غزة - محمد سعيد - النجاح الإخباري - أعلن مدير شركة المشروبات الغازيّة الإسرائيليّة "صودا ستريم" نيل بارنبويم مؤخراً أنّ "الشركة بصدد افتتاح مصنع في قطاع غزّة، من أجل خلق أماكن عمل لسكّانه، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقة تفرض فيه إسرائيل حصاراً على القطاع، وتمنع مواد أساسية من دخوله تحت حجج واهية، وهو ما اعتبره المختصون بأن هذا الإعلان يأتي في إطار الداعاية الإسرائيلية لتحسين صورتها أمام العالم بأنها حريصة على رفاهية الفلسطينيين في الوقت الذي ترتكب فيه الجرائم يومياً في الضفة والقطاع.

يشار إلى أن الشركة استغنت عن عمالها الفلسطينيين من الضفة الغربية، بعد انتقال المصنع إلى جنوب "إسرائيل" بعد حملة المقاطعة التي تعرضت لها.

واستبعد الخبير المالي والاقتصادي د. نصر عبد الكريم أن تفتتح شركة المشروبات الغازية "صودا ستريم" فرع لها على الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة.

وأرجع عبد الكريم خلال حديثه لـ "النجاح الإخباري" ذلك إلى عدة أسباب أبرزها "أن هناك امتياز لوكالة بيبسي كولا في غزة، وبذلك تصبح الوكالة الحصرية للمشروبات الغازية بالقطاع للأخيرة"، معتقدًا في الوقت ذاته أن وزارة الاقتصاد بغزة ستمنع من افتتاح الشركة فرع لها.

وبين أن هذه الشركة أدرجت على لائحة المقاطعات الاقتصادية على مستوى العالم نتيجة عملها على أراضي المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية المحتلة عام 1967م، مشيرًا إلى أن أسواق فلسطين تخلو من منتجات هذه الشركة.

وحول التعامل التجاري بين قطاع غزة والاحتلال، رد عبد الكريم أن "هناك فرق بين الاستيراد والتصدير وبين فتح فرع لشركة "إسرائيلية" على الأراضي الفلسطينية، منوهًا إلى عدم وجود مقاطعة رسمية لبضائع إسرائيلية حسب اتفاق باريس الاقتصادي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيلي.

وأشار إلى أن إمكانية لجوء "إسرائيل" إلى التعاقد من الباطن، بمعنى "تقوم بتكليف شركات فلسطينية للعمل على صالحها، مثل شركات المنسوجات والخياطة، يزودهم بعمل أو حياكة المنسوجات، ومن ثم تقوم شركات إسرائيلية بتسويق البضائع في الأماكن المختلفة في دول العالم.

وتحوّلت شركة "صودا ستريم" من مجرّد مصّنع بسيط للمياه الغازيّة إلى عملاق قيمته 3.2 مليار دولار. وفي الربع الثاني من عام 2018، قفزت أرباحها بنسبة 31 في المئة إلى 171 مليون دولار، وارتفع دخلها الصافي بنسبة 82 في المئة، وباتت من روّاد صناعة الصودا في العالم، تسوّق منتجاتها في 41 دولة كالولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا وأوروبا.

بدوره، قال أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة الأزهر، د. سمير أبو مدللة بأن هذه الخطوة تأتي في سياق الدعاية "الإسرائيلية" لتحسين وتجميل صورتها أمام دول العالم أجمع.

وبين أبو مدللة خلال حديثه لـ "النجاح الإخباري" أن هدف الشركة الرئيسي إظهار "إسرائيل" أمام المجتمع الدولي بأنها تسعى للبحث عن حلول اقتصادية وتخفيف العبء الاقتصادي على المواطن الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الأولى ترى بأن الحلول الاقتصادية لسكان قطاع غزة هي المدخل الحقيقي للحلول السياسية.

وتوقع إلى أن حكومة الأمر الواقع في قطاع غزة سترفض ذلك جملة وتفصيلًا، رغم أن المواطن الفلسطيني في قطاع غزة يعاني من وضع اقتصادي صعب وحالة فقر مفقع وصلت إلى نسبة 60%، ونسبة البطالة وصلت إلى 54%، ويضاف إلى ذلك 80% من سكان القطاع يتلقون مساعدات إنسانية من المؤسسات الدولية وغيرها.

وذكر أن حسب اتفاقية باريس الاقتصادية التي وصفها بـ "المجحفة" بأن بناء مناطق صناعية فقط بين الطرفين للتعامل التجاري، ولا يوجد ضمن الاتفاق بناء شركات إسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، مطالبًا السلطة الفلسطينية بالتحرر الكامل من تلك الاتفاقية.

ونوه إلى أن تعامل القطاع التجاري في غزة مع الاحتلال يتكون من شقين، أولهما حكم سيطرة "إسرائيل" على المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وثانيهما عدم وجود تعامل تجاري حقيقي إلا عن طريق معبر كرم أبو سالم التجاري من خلال إدخال البضائع الاقتصادية إلى قطاع غزة.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر إن "الشركات "الإسرائيلية" تسعى للاستفادة من العمالة الرخيصة، وإيجاد موطئ قدم جديد على الأراضي الفلسطينية في القطاع".

وتابع "لو فتحت "إسرائيل" المجال للشركات الفلسطينية بقطاع غزة بالاستيراد والتصدير إلى الخارج بشكل مفتوح لأصبح الوضع الاقتصادي هنا أحسن بكثير ما هو عليه الآن"، مرجعًا السبب "بأن السلطة أبرمت اتفاقيات مع عدة دول عربية بإعفاء المنتجات الفلسطينية من الضرائب -حسب قرار الجامعة العربية - لكن سيطرة وتحكم الاحتلال بالاستيراد والتصدير منع ذلك".

وأشار إلى أن "إسرائيل" ترى بأن الحلول الاقتصادية لسكان قطاع غزة هي المدخل الحقيقي للحلول السياسية.