وفاء ناهل - النجاح الإخباري -  محاولات مستمرة من قبل الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال، لتصفية الحقوق الفلسطينية وطمس الحقائق، وسلب الحقوق من أصحابها، كان آخرها الهجمة غير المسبوقة التي تمارسها الإدارة الأمريكية تجاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا).

ورأى مراقبون أنَّ هذه الإجراءات لم تكن مفاجئة من قبل إدارة ترامب لانحيازها الكامل لدولة الاحتلال، منذ اللحظة الأولى لدخولها البيت الأبيض، وبدأت بإعلان القدس عاصمة للاحتلال ونقلت سفارتها إليها.

تصفية الاونروا السبب سياسي

المُتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، عدنان أبو حسنة أكَّد لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ الإدارة الأمريكيّة فعليًّا قطعت (300) مليون دولار من مساعداتها المقدَّمة للأونروا منذ بداية العام وما قدَّمته فقط (60) مليون دولار، والآن قرَّرت قطع كامل المساعدات.

وأضاف أبو حسنة: أنَّ الأونروا ستذهب للعام القادم (2019) دون الـ (360) مليون دولارالتي  كانت تقدمها الإدارة الامريكية لبرنامج الأونروا العادي ولبرنامج الطوارئ، وهذا القرار الأمريكي أحدث عجزاً كبيرًا في ميزانية الأونروا قدِّر بحوالي (446) مليون دولار، واستطعنا تخفيض هذا العجز إلى (217) مليون دولار،  وافتتحنا العام الدراسي قبل أيام رغم أنَّ التمويل ينفذ هذا الشهر، ولكن هناك جهود كبرى تبذل في هذا الاطار، وسيكون هناك مؤتمر في نيويورك نهاية الشهر الحالي، تحضره الدول المانحة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، والأردن التي تبذل جهوداً كبيرة، ونأمل أن نحصل على تعاقدات تمكّننا من مواصلة عملنا حتى نهاية العام.

وتابع أبو حسنة: "بالنسبة للتهديد الإسرائيلي في القدس، لم تبلغ الأونروا رسميِّا باتّخاذ أيّ إجراءات، ولكن نحن نعمل في سوريا والأردن ولبنان وقطاع غزّة وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية حسب التفويض الممنوح لنا من الجمعية العامّة للأمم المتحدة، كما أنَّ تغير مسمى لاجئ لا يتعلق برغبات هنا وهناك  بل يأتي بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة،  كتعريف اللاجئ ولماذا وجدت الأونروا وكيف تنفذ خدمات الأونروا".

وحول الاستهداف الممنهج من قبل الإدارة الأمريكية قال أبو حسنة: "قضية تصفية الأونروا والهجوم من قبل إدارة ترامب أساسه سياسي بالدرجة الأولى فالإدارة الأمريكية ليس لها علاقة  بعمل الأونروا أو أي إصلاحات فيها، والموضوع سياسي بامتياز، وجاء بعد قرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها للقدس، لافتاً إلى أنَّ الأونروا تدفع ثمن هذا الاستقطاب الحاد والخلافات الامريكية مع القيادة الفلسطينية".

وأردف: "الإدارة الأمريكية سابقًا وخلال لقاءات  المفوض العام وكوشنير في سبتمر (2017)  كان هناك مديح كبير للأونروا وكيف تعمل ومناهجها وغرينبلات زار مدارسنا وعندما وقع المفوض العام اتفاقية مع الخارجية الأمريكية في ديسمبر الماضي تحدَّثت الخارجية عن أهمية الأونروا ودورها بالاستقرار، ولكن اليوم أصبحت الأونروا معيبة هذا التغيير له أهداف سياسية فقط، ونؤكّد أنَّ الأونروا مستمرة بالعمل ولن تسقط ولن يتم تصفيتها إذا قطع أحد المانحين (350) مليون دولار".

وحول الخطوات القادمة للتصدي لهذه الهجمة من قبل الإدارة الأمريكية تابع أبو حسنة :"نحن سنوسّع دائرة المانحين وسنواصل تقديم مبادرات خلاقة فيما يتعلق بالتمويل وسنسير بعدة اتجاهات، وأطلقنا الحملة العالمية "الكرامة لا تقدّر بثمن" لجلب التمويل وكذلك عملنا على مستوى القطاع الخاص العربي والإسلامي، و حصلنا على قرار من منظمة المؤتمر الإسلامي بان يكون لدينا موقف، وهناك محادثات مع البنك الدولي ويجب أن يكون لنا تمويل ثابت من ميزانية الأمم المتحدة وهذا الامر نعمل عليه، إضافةً لاستمرار عملية ضبط النفقات والاصلاحات".

موقف الإدارة الأمريكية لا يترتب عليه أي آثار قانونية

من جهته أكَّد الخبير في القانون الدولي د. محمد الشلالدة، أنَّ موقف الولايات المتحدة تجاه الأونروا يعتبر انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للآجئين، مشيراً إلى أنَّ تأسيس الأونروا جاء بقرار الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة بمعنى قرار دولي خاص في هيئة الأمم المتَّحدة ولا يجوز لأمريكا أن توقف أو تجمّد الدعم المادي لهذه المؤسسة، والجهة المخوّلة من ناحية قانونيّة بتسيير أعمال الأونروا هي الجمعيّة العامّة في هيئة الامم المتحدة، وبالتالي لا بد من إعادة هذه القضية إلى الجمعيّة العامّة، استناداً لقرار التقسيم".

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": "إسرائيل وجدت بقرار دولي وهو قرار التقسيم وقضية اللاجئين أيضًا بقرار( 194) القاضي بحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وهذه القضية ما زالت عالقة حتى الآن ولم تحل وفقًا لقواعد القانون الدولي لأنَّ موقفه وموقف  القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان يدعم قضية حق العودة والتعويض".

وأضاف الشلالدة: "قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتّحدة  واضح وهو يوجب عودة اللاجئين لمنازلهم بأقرب وقت، ولذلك علينا المطالبة فلسطيناً بتطبيق قرارات الشرعية الدوليّة وعلى رأسها قرار التقسيم وقرار (194) القاضي بحق العودة والتعويض".

وأردف:" لتعلن أمريكا ما تريد، الموقف المهم لنا بالقانون الدولي هو موقف هيئة الأمم المتّحدة تجاه قضية اللآجئين وفقاً لمعايير وأسس الشرعية الدوليّة،  والإدارة الأمريكية لا يحق لها أن تتدخّل في تعريف اللاجئ الفلسطيني، ويجب الالتزام بقرار الشرعية الدولية، المهم هنا أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية السلبي لا يترتّب عليه أيّة آثار قانونية تجاه قضية اللآجئين أو الأونروا، وعلينا كدولة فلسطينية أن نعيد القضية لجذورها، وهي هيئة الأمم المتّحدة ممثّلة بالجمعية العامّة للأمم المتّحدة ومجلس الأمن، وإذا ما اتّخذت  الولايات المتحدة مثل هذه القرارات المنافية لحقوق الإنسان والقانون الدولي علينا أن نعيد القضية للجمعية العامة وموقفها واضح تجاه قضية اللآجئين وأمريكا تتحمل المسؤولية القانونية الدوليّة تجاه هذا الأمر الذي يمسّ الحقوق المقدّسة للآجئين والتي ليست للبيع أو المساومة".

الهدف اسقاط حق العودة

من جهته قال المحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم: "إنَّ الاستهداف الممنهج للأونروا أهدافه واضحة وهي إسقاط حق العودة عبر تجفيف مصادر تمويل الأونروا لتنتقل من مؤسسة تمثل  القانون الدولي وقرارات الشرعية الدوليّة، لمنظمة محليّة وفي أقصى الحدود إقليمية تمول من بعض الدول العربية مؤقتاً، لأنَّ الهدف الأمريكي  هو أن يتم تصفيتها، وهذه المسألة مدروسة ووردت في إطار الرغبات التي دفعت بها إسرائيل للإدارة الامريكية وتمَّت الموافقة عليها".

وتابع سويلم في حديث لـ"النجاح الاخباري": "إسرائيل لا ترى تصفية الأونروا مرَّة واحدة، وهذا هو خلافها مع الإدارة الأمريكية حتى لا يكون هناك ردود فعل كبرى من قبل اللآجئين أو الشعب الفلسطيني، ولكن جوهر المسألة تجاوز حق الشعب الفلسطيني بالعودة عبر تصفية المؤسسة التي ترعى شؤونهم، والتي شكّلت بقرار أممي للحفاظ على هذا الحق".

وأضاف: "نحن أمام محاولة أمريكية محمومة وغير مسبوقة لتحييد وتصفية حق العودة وفصله عن الحقوق الفلسطينية وبدء الحديث بشكل صريح حول أنَّ الحق الفلسطيني يتمثل بإقامة "دويلة" صغيرة بغزّة تلحق بها "الكنتونات" السكنية بالضفة، أو إلحاق الضفة وما تبقى بالأردن عبر ما تحدّث عنه الرئيس محمود عباس حول الطلب الأمريكي أن تكون هناك كونفدرالية فلسطينية أردنية، ونحن في خضم محاولات بالتعاون مع إسرائيل لتصفية الحقوق الوطنية لشعبنا في سياق متصل ومتواصل مع ما تقوم به إسرائيل على الواقع، ويجب أن نرى خطوة الأونروا في هذا الإطار الأشمل وليس باعتبارها قضية تمويل فقط".

وأردف سويلم:" نحن ضد من يعتبر أن صفقة القرن بنود ستأتي لاحقًا لا صفقة القرن هي الحصيلة التي يتم الخروج بها بعد أن تمَّ تحييد القدس،  والمحاولات التي تتم الآن من أجل تحييد حق العودة، وأن تحصر المسألة "بكنتونات" فصفقة القرن على الأرض قائمة وتسير باتّجاهات متسارعة، بالمقابل كلّ هذا لن يجدي نفعاً مع شبعنا ولن يؤثر على حقوقه وأهدافه وقدرته على احباط كل هذه المحاولات".

يذكر أنَّ الإدارة الامريكية تشن حملة شرسة وغير مسبوقة تجاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا، تمثلت بتجميد المساعدات بشكل كامل من قبل الرئيس الامريكي دونالد ترامب، من أجل تصفية الحقوق الفلسطينية، وهدم المشروع الوطني الفلسطيني المتعلق بحق العودة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.