غزة -مارلين ابوعون - النجاح الإخباري - مأساة متكررة :حوادث سقوط الأطفال من شرفات المنازل من نوافذ المنازل: اطفال تطير ويحتضنها الموت اهمال ولامبالاة الاباء تودي بحياة اطفالهم طيور الجنة يسقطون ويموتون بسبب الاهمال

من إحدى شرفات منزل في الطابق الرابع المطلّ على الشارع العام، هويا كطيرين بلا جنحان، ليحدث ارتطام جسديهما صعقة للجموع التي التمّت حولهما، طفلين بعمر الورد، دون الخامسة، امتدت الأيادي لعلَّ النَفس لازال يوحي ببعض حياة، وسرعان ما ألقي الجسدان في مشفى قريب، جثتان هامدتان، غادرت الروح إحداها إثر السقوط من علو، في حين بقيت الأخرى تئن تحت وطأة الكسور والجروح التي فاقت طفولتها.

الطفل  فريد صافي (4) أعوام توفي على الفور وأصيبت شقيقته بجراح خطيرة، نقلت إلى العناية المكثَّفة لتتلقى العلاج اللازم.

تلك ليست قصة مأساوية نسمعها عبر مواقع التواصل، إنَّما قصة باتت تتكرَّر كثيرًا في الآونة الأخيرة، وضحاياها جميعهم من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ(10) أعوام.

ظاهرة سقوط الأطفال من شرفات المنازل، ومن أعلى البنايات جعلت المواطنين يتذمرون ويتساءلون عن الأسباب التي فاقمت الموضوع في الآونة والأخيرة.

 وطالب البعض بوضع قوانين تضمن سلامة الأطفال في المنازل، فالحوادث المتلاحقة اختلفت بالمضمون واتَّفقت بالنتيحة، فبعد يومين أفاق المواطنون على حادثة سقوط الطفلة فاطمة المصري، البالغة من العمر سنتين في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزَّة والتي فارقت الحياة تاركة غصة ووجعًا كبيرًا في قلوب أفراد عائلتها ووالديها، سبقتها الطفلة نور المصري من ذات العائلة والتي تبلغ من العمر (5) أعوام حيث وصلت إلى مجمع ناصر الطبي في خانيونس بحالة حرجة، ومالبثت أن توفيت بعد لحظات من الحادث.

وفي ذات السياق لاقت الطفلة مريم غبن والتي تبلغ عامين، مصرعها إثر سقوطها من شرفة منزلها في شمال القطاع.

هذه ليست سوى بعض الأمثلة عن الحوادث المروّعة التي وقعت خلال الأيام السابقة في غزَّة، بالإضافة إلى حالات أخرى مشابهة في أنحاء الضفة، ما لفت النظر إلى ضرورة وضع حد للاستهتار بأرواح الأطفال.

وفي استطلاع أجراه "النجاح الإخباري" تباينت آراء المواطنين حول الأسباب التي جعلت ظاهرة سقوط الأطفال من أعلى البنايات تتكرر، المواطن محمد أبوعاصف متزوج منذ (10) أعوام، لم يقدّر له أن ينجب، قال بحرقة شديدة: "الأطفال أجمل نعمة يهبها الله لنا ويجب المحافظة عليهم لأنَّنا سنسأل عنهم يوم القيامة، حوادث السقوط تتكرَّ بشكل مخيف ومحزن، وأنا أرى بعض الأمهات ينشغلن بالأعمال المنزلية ويتركن أطفالهن بجوار النوافذ دون حماية، بل وصل الحال ببعض الأمهات أن يتركن كرسيًّا بجوار النافذة مدَّة طويلة ويغفلن الأطفال وسلامتهم، الطفل الصغير غير مدرك لمخاطر السقوط ، إنّما يقتله إهمال الأهل، وعدم المسؤولية".

 آراء الأمهات تباينت، الأم نادين شريتح قالت: "أنا أم لطفلين وبأمانة أطفالي أشقياء جداً لا أُحب أن أخرج معهم لأي زيارة، لأنَّهم يكسرون ويتشاقون كثيرًا فأظلّ معهم بالمنزل وأراقبهم طوال الوقت كي لايؤذوا أنفسهم، هم صغار غير مدركون، لايترددون في الوقوف بجوار النافذة للنظر من خلالها على المارة، لكنّني لا أتركهم وحدهم بل أقف معهم مع أنَّ النوافذ في منزلي محميَّة بحراسة حديدية، لا أطمئن خصوصاً أنَّنا نسمع بحالات سقوط رغم وجود الحراسة الحديدية على الشرفات والنوافذ".

سعاد الصيفي والدة لثلاثة أطفال لا تتجاوز أعمارهم السبعة أعوام ذكرت أنَّها تجد صعوبة كبيرة في تربية أبنائها فهم( أشقياء جدًا)على حسب تعبيرها، تقول: "ابني الصغير وسيم يبلغ من العمر عامين، لايترك شيئًا إلا ويكسره، وطول الوقت يلعب بأشياء يمكن أن تؤذيه  كالّلعب بكوابل الكهرباء أو محاولة القفز من الشباك المطلّ على الشارع، أجده متشبّثًا بالشباك يكاد يقع من الدور الرابع حيث نسكن".

وتابعت :" الكثير من الأمهات حريصات على أبنائهن ومع ذلك حصلت حوادث مأساوية".

الجدَّة أم اسماعيل كان لها رأي مختلف حيث حمَّلت المسؤولية كاملة للأم والأب، قالت:

"الأمهات ما عندهن وقت إلا لتحضير الطعام وتصويره للإنترنت، والتباهي بشطارتهن، بقعدن بالساعات قدام الجوال الي أخذ عقولهن، والأب بكون عارف إنّه بيته بدو حماية على الشبابيك وبطنش لحتى تقع مصيبه، خطية الأطفال في رقبتهم ليوم الدين".

الأستاذ التربوي سعيد الريفي قال: "ينقصنا الوعي وثقافة السلامة، نحتاج تكثيف حملات التوعيّة بين الأهل والأطفال فعلى سبيل المثال، أطلقت نيويورك في الستينات والسبعينات من القرن الماضي حملة توعيّة للأطفال تحت عنوان“لا تستطيع الطيران” بعد ارتفاع أرقام سقوط الأطفال من الأبنيّة العالية بشكل مفزع.

وأضاف أنَّ حملات التوعيّة شملت برامج تعليمية في المدارس، بالإضافة إلى الزيارات المنزليَّة، وتوزيع المصلقات بلغات متعدّدة في العيادات الصحية والمدارس ورياض الأطفال وحتى محلات السوبر ماركت والمرافق الترفيهية".

 وأشار إلى أنَّه حسب إحصائية حديثة يتعرض حوالي مليونين ونصف من الأطفال في العالم سنويًّا  للإصابات أو للموت داخل المنزل. حيث تزداد الحوادث من السنة الأولى إلى الثامنة تقريبًا. وأيَّاً كان السبب وراء توسّع وانتشار حوادث الموت المروع لأرواحهم البريئة، إلا أنَّه يجب أن ينظر لهذا الموضوع بشيء من الجدية والتركيز عليه أسريًّا وتربويًّا وإعلاميًّا لتوعية الأسر والمجتمع لتفادي وقوع مثل هذه الحوادث فحياة أطفالنا أصبحت في خطر ونحن مازلنا نلقي اللوم على بعضنا البعض.