عبد الباسط خلف - النجاح الإخباري - تتبعت الحلقة العاشرة من سلسلة (نور) لوزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية شغف السبعيني فايز صالح أبو ناصرية  بالقرءاة، ونقلت قصة الزهرة نوران عبد الحميد أبو محسن ( 8 سنوات) التي ترافق الكتب.

وسردت الحلقة التي تنظم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي تجربة أبو ناصرية وأبو محسن، في اليوم الأخير لمعرض (طوباس تقرأ) لوزارة الثقافة وبلدية طوباس ومؤسسة تامر للتعليم المجتمعي ومكتبة عصفور.

معلم وشعراء

يقول أبو ناصرية: أتذكر معلمي الأول الشيخ عبد الفتاح أبو محسن، الذي  عرّفنا على القراءة بكتاب الراحل خليل السكاكيني (راس روس)، وحفظنا في سن مبكر أشعار عبد الرحيم محمود، الشاعر الشهيد، وكنا نتسابق على القراءة، ونتباهى بها، ولا أنسى معلّم اللغة العربية خلال الثانوية العامة، أحمد كنعان، في مدرسة النجاح الوطنية، الذي علّمنا الضاد بطريقة لافتة، وحبّب القراءة إلينا، ووزع على كل واحد منا لقب شاعر أو أديب، فاجتمع معنا في الغرفة: أحمد شوقي، وبشار بن برد، وأبو تمام، وإبراهيم طوقان، وغيرهم، ويطلب منه أن يقدم سيرة حياته لزملائه بأسلوبه، وينقل الأشعار الأبرز له، ويدعنا نشارك في تقديم الحصة، وفي نهايتها يعطينا التوجيهات، ويشجعنا، وكان مهتمًا جدًا ببحور الشعر، ويحفظ الكثير من القصائد.

ووفق الراوي، فقد كان المعلم كنعان ينقل إلى التلاميذ أبيات الشعر، ويتفنن في ترديدها وتشكيلها، وحرص كثيرًا على هندامه، وحرص على الحضور كل يوم ببذلة جديدة.

امتحان ونكسة

يتابع: أول كتاب مطالعة خارجية اخترته تحدث عن القضية الفلسطينية، وأتذكر العديد من الكتب التي تنقلت بين صفحاتها، ولا أنسى قصة تقديمنا لامتحان (التوجيهي)،  يوم احتلال الضفة الغربية، فقد كنا في مدرسة عمرو بن العاص، وقبل أن ننهي من كتابة الإجابات، سمعنا أصواتا خارج القاعة، وعلمنا من المراقبين أن الحرب وقعت، وحين غادرنا المدرسة شاهدنا الناس يتراكضون في كل الاتجاهات، ويبحث الآباء عن أبنائهم، فجمعنا طلبة طوباس (كنا ست طالبات وثمانية طلاب)، وبحثنا عن سيارة تنقلنا لمدينتنا، ووجدنا السائق زياد ضبابات، الذي وضعنا في السيارة كعلبة سردين، وتركنا نابلس في حالة صعبة، وطوال الطريق كانت مشاهد الهلع واضحة، فقرب وادي الباذان تخلى كثير من الناس عن منازلهم،

ونزلوا إلى الشوارع، وحين اقتربنا من طوباس رأينا بعض العائلات ترسل الطعام لجنود الجيش الأردني، وأول ما نزلنا من السيارة راجت شائعات عن هبوط جندي إسرائيلي بمظلة في سهل قريب، وبدأ متطوعون بتسليم أسلحتهم لغرفة الدفاع المدني، التي أقيمت في مقر البلدية.

يوالي: حين وصلت البيت من نابلس قبل الظهر، انقسمت عائلتنا إلى ثلاث مجموعات، فغادر أخي عبد بالسيارة، وسرت أنا وأمي وأبي وأختي مشيًا على الطريق الرئيس الواصل إلى الغور، وأخذ أخي رفيق الباقين. وخلال مسيرنا شاهدنا الطائرات وهي تقصف الدبابات الأردنية، ورأينا مركبات محترقة وجثثًا، لا زلت أنذكر إحداها، وهي تغرق بالدم والأمعاء تخرج من مكانها، أما قلب أمي فكان موزعًا على أخوتي البعدين عنا.
ذكريات وقصص

يضيف: تقدمنا قبل النكسة لامتحانات غالبية المواد، وحرمنا من تأدية آخر امتحانين (التاريخ العام والفلسفة للفرع الأدبي)، و( الرياضيات والفيزياء للعلمي)، وحرمتنا ظروف الاحتلال من الفرح، فقد كان الأهل عادة يقيمون الاحتفالات والسمر ( التعليلة) ثلاثة أيام للناجحين، وكانت المعدلات متدنية، لكن نهاية الثانوية العامة لم تضع حدًا لشغفنا بالقراءة، وفي كل يوم أطالع الصحف الثلاث، وأنا على هذا الحال منذ نحو أربعة عقود.

وبحسب أبو ناصريا، فإن ثلاثة من أحفاد السبعة  استهلوا رحلتهم مع المطالعة، فزينة وهيام وسار يحظون بتشجيع جدهم للمضي في القراءة، وعدم التوقف عنها، أو اقتصارها بالكتب المدرسية.

وينهي: آخر كتاب أطالعه (حذاء عائشة) لسامية الخليلي الأديبة المقدسية، التي قرأت لها مجموعات شعرية ، ومجموعات قصصية للفتيات والفتيات، وأقرأ في كل مكان: البيت، والشارع، وفي بقالتي الصغيرة لبيع الخضروات، والقراءة حياة.

حب وكتب

وتبدو نوران أبو محسن، التي أبصرت النور في تشرين الثاني 2009 في غاية السعادة، وهي تستعرض قصة طفلة صغيرة محبة للمطالعة. وتقول: أقرأ القصص، وعندي مكتبة صغيرة في بيتنا، وتشجعني أمي على القراءة، ومن لا يقرأ  هو كسول، ومن يحب الكتب سيكون غنياً.

وتضيف: الشعر يكتب لإسعاد الناس، والقصص جميلة، وفيها معلومات عن كل شيء، ونتعلم منها الدروس، وأقرأ أكثر من أخوتي: عبد الله، وخليل، ومحمد، ومعمر، وسلسبيل، وأحب أن يهديني أبي وأقاربي الكتب وليس النقود، وتشجعي معلمتي سمر عبد الرازق على المطالعة كثيراً.

ووفق القارئة الصغيرة، فإنها قصص الأطفال جميلة، وتحلم أن تكون  فنانة ترسم وتبدع، وتكتب، وتقدم الجوائز لمن يقرأ أكثر؛ لأن الكتب تشبه الكنز بما فيها من معلومات وتسلية، وهي أهم من الهواتف النقالة، وشبكة الإنترنت، التي تضيّع الوقت.

وتروي مديرة مدرسة الثغرة الأساسية المختلطة، هيلدا دراغمة: بالرغم من أن مدرستنا للصفوف من الأول إلى الرابع الأساسي إلا أننا دخلنا في تحدي القراءة، ونشجع نوران وطلبتا على القراءة باستمرار، وننقل  حب المطالعة إليهم، ونخصص الإذاعة المدرسية لتنمية هذا الشغف.

تكمل: تضم مدرستنا 146 طالبًا وطالبة، ونستثمر كل مناسبة لدفعهم نحو القراءة، وأحضرناهم لمشاهدة معرض الكتاب، وسندعمهم حتى تصبح القراءة عادة يومية لديهم، ونوفر لهم القصص التي تتناسب وأعمارهم.

عناوين ومؤلفات

وتبعًا لمنسقة مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي في طوباس رماح أبو زيد، فإن معرض طوباس تقرأ جاء لسد احتياج المحافظة لحراك ثقافي، ولتكريس القراءة باعتبارها عادة يومية، وسعدنا بعدد الزوار الذي فاق خمسة آلاف، وبحجم الكتب المباعة، وعرضنا نحو 4 آلاف عنوان.

تقول: خصصنا زاوية لكاتبتين من طوباس: د. سونيا النمر وقصصها (أولها وآخرها خيال) و(رحلات عجيبة في البلاد الغريبة)، و(طائر الرعد)، وللشابة رنين دراغمة ( عتاب وعذاب)، ونأمل أن نستضيف في معارض قادمة إبداعات عديدة  لمبدعين من المحافظة.

بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، عبد الباسط خلف إلى أن سلسلة (نور) تنقذ منذ مطلع العام الحالي، وتخصص للإبداعات والشؤون التربوية، وقد سبقها تسليط الضوء على حكايات تعليمية في إطار برنامج (أصوات من طوباس)، الذي نقل 25 قصة لمربين ومبدعين ومعارض ومبادرات ومؤسسات تربوية لافتة في المحافظة.