرب السياج الحدودي، من إشعال إطارات وتفجير عبوات ناسفة، فيما تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي والغاز السام بكثافة تجاه المشاركين، ما يعيد إلى الأذهان فترة مسيرات العودة الكبرى.

بعض المراقبين يربطون تصاعد حدة التوتر على الحدود الشرقية للقطاع بحالة التضييق الإسرائيلية على النواحي الاقتصادية لغزة، ما انعكس بالسلب على الظروف المعيشية التي تتضح في انخفاض نسبة صرف رواتب موظفي حكومة "حماس".

وهو ما أكدته صحيفة هآرتس العبرية التي زعمت على لسان مسؤول كبير في غزة قوله، إن "الاحتجاجات على حدود القطاع نتيجة انخفاض التمويل القطري الذي حجب رواتب ما يقرب من 50 ألف موظف في حكومة غزة بينهم كبار الموظفين".

وتراجع حجم المنحة المخصصة للموظفين الحكوميين في غزة تدريجيًا من عشرة ملايين دولار إلى ثلاثة ملايين خلال الشهر المنصرم، بينما أعلنت المالية في غزة الأربعاء الماضي عن صرف رواتب شهر أغسطس، بنسبة 55% بدلاً من الـ 60% .

غزة تواجه أزمة اقتصادية خانقة

أكد القيادي في حركة حماس عاطف عدوان، أن قطر خفضت منحتها المقدمة لموظفي غزة من 10 ملايين دولار إلى 7 حتى وصلت إلى 3 مليون دولار، مشيراً إلى أن الحديث يدور عن توقفها بشكل كامل.

وقال لـ"النجاح الاخباري"، إن "قطاع غزة يواجه أزمة اقتصادية ومالية خانقة، نأمل أن يتم حلها في أسرع وقت ممكن، موضحاً أن خفض نسبة صرف رواتب موظفي غزة من 60 إلى 55%، لمواجهة الأزمة التي تعيشها لجنة متابعة العمل الحكومي التي تديرها حركة حماس في القطاع.

لكن عدوان نفى ربط التوترات الحاصلة على حدود غزة الشرقية بالأزمة المالية الخانقة، وأضاف إن "الأوضاع على حدود غزة لا تُربط بالأزمة الاقتصادية، لكنها تُربط بالإجرام الإسرائيلي المتواصل سواء بحق أبنائنا في الضفة أو القدس ومن تشديد حصار على قطاع غزة".

جاكي حوجي محلل الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوافق القيادي في حماس بالرأي، بأن التوتر "الحاصل في قطاع غزة في الوقت الحالي، غير مرتبط بالمنحة القطرية"، وفق زعمه.

وقال، إن "إسرائيل" استخدمت كل أوراق الضغط التقليدية لديها في الأسبوع الماضي باستثناء ضربة قوية لوقف إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة، مبيناً أن الطرفان يقفان صباح اليوم عند مفترق طرق، سواء الذهاب لمواجهة عسكرية أو احتواء التوتر.

ومنذ مطلع الشهر الجاري تشهد الحدود الشرقية للقطاع مظاهرات لمئات المواطنين الفلسطينيين. ويخرج مئات الشبان في مظاهرات في خانيونس ورفح وجباليا وشرق مدينة غزة يومياً على طول الشريط الحدود شرق القطاع.

إغلاق إيرز أمام عمال غزة

في المقابل، عمِد الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة إلى إغلاق حاجز بيت حانون/إيرز، شمالي القطاع، أمام انتقال العمال إلى الأراضي المحتلة، فضلاً عن عمليات قصف جرت لبعض المواقع التابعة للفصائل الفلسطينية، والتي كان آخرها مساء اليوم الاثنين، حين قصفت طائرات حربية من دون طيار موقعين للمقاومة شرق غزة، أدى إلى تدميرهما، دون الإبلاغ عن أي إصابات.

وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة، سامي العمصي، إن خسائر عمال غزة في الداخل اليومية وصلت إلى 5 مليون شيقل، جراء استمرار إغلاق جيش الاحتلال لمعبر بيت حانون "إيرز" لليوم العاشر على التوالي.

وأشار العمصي خلال حديثه لـ"النجاح الاخباري"، إلى أن خسائر عمال غزة في الداخل وصلت إلى نحو 50 مليون شيقل خلال العشرة أيام الأخيرة، مشيراً إلى أن هناك عدد كبير من عمال غزة الذين يعملون داخل الخط الأخضر، متواجدين الآن في القطاع دون عمل، بعد منع الاحتلال مرورهم عبر معبر إيرز إلى أماكن عملهم.

وأضاف أن هناك أكثر من 16 ألف عاملاً مصنفون ضمن تصاريح "الاحتياجات الاقتصادية"، وأكثر من 2000 عامل من "تصاريح المشغل" منعوا من مزاولة عملهم في الداخل المحتل، جراء الإغلاق المتواصل لمعبر ايرز، معتبراً ما تمارسه السلطات الإسرائيلية بحق أهالي وعمال القطاع "عقاب جماعي"، ترفضه كل المواثيق والقوانين الأممية والدولية.

وفي قطاع غزة نحو 18 ألف فلسطيني لديهم تصاريح للعمل من سلطات الاحتلال تسمح لهم بالعمل خارج القطاع المحاصر، بما يضخ نحو مليوني دولار يومياً من السيولة في الاقتصاد المتعثر في القطاع.

وقررت سلطات الاحتلال مساء اليوم الاثنين استمرار إغلاق معبر "إيرز" غداً أمام العمال بسبب استمرار المظاهرات الحدودية، بعد أن فرضت منعاً على دخولهم إلى "إسرائيل" منذ تاريخ 17 سبتمبر الجاري.

مصالح الأطراف لا تستدعي حرباً

في السياق، يرى المحلل السياسي أكرم عطا الله أن توتر الأجواء في قطاع غزة وبالأخص على الحدود الشرقية، بسبب الأزمة الاقتصادية في غزة، لكنه استبعد أن تتطور الأحداث إلى مواجهة شاملة في القطاع.

وقال في حديثه لـ"النجاح"، إن "ظروف المنطقة والمناخات تقول أنها تتحفز لحرب، لكن طبيعة المصالح بين الأطراف لا تريد الحرب، لأن كل مصالح الأطراف العقلانية لا تستدعي حرباً، وتأتي هذه بهدف إبعادها ليس تقريبها.

وأضاف المحلل عطا الله، عند إدخال بعض الأموال والتسهيلات في ظل الحصار المفروض على غزة وفتح المعابر، يتوقف التوتر على الحدود، وهو الأمر الذي يرى أنه بدأ مع بداية مسيرات العودة، لافتاً إلى أن هذه المسيرات بدأت بهدف رفع الحصار، الذي تم تحفيفه بعد إلا أن توقفت كلياً خلال الأشهر الماضية، "وكان هناك ما يشمل الصفقة لهذه المسيرات"، بحسب تعبيره.

وانطلقت "مسيرات العودة" في قطاع غزة في الـ 30 من أغسطس 2018، واستمرت لعامين، قُتل خلالها 217 مواطناً من القطاع وأُصيب المئات وانتهت بتقديم إسرائيل تسهيلات لسكان غزة دون إنهاء الحصار، من خلال السفير القطري محمد العمادي بواقع 30 مليون دولار شهرياً.