عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - تحركات محلية وإقليمية ودولية ومساعٍ جدية لإنقاذ الوضع الكارثي في قطاع غزة، الذي تسوده الآن حالة من الضبابية في ظل الحديث عن حل الأزمة الإنسانية من خلال تمرير صفقة القرن الأمريكية.

فجمهورية مصر العربية تعقد لقاءات عدة مع قيادة حركتي فتح وحماس لاستنهاض عملية المصالحة المُعطلة منذ تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله في شهر مارس الماضي لدى وصوله قطاع غزة، إلى جانب مقترحات السفير القطري محمد العمادي لحل أزمات غزة، وتحركات منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط ميلادينوف، إلى جانب الحديث عن مفاوضات سرية تجريها حركة حماس مع إسرائيل، بمعزل عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، الأمر الذي يفرض تساؤل في ظل هذه المجريات، قطاع غزة إلى أين..؟!

محللون سياسيون أوضحوا خلال أحاديث منفصلة لـ"النجاح الاخباري" أن هناك تحركات ومساع جادة لإنقاذ الوضع الكارثي في غزة، مؤكدين في الوقت ذاته على أن المصالحة الفلسطينية التي تحاول جمهورية مصر استنهاضها من جديد الفترة الحالية هي الحل الأمثل والوحيد لإنقاذ غزة وكل فلسطين.

وقال منسق الأمم المتحدة لعملية السلام، نيكولاي ملادينوف انه عقد اجتماعات مثمرة في القاهرة حول كيفية دعم جهود المصالحة الفلسطينية.

وأضاف ملادينوف، في تغريده عبر حسابه الرسمي في "فيسبوك": اجتماعات مثمرة في القاهرة مع النظراء حول كيفية دعم جهود المصالحة التي تقودها مصر؛ من أجل إعادة الحكومة الفلسطينية إلى غزة.

وأضاف: الجميع يركز على منع التصعيد، والتخفيف من معاناة الناس، ورسم حل سياسي.

مساعي جدية

المحلل السياسي، هاني حبيب اعتبر أن جميع التحركات المحلية والإقليمية والدولية، تأتي تحت مسمى مساعٍ جدية من أجل إنقاذ الوضع الكارثي في قطاع غزة.

وقال حبيب في تحليل خاص لـ"النجاح": إن هذه المحاولات تبدأ وتنتهي بمصالحة وطنية فلسطينية، بحيث أن اللقاءات التي تتم برعاية مصرية وتتمم بين فتح وحماس وفصائل وإصرار مصري على استنهاض عملية المصالحة وترجمة للاتفاقيات السابقة، تبدأ أولا بتمكين الحكومة في غزة، وثانيا بإلغاء كافة الإجراءات التي اتخذتها السلطة في غزة". (في إشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطة بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمدالله ومدير جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج في مارس الماضي).

وأضاف "على المستوى الآخر إن اللقاءات التي تبذلها الأمم المتحدة من خلال مبعوثها ميلادينوف تنطوي بأهمية كبيرة حيث أن أي مساعدات سواء للأونروا أو السلطة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بقطاع غزة تستهدف تغطية من قبل المجتمع الدولي معبره من خلال الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن ميلادينوف نشط في الآونة الأخيرة بلقاءات على كافة المستويات في قطاع غزة والضفة ومصر لوضع الخطوط العريضة لمثل هذه المساعدات تحت عنوان إنقاذ غزة.

وعلى صعيد آخر، فقد عبّر المحلل حبيب عن قلقه بأن ترتبط هذه المساعدات أو محاولات إنقاذ غزة، من أن تشكل هذه الشعارات ومن بوابة قطاع غزة إنقاذ لصفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية.

وتابع "من المعروف أنه ليس هناك أي شيء بالمجان وأن الأمر لا يمكن بالفصل بما هو إنساني وسياسي بما عرفنا من خلال الاشتراطات التي تضعها العديد من الدول المانحة".

وكان السفير العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة قال في مقابلة خاصة في مقر إقامته في غزة مع وكالة أنباء (شينخوا) "لا يوجد حتى الآن أي صفقة بين حماس وإسرائيل (..) هناك مباحثات بين الطرفين للوصول لهذه الصفقة بوجود الأمريكان".

وأكد العمادي أن الإدارة الأميركية طرحت مؤخرا تنفيذ مشاريع لصالح قطاع غزة تختص بتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء وتحلية مياه الشرب وتوفير عمل وتأهيل المنطقة الصناعية في غزة.

إنقاذ غزة

في ذات السياق، يرى المحلل السياسي محسن أبو رمضان أن تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية في قطاع غزة، هي من جعلت العالم يتحرك في اتجاه إنقاذه، لافتاً إلى العديد من المقترحات والمبادرات التي طرحت على الأرض لوضع حلول لغزة.

وأكد أبو رمضان في حديثه لـ "النجاح" أن جميع المقترحات تتناول الأبعاد الإنسانية في غزة، الأمر الذي أقلق السلطة الفلسطينية بخصوص فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، منوهاً إلى أن الرئيس محمود عباس رفض جميع هذه المقترحات والمبادرات التي تحاول فصل غزة عن الضفة.

وأضاف "إن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أعادوا زمام الأمور من خلال رفض هذه المقترحات، والاتفاق مع ميلادينوف بعنوان أن أي مقترحات تتعلق بقطاع غزة لا بد من وجود السلطة وليست بخارج إطارها".

وتابع "اليوم المبادرة المصرية لاستئناف جولات الحوار وأيضاً مقترحات ميلادينوف ووجوده في القاهرة والحديث مع القيادة يدلل على أن عنوان التحركات السياسية أصبح من السلطة وليست من حركة حماس في غزة".

وأشار أبو رمضان إلى أن الجميع معني وخاصة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وربما الولايات المتحدة أن تكون هناك حكومة وفاق وطني للضفة وغزة، مشدداً على أنه من مصلحة حركة حماس التجاوب مع المصالحة الفلسطينية لأنها أقل تكلفة من أي مقترحات وحتى أقل من هدنة طويلة الأمد، على حد رأيه.

وكانت حركة "فتح" حذّرت من أية حوارات ومفاوضات تجرى بخصوص الوضع الإنساني في غزة، واعتبرت هذه الصيغ التفاف حول القضية الوطنية وتمرير لصفقة القرن التصفوية.

وقال المتحدث باسم الحركة عاطف أبو سيف: إن قضية الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده هي قضية تحرر وعودة واستقلال، وإن الانتقاص من هذه القضية عبر تحويلها إلى قضية إنسانية هنا أو هناك، ليس إلا انجراراً وراء رؤية دولة الاحتلال للصراع وقبول بمنطق سلطاتها من أن الحل الاقتصادي، المرفوض وطنياً، هو أساس الحل مع الفلسطينيين.

ويتطلع الشارع الغزي إلى التحركات الجارية على أمل أن تحل أزمته الإنسانية بعيداً عن التفريط بحقوقه وثوابته التي دفع من أجلها آلاف الشهداء والجرحى.